السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات البريطانية.. الهجرة رهاناً

24 مارس 2015 21:42
يشتد وطيس معركة الحملة الانتخابية بين الحزبين الرئيسين في بريطانيا، «المحافظين» و«العمال»، قبيل الانتخابات المزمعة في السابع من مايو المقبل، وتدور رحى المعركة في الميدان المعتاد دائماً: حيث الحديث عن الملائمة الاقتصادية لــ«المحافظين» في مقابل العدالة والخدمات الصحية القوية لـ«العمال»، ولكن ثمة غرابة في الحملة الانتخابية تقتضي بعض التوضيح. فبغض النظر عما يقوله كل طرف، أو مدى التحسن الكبير في الأخبار الاقتصادية، بدت استطلاعات الرأي مستقرة خلال الأشهر القليلة الماضية. ولا يزال الحزبان الرئيسان كفرسي رهان، بينما يتضاءل الأمل في تمكن أحدهما من القدرة على الحكم بمفرده. وأحد أسباب ذلك هو وجود قضية بعينها غيرت المشهد الانتخابي في المملكة المتحدة.. ربما للأفضل. وأعاد الجدل الدائر بشأن الموازنة والمعركة الانتخابية بين «العمال» و«المحافظين» الحديث عن المعركة الأيديولوجية الطويلة في المملكة المتحدة بشأن حجم القطاع العام. واندلعت تلك الحرب في حقبة السبعينات، عندما دفع التراجع الاقتصادي «مارجريت تاتشر» إلى السلطة، ومن ثم قلصت حجم القطاع العام، وقوته العاملة بأقصى ما استطاعت. وما دفعها إلى القيام بذلك في الأساس أسباب ذات صلة بالأيديولوجية الاقتصادية (وقد برهنت صحتها)، ولكن كانت هناك أيضاً أسباب سياسية: ذلك أن موظفي القطاع العام يميلون إلى التصويت لحزب «العمال» أكثر من «المحافظين»، وكذلك الأشخاص الذين يؤجرون مساكن مدعومة من الحكومة. لذا فإن دفع مزيد من الناس إلى القطاع الخاص وجعلهم أصحاب منازل (مثلما فعلت «تاتشر» عن طريق السماح لهم بشراء الشقق التي تمتلكها الدولة) كان منطقياً على الصعيد السياسي. ويمكن تعقب تلك المعركة الأيديولوجية من خلال كشوف رواتب القطاع العام. ففي ظل إدارة «تاتشر»، تراجع عدد موظفي القطاع العام من 7.4 مليون شخص (30? من إجمالي الأيدي العاملة) إلى نحو ستة ملايين شخص (23?)، حسب تقرير مفصل صادر عن معهد الدراسات المالية، وأما خليفتها في المنصب «جون ميجور»، فقلص عدد الموظفين بدرجة أكبر إلى 5.5 مليون شخص. وعندما عاد حزب «العمال» إلى السلطة، تحت قيادة «توني بلير» و«جوردون براون»، عكس الاتجاه. وبحلول منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، عاد تعداد موظفي القطاع العام إلى أكثر من ستة ملايين شخص. وأما اليوم بعد أربعة أعوام على عودة حكومة المحافظين، تراجع مرة أخرى إلى 5.4 مليون، أي ما يناهز 20? من القوة العامة، وهي أدنى حصة في خمسين عاماً. ولو استمر «المحافظون» في السلطة، فإنها ستتراجع بدرجة أكبر، ربما إلى أقل من 15 في المئة، بحسب معهد «الدراسات المالية». وهذا هو ما يوضح سبب الاتهامات الغاضبة التي يكيلها حزب «العمال» لحكومة «كاميرون» ووصفها بأنها «متطرفة». ولأن البريطانيين يميلون بشدة إلى حماية الخدمات الصحية الوطنية، يحذر زعيم «العمال» إد ميليباند من أن أية حكومة جديدة يقودها «المحافظون» ستدمر جودة الرعاية الصحية وتهدد وظائف الأطباء والممرضين العاملين في القطاع العام. وخلال المناظرة التي استمرت نصف ساعة بين «ميليباند» و«كاميرون» أمس، قبل إصدار الموازنة، كانت جميع الأسئلة التي وجهها «ميليباند» إلى كاميرون بخصوص الخدمات الصحية الوطنية. وفي كل مرة كان «كاميرون» يجيب بأنه حاول تحويل التركيز على نمو الوظائف القياسي (في القطاع الخاص)، الذي كشفت عنه التقارير. وفي هذه الأثناء، تضمنت الموازنة الجديدة مزيداً من الوسائل لتمكين الناس من شراء منازل خاصة. بيد أن الانتخابات المقبلة، على النقيض من السابقة، قد لا يتم حسمها بناء على تلك المعركة الأيديولوجية القديمة التي تعود إلى عقود؛ ذلك أن مصدر القلق الأول للناخبين في الوقت الراهن هو الهجرة، الأمر الذي استغله حزب الاستقلال البريطاني لتحقيق زيادة كبيرة في تأييده ـ من ثلاثة في المئة أثناء انتخابات عام 2010 إلى 18? في استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة «بوبيولوس» في مارس الماضي، في حين كانت نسبة تأييد «المحافظين» عند 29? والعمال عند 32?. ولم يثر أي من حزبي «المحافظين» أو «العمال» قضية الهجرة أثناء مناظرة أمس، لأنهما يدركان أنهما لا يستطيعان مجاراة حزب «الاستقلال» بشأنها. وفي حين من المستبعد أن يفوز حزب «الاستقلال» بكثير من المقاعد بسبب تقلبات النظام الانتخابي البريطاني، إلا أن نجاحه في سحب مزيد من الأصوات من ذلك الحزب أو ذاك ـ من خلال تركيزه على قضية الهجرة ـ يمكن أن يؤرجح كثيراً من المقاعد بين الأحزاب في الثامن من مايو المقبل. مارك تشامبيون * محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©