الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خلافات فرنسا وألمانيا حول السياسات الاقتصادية تهدد اليورو

خلافات فرنسا وألمانيا حول السياسات الاقتصادية تهدد اليورو
20 مايو 2010 22:06
أثار تحرك ألمانيا للحد من المعاملات التي تنطوي على مضاربة شكوكاً حول قدرة أوروبا على بناء نوع من الحوكمة الاقتصادية يعتقد الكثيرون أنه ضروري الآن لبقاء اليورو. وفاجأت الخطوة فرنسا وأظهرت كيف يعاني أكبر اقتصادين في منطقة اليورو لتنسيق السياسة خلال أزمة الديون التي ضربت العملة الموحدة. وقال ألكسندر لو كبير خبراء الاقتصاد لدى اكزيرفي للاستشارات في باريس “سيتعين على فرنسا وألمانيا توحيد آرائهما وإلا فسيتفكك اليورو”، وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مراراً منذ تفجر أزمة ديون اليونان إنه يتعين على دول منطقة اليورو الآن وضع معايير وممارسات اقتصادية مشتركة إذا أرادت لعملتها أن تزدهر، لكن هذا المفهوم كشف خلافات جوهرية بين باريس وبرلين إذ تتحدث فرنسا عن “حكومة اقتصادية” وهو ما أثار انزعاج برلين التي تفضل الحديث عن “حوكمة اقتصادية”. وتعطي كلمة “حكومة” الانطباع بأن جهة خارجية ستملي السياسة الاقتصادية بينما تثير كلمة حوكمة في أذهان الألمان فرص إنشاء هياكل وإطار عمل وفرض عقوبات. وقالت اورليك جويروت رئيسة مكتب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين “نأتي من اتجاهين مختلفين تماماً”، وأضافت “إذا جئتم من اتجاهين مختلفين تماماً فمن المؤكد أن تصطدموا ببعضكم.. لكنني آمل أن يكون هناك حوار بناء”. وفي قلب الأزمة توجد تناقضات أساسية بين فرنسا وألمانيا بشأن التنمية الاقتصادية بلا حلول سهلة تلوح في الأفق، وأجرت ألمانيا إصلاحات صعبة لخلق آلة تصدير فعالة والتي تتسبب في اختلالات في الموازين التجارية لا يمكن تحملها في أنحاء منطقة اليورو. وفي الوقت الذي تسجل فيه ألمانيا فوائض تجارية لا نهاية لها فيما يبدو يسجل كثير من جيرانها - ومن بينهم فرنسا - عجزا تجاريا بمليارات اليورو. وبالنسبة لباريس فالإجابة واضحة.. على ألمانيا تعزيز الطلب المحلي وخفض الضرائب لتشجيع الواردات، أما بالنسبة لبرلين فالدول الأخرى هي التي تمتلك الإجابة إذ ينبغي ببساطة أن تحذو حذوها وفي الأساس بخفض الأجور. ويقول مسؤولون فرنسيون في أحاديث خاصة إن ألمانيا تجتذب الشركات والاستثمارات نظراً لأنه ليس لديها حد أدنى للأجور، بينما يقول الألمان إنهم فخورون بهذه الإدارة الاقتصادية القوية. ويحمل المستقبل معارك كبرى أخرى في الوقت الذي تكافح فيه منطقة اليورو للتعافي من الركود القاسي الذي عانت منه العام الماضي وتحاول السيطرة على مستويات العجز والديون. ويقول هنري جواينو أحد كبار مستشاري الرئيس ساركوزي إن منطقة اليورو يمكن أن تستفيد من موجة من التضخم المحكوم لتخفيف الضغط وهو ما لا يرضي ألمانيا. وقالت جويروت “الفرنسيون يقولون ما المشكلة في تضخم بنسبة اربعة في المئة؟’.. سيكون تضخما تنافسيا.. لكن تضخما بنسبة أربعة بالمئة يعني كارثة بالنسبة للألمان”، واعتقدت فرنسا أنها فازت بالجولات الاولى لمعركة انشاء إدارة اقتصادية أكثر تجانسا عندما وافقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخيراً هذا الشهر على حزمة انقاذ قيمتها تريليون دولار لتحقيق استقرار العملة. وقال مسؤولون فرنسيون إن ألمانيا أدركت أخيراً المخاطر وأصبحت مستعدة للرضوخ لمطالب شركائها وحل التوترات الاقتصادية المستمرة منذ فترة بالاتحاد الأوروبي. وعقد ساركوزي المنتشي بالنصر مؤتمراً صحفياً في بروكسل وخلفه أعلام دول منطقة اليورو الستة عشر بدلاً من علم الاتحاد الأوروبي المعتاد ليعلن تحسن التنسيق. وصورته الصحافة الألمانية على أنه المنتصر، وقالت صحيفة برلينر تسايتونج في عنوان رئيسي “ساركوزي.. ملك أوروبا الجديد” مضيفة أن الحوكمة أو حتى الحكومة الاقتصادية تبدو الآن حتمية. وتابعت الصحيفة “... لقد فشل جابي الضرائب الألماني. الفرنسيون في القيادة من الآن فصاعداً”. وأحرج اعلان ألمانيا حظر البيع على المكشوف لعدد من الأصول كثيراً من شركائها الأوروبيين الذين كانوا يأملون أن تتعلم برلين بعد العمل المنسق في حزمة الانقاذ ألا تقدم على الخطوة منفردة. وقال جان بيير جوييه رئيس الهيئة المنظمة لأسواق المال في فرنسا والذي ينظر إليه على أنه مقرب من ساركوزي “اتخذت ألمانيا هذا القرار لأسباب ألمانية خالصة تتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد”، وأبلغ رويترز بصراحة غير معهودة أن مثل تلك التحركات الفردية قد تضر باليورو، وقال إن اليورو “لن يكون في خطر ما دامت هناك حوكمة منظمة ولذلك فإن أي ارتباك سيتسبب في إضعاف اليورو لا تعزيزه”. لكن فرنسا وجيرانها الجنوبيين على البحر المتوسط - وجميعهم يكافحون للسيطرة على مستويات العجز - يواجهون حقيقة غير مريحة هي أن ألمانيا أغنى دولة في التكتل وتتمتع بثقل أكبر من اي دولة في المنطقة وأنها لن تتراجع. ولذلك ستمارس ألمانيا هذا النفوذ عندما يصل الأمر إلى مناقشة شكل جديد للحوكمة الاقتصادية في أوروبا. برلين تسعى إلى ضبط صارم للموازنات الأوروبية برلين (ا ف ب) - تنوي ألمانيا فرض نظام معزز لضبط الموازنات الحكومية في الاتحاد الاوروبي يتمثل بمقترحات مثيرة للجدل تتراوح بين فرض عقوبات جديدة والطرد من الاتحاد النقدي، بعدما وافقت على دفع أموال لدول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات. ويفترض ان تبدأ المناقشات بعد ظهر اليوم (الجمعة) في بروكسل بمناسبة اجتماع وزراء المالية الأوروبيين برئاسة رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فون رومبوي. وستعقد اجتماعات اخرى في الاشهر المقبلة قبل عرض المقترحات المتوقع في الخريف، وتعهدت كل الدول الاوروبية مبدئيا تعزيز ميثاق الاستقرار الذي يفترض ان يحد من العجز لكنه انهار مع الأزمة. الا ان الآراء حول الوسائل مختلفة. وستقترح ألمانيا تجميد الدعم المالي للدول التي تسمح لعجز في ميزانياتها بالارتفاع بشكل كبير وهو خيار فكرت فيه المفوضية الأوروبية. وقال مسؤول الماني كبير طالباً عدم كشف هويته إن «الذين ينتهكون بشكل منهجي القواعد يجب ان يعاقبوا بخفض الدفعات الأوروبية ان لم يكن بوقفها»، وتريد المانيا الذهاب ابعد من ذلك بطلبها تعليق حقوق التصويت لمدة سنة على الاقل في القرارات التي تتخذ على مستوى الاتحاد الاوروبي مما سيعزل الدول التي تواجه صعوبات في أوروبا. كما تقترح برلين على شريكاتها ان تحذو حذوها عبر تحديد سقف للعجز في دساتيرها الوطنية ووضع إجراءات لاعلان افلاس الدول التي تعاني من مديونية كبيرة والتي لا يكون لديها خيار بعد ذلك سوى الخروج من منطقة اليورو. وقال توماس سيلبربون النائب عن تحالف الاتحادين المسيحيين بقيادة المستشارة انجيلا ميركل عضو لجنة الشؤون الأوروبية في مجلس النواب إن «اي بلد ليس من الممكن مساعدته لن يكون لديه خيار آخر سوى الرحيل وهذا من مصلحته»، لكن المشكلة هي ان عددا كبيرا من الدول بينها فرنسا والمفوضية الاوروبية متحفظة جداً على هذا الخيار «النووي». وهو يتطلب تغييراً في المعاهدة التي تحكم الاتحاد الاوروبي، مثل فكرة تعليق حقوق التصويت. وتعارض المفوضية ودول أخرى هذا الخيار خصوصاً بعد الولادة العسيرة لمعاهدة لشبونة.
المصدر: باريس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©