الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم السريع

20 مايو 2010 21:35
قبل سنوات خلت، كان الطفل الصغير وسط أسرته، يدرس في كتب إخوانه الكبار الذين سبقوه للدراسة، كراسة وكتيب يضمان ما تيسر من الذكر الحكيم في سوره القصيرة، ولا يلج الطفل المدرسة إلا حين يصل عمره سبع سنوات. يستنفد كل طرق اللعب، يتعلم أبجديات الحياة من منابعها، يتعرف إليها ويعرف كنه نفسه من خلال الترفيه، بعيداً عن الضغط يأخذ وقته كاملاً في تهجئة الحروف وتشكيلها دون استباق الأحداث، خطوة خطوة يسير في سراديب الحياة والدراسة، له متسع من الوقت للتساؤل والتأمل في ملكوت الخالق من حوله، بعد أن يتشكل جزء يسير من تفكيره وشخصيته يدخل المدرسة، باستعداد كامل يستقبل الدروس مطمئناً للمعلم، الذي كان مبجلاً آنذاك، وكثيراً منهم عرفوا النجاح في حياتهم على بساطة طرق التعليم، والمواد المستعملة في مناهجه، وزراء نواب ومشايخ علم ودكاترة ومهندسون، وكثير منهم اقتحموا الفضاء. أما اليوم، فالطفل ذو الثلاث سنوات، يبدأ أهله في البحث عن مدرسة تعلمه وتوجهه، ليبدأ تعليمه مباشرة، من دون مقدمات، بأصابعه الرخوة يتعلم الضغط على القلم، وبعينيه اللتين لم يكتمل نموهما بعد ينظر إلى الكتب ويتطلع إلى اللوحات المرسومة أمامه، ويبدأ تقييمه من البداية، فنحكم عليه بالنجاح أو الفشل في حياته المستقبلية، ومن المفروض حسب المتبع حالياً، أن ينطق كل الحروف ويتهجى الكلمات ويربط بينها، في سن الخامسة، بل يتحتم عليه أن يقرأ بعض القصص القصيرة، وسنه لا يتجاوز 7 سنوات، وكثير من المدارس التي تتبع بعض المناهج الأجنبية، تعمل على ضخ المعلومة إلى الطفل من خلال الكتب الكثيرة المتوفرة لديه دون تدرج وتريث وحفر في الذكرة، يرجع محملاً للبيت بأكثر من 20 تمريناً وواجباً، يتخطى المراحل ويقفز عليها، ومن الصف الأول يدرس العلوم ويبحر فيها، والرياضيات ويفك طلاسمها، والعربية يفهم بحورها، وغيره كثير، صراع محموم، ولا وقت فراغ للطفل يتأمل منه الوجود، وينمي منه مهاراته المعرفية والحياتية، وإن تخلف قليلاً يصبح عنده تراكم غير معرفي وتراجع فكري، قد يدفع ثمنه طوال حياته الدراسية، خصوصاً أن المعلم قد يأخذ منه موقفاً كونه متخلفاً عن أصدقائه، وكذا زملاءه بالصف، كل هذا يؤثر عليه نفسياً ويسبب له تراجعاً في قدراته الفكرية والمعرفية. والمشكل لا يكمن في الأهل الذين يودون إدخال أبنائهم في سن مبكرة للمدارس، حيث يستعجلون تعليم دراستهم كما يزعم البعض، وإنما هو اتباع سياسة تعليمية في منظومتها الكاملة، فإذا كان الجميع متفقون على سن الدراسة فلا يمكن للأب التقاعس رغم إيمانه الأكيد بأن الطفل يجب أن يأخذ وقته كاملاً في اللعب والتعليم عن طريق اللهو والتعرف بالتالي إلى مهاراته ومواهبه، واكتشاف قدراته، فلا يمكن التراجع عن خيار اتخذه الجميع سبيلا، فإن تخلف الطفل من الناحية العمرية عن زملائه فهذا أيضاً يسبب أزمات نفسية، كل هذا أدركه بعض المتخصصين، وقرروا حل المشكلة ولو جزئياً، وذلك باعتبار سن السادسة سناً قانونياً للدراسة، وذلك تجنباً لمشاكل تطرح دائماً في صفوف الأطفال، مع أن هناك حالات استثنائية تستدعي التقدير، فكثير من الطلبة الصغار نبغوا في حفر الحروف وتجسيد المعاني وكانوا متألقين على جميع الأصعدة، فلو تحسن سن الدراسة قد يكون العطاء ربما أكبر، وهذا ما يتفق عليه البعض مؤخراً. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©