الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: خدمة المرأة لزوجها رعاية ومودة.. وليست سُخرة

علماء الدين: خدمة المرأة لزوجها رعاية ومودة.. وليست سُخرة
20 مايو 2010 21:41
أكد علماء الدين أن خدمة المرأة في بيت زوجها رعاية ومودة وليست سخرة، وذلك رداً على فتوى ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية وأثارت جدلاً تقول إن خدمة الزوجة في بيت زوجها لا تجب عليها بنص الشرع، وإن هذه الخدمة لا يقتضيها عقد الزواج، لكن عادات المجتمع العربي والإسلامي، وقد وصف بعض العلماء هذه الفتوى بأنها تتوافق مع توجهات الغرب في تمكين المرأة وتمييزها على الرجل. وكان الدكتور علي جمعة قد أفتى بأن خدمة الزوجة في بيت زوجها لا تجب بنص الشرع، وأن هذه الخدمة لا يقتضيها عقد الزواج، وأن رعاية المرأة لبيت زوجها وخدمته تجب عليها إذا فعلتها عن طيب خاطر ولا يحق للزوج أن يجبرها على ذلك. وظيفة البيت واعترض الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح، الأستاذ بجامعة الأزهر، على تطبيق هذه الفتوى في زماننا هذا، وقال: عندما يتزوج الرجل المرأة، فإنه يهدف بهذا الزواج إلى السكن، ومن السكن أن تقوم الزوجة بواجباتها المنزلية، قال تعالى في سورة الروم: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” آية 21، فالمودة والرحمة والسكن لا تتحقق إلا بالاحتكاك بين الزوجين في التعامل، فإذا لم تقم الزوجة بأعمال البيت فكيف يحدث هذا الاحتكاك؟ وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد وتبين أن المرأة يجب عليها أن تقوم بوظيفة البيت. وأضاف الدكتور السايح: إذا اشترطت المرأة على زوجها في عقد الزواج أن يأتي لها بخادمة، فينبغي عليه أن يوفي ما جاء في العقد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمنون على شروطهم”، ولكنه ليس شرطاً من صحة عقد الزواج، ويجب على المرأة أن تخدم زوجها من دون النص على ذلك في العقد، ولذلك سماه الله ميثاقاً غليظاً، حيث قال تعالى: “وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً” سورة النساء 21. الشيخ منصور الرفاعي عبيد من علماء وزارة الأوقاف المصرية قال: تحدث العلماء حول هذا الموضوع انطلاقاً من قوله تعالى: “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف” سورة البقرة 233، وكذلك قوله تعالى “لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً” الطلاق 7. وقالوا إن المرأة يتزوجها الرجل لتكون أنس نفسه وموطن رعايته، وبالتالي هي تبادله الرعاية الكاملة من كل جوانب الحياة، والرجل مكلف بالعمل والسعي وتحصيل الأموال وإنفاق هذا المال على البيت لتهيئة جو آمن تسوده المودة والمحبة والرعاية. راعية في بيت وأضاف: تساءل العلماء: هل على الزوجة أن تقوم بخدمة المنزل؟ البعض قال لا؛ لأنه يجب عليها أن تهتم بنفسها حتى تكون موطن رعاية زوجها ثم تقوم بإنجاب الأولاد ورعايتهم وتدبير شؤونهم وشؤون المنزل إدارياً، وهناك فريق آخر من العلماء استند لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”، ومعنى كلمة راعية في الحديث أي مشرفة ومدبرة ومخططة ولها دور في رسم الميزانية العامة للأسرة والتخطيط القائم على الانضباط والموازنة بين الدخل والمصروف. وقال الشيخ منصور: إذا نظرنا إلى الرأيين، نجد أن البعض أعفى المرأة من المسؤولية المنزلية، مع أن حديث رسول الله يؤكد مسؤوليتها، ولكن إذا لم يكن لدى الرجل مال للإنفاق على الخدم، فإن المرأة في هذه الحالة شريكة للزوج في الأسرة فهو مسؤول عن تدبير المال، وهي مسؤولة عن عمل المنزل من غسل الملابس وطهو الطعام وتهيئة البيت تهيئة كاملة امتثالاً لقوله تعالى “لينفق ذو سعة من سعته”، إذن في كل الأحوال من قال إن المرأة لا تعمل في بيتها ومن قال إن عليها التخطيط والرعاية ومن قال إن عليها العمل في بيت زوجها كل هذه الآراء تتفق مع منطق الشرع. وأشار إلى أن المرأة العاقلة هي التي تقوم برعاية بيتها ومراعاة حال زوجها ومعاونته بكل ماتستطيع؛ لأن الأسرة مؤسسة اجتماعية تقوم على المشاركة بين الزوجين ويد الله معهما بالعناية والتوفيق والرعاية ما لم يخن أحدهما الآخر أو يهمل في أداء وظيفته الاجتماعية داخل الأسرة فالزوجة موظفة في بيت زوجها بما يوكل إليها وما تتطلبه هذه الشركة والرجل كذلك حتى تنهض الأسرة وترقى. المعاشرة بالمعروف وأوضح الدكتور محمد نبيل غنايم، رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، أن الأصل في العلاقة الزوجية هو المعاشرة بالمعروف كما قال تعالى: “وعاشروهن بالمعروف”، وقال تعالى في سورة البقرة: “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم” الآية 228. وقال: لو كانت هناك كراهية في بعض المواقف بين الزوجين، فإن الشرع يوضح ذلك في قوله تعالى: “وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” النساء 19، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يفرك مؤمن مؤمنة ان سخط منها خلقاً رضي منها خلقا آخر”، وفي إطار المعاشرة بالمعروف تنبت المودة والرحمة وتسود السكينة والتفاهم بين أفراد الأسرة؛ ولذلك يأتي أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد أن تخبر النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله، وقال صلى الله عليه وسلم: “لو كنت أمراً أحداً بالسجود لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها”. وأوضح الدكتور غنايم أن هناك فرقاً بين الرعاية والخدمة، فرعاية المرأة لبيت زوجها وأبنائه وأسرته وماله فريضة عليها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”، أما الخدمة فهي التي يراد بها إعداد الطعام وغسل الملابس ونظافة البيت أو مايتعلق بمتطلبات الحياة، فإنها قد تكون شاقة على المرأة وليست من متطلبات أو من آثار عقد الزوجية ولكنها من باب المعاشرة بالمعروف. وأضاف: هناك من الفقهاء من يرى أن هذه الخدمة ليست واجبة، ولكنها من باب المعاشرة بالمعروف، واستدلوا على ذلك بأن السيدة فاطمة الزهراء ذهبت إلى والدها رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب خادماً يساعدها في أعمال البيت بعد أن اختلفت مع زوجها علي بن أبي طالب فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستعين بذكر الله والتسبيح والتحميد، والبعض الآخر يرى أن تلك الخدمة واجبة على الزوجة لأن الحياة الزوجية لا تستقيم بغير ذلك، والطاعة والرضا لا يتحققان إلا بخدمة المرأة لزوجها، واستدلوا بما كانت تقوم به السيدة أسماء بنت أبي بكر فقد كانت تقوم بحمل النوى وخدمة فرس زوجها الزبير ابن العوام، وقالوا أيضاً إن الزوجة تفعل ذلك برغبتها ودون إيجاب عليها بدليل ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أنه كان يرقع ثوبه ويحلب شاته حتى إذا جاء وقت الصلاة خرج إليها فإذا كان هذا واجباً على أمهات المؤمنين ما كان ليفعله رسول الله. الزوجات العاملات أكد الدكتور زكي عثمان، رئيس قسم الدعوة بجامعة الأزهر، أن توفير الرجل خادمة لزوجته حق لها. وأوضح أن المرأة حينما تطهو وتنظف منزلها وتدير البيت، فهذا يكون برغبة منها، وإن كانت المرأة تخدم في بيت أهلها قبل الزواج فيجب على الزوج أن يأتي لها بخادمة وما نراه الآن هو عبارة عن تراض بين الزوجين، فليست المرأة آمة تستغل أو تستعبد، ولكن من قبيل الرحمة أن تكون مشاركة في تربية الأبناء ومصدر السكن لزوجها بأن يأكل من يدها فهي تطعم معدته وتسكن قلبه ويسكن إليها. ويرى الدكتور غنايم أن خدمة المرأة لزوجها من باب المعاشرة بالمعروف والتي لا تستقيم الحياة بغيرها ولا يتحقق الرضا المطلوب بين الزوجين، ولا تقوم المودة والرحمة والسكينة إلا بذلك، ولكن ليس على سبيل الوجوب إنما على سبيل الاستحباب. وطالب الرجال بمساعدة زوجاتهم في رعاية البيت والأبناء؛ لأن الأمر مشترك بينهما وإذا كان الراجح في الماضي هو الخدمة فإنما كان ذلك حينما كانت المرأة لا تخرج للعمل، أما أنها الآن تخرج للعمل كثيراً وتتعرض للمشقة والإرهاق، وأصبح عمل المرأة ضرورة لبعض الأسر، فمن غير المعقول أن تتحمل مشقة العمل والبيت معاً، ولذلك ليس على الزوجات العاملات الخدمة في البيت إلا برغبة وتطوع مع تعاون من أزواجهن امتثالاً لقوله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©