الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القضاء الفيدرالي... وتحقيق العدالة

24 مارس 2013 23:22
السيناتورة دايان فاينستاين رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي شكل توجيه الاتهام رسمياً لسليمان أبو غيث في قاعة محكمة نيويوركية مؤخراً لحظة مهمة في الجهد المتواصل لإحالة أعضاء كبار في تنظيم «القاعدة» على العدالة. غير أن تلك ليست بالضرورة هي الطريقة التي ينظر بها الجميع إلى محاكمته، حيث يقول المنتقدون إنه كان ينبغي إرسال أبو غيث إلى جوانتانامو من أجل اعتقاله واستجوابه هناك كمقاتل عدو، ويعارضون محاكمته في الولايات المتحدة كـ«مجرم عادي». غير أنني لا أتفق معهم؛ لأن سجل محاكمنا الجنائية الفيدرالية الأميركية لا مثيل له. والواقع أن قضية أبو الغيث تمثل فرصة ممتازة لنري العالم شكل العدالة الأميركية، وأنا لدي الثقة الكاملة في أن المدعين الفيدراليين في الدائرة الجنوبية لنيويورك مؤهلون لنيل حكم بالإدانة، من المرجح أن يأتي بحكم يقضي بالسجن المؤبد. ثم إننا لا نعدم أيضاً التجربة في محاكمة الإرهابيين بمحاكم مدنية. فقد حقق نظامنا القضائي الجنائي 438 حكم إدانة في قضايا تتعلق بالإرهاب منذ الحادي عشر من سبتمبر، وفق وزارة العدل. والعديد منها صدرت عن المحكمة نفسها حيث سيحاكَم أبو الغيث. ومن بين الإرهابيين الدوليين الذين أحيلوا إلى العدالة في محاكم أميركية هناك «الشيخ الكفيف» عمر عبدالرحمن، و«الخاطف رقم عشرين» زكريا الموسوي، و«المنفذ صاحب الحذاء» ريتشارد ريد؛ وجميعهم يقضون حالياً عقوبات طويلة بالسجن في سجون فيدرالية مشددة الحراسة. إن أحد الأسباب القوية لمحاكمة أبو الغيث في محكمة مدنية يكمن في حقيقة أنه يمكن أن يكون من الصعوبة بمكان متابعته قضائياً بتهمة التآمر في محكمة عسكرية في جوانتانامو. ففي يناير الماضي، قال العميد مارك مارتنز، كبير ممثلي الادعاء في المحاكم العسكرية، إنه لن توجه إلى المعتقلين تهم التآمر كجريمة مستقلة، بسبب قرار لمحكمة الاستئناف الأميركية بدائرة مقاطعة كولومبيا في أكتوبر عام 2012 في قضية سليم حمدان. ويقول مارتنز إن ذلك الحكم خلق حالة عدم يقين قانونية بشأن ما إن كان التآمر يمكن أن يتهم به كجريمة مستقلة عن تصرف سابق لـ2006. هذا في حين أن تهم التآمر كثيرة وشائعة في المحاكم الجنائية الفيدرالية. المنتقدون أشاروا أيضاً إلى أن المستجوِبين في جوانتانامو قد يحصلون من أبو غيث على قدر أكبر من المعلومات الاستخبارية المفيدة مقارنة مع ما سيأتي من خلال المحاكمة الجنائية. ولكن الحقيقة هي أن النظام القضائي الجنائي يمثل وسيلة مفيدة لجمع المعلومات الاستخبارية. ذلك أن المتهمين في قضايا الإرهاب بالمحاكم الفيدرالية يقدمون معلومات استخبارية قيمة للغاية -من قبيل أرقام وعناوين البريد الإلكتروني المستعملة من قبل أعضاء «القاعدة»، ومعلومات حول تقنيات التجنيد والتمويل، ومواقع معسكرات التدريب، والمنازل الآمنة والإرهابيين، وأسماء العملاء المشاركين في هجمات سابقة أو مخطط لها، وتفاصيل مؤامرات جارية -وذلك لأن المتهَمين الذين يرسَلون إلى جوانتانامو لديهم حوافز أقل للتحدث. وعلاوة على ذلك، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي، الـ«إف بي آي»، قام خلال السنوات الأخيرة بتحديث سياساته بقصد السماح بإجراء عمليات الاستجواب الأولى للإرهابيين بدون الحاجة إلى قراءة «حقوق ميراندا» (إبلاغ الموقوفين بحقوقهم الدستورية قبل استجوابهم)، وذلك تحت استثناء من أجل السلامة العامة معترف به من قبل المحاكم. غير أنه حتى عندما تمنح هذه الحقوق، فإن المستجوِبين المهرة يستطيعون إجراء عمليات الاستجواب بطرق توفر معلومات استخبارية قيمة. وقد أخبر مدير الـ«إف بي آي» روبرت مويلر لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بأن قراءة الحقوق على مشتبه في صلته بالإرهاب لا تعيق قدرة العملاء على جمع المعلومات الاستخبارية، بل إن «قدرة النظام القضائي الجنائي على توفير معلومات استخبارية كثيراً ما يتم تجاهلها»، يقول مويلر، الذي أشار في هذا الصدد إلى ثلاث قضايا إرهاب تم النظر فيها من قبل محكمة جنائية فيدرالية، وكانت «بارزة من حيث المعلومات الاستخبارية التي وفرتها». كما أظهرت المحاكمات الجنائية أنها تمثل طريقة أكثر فعالية لتحقيق العدالة. ولنقارن ذلك مع نظام المحاكم العسكرية في جوانتانامو، الذي لم ينهِ معاناة عائلات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر. فقد وُجهت للمتآمرين الخمسة في هجمات الحادي عشر من سبتمبر المعتقلين في جوانتانامو تهم رسمية، ولكن محاكمتهم ظلت معلقة لسنوات بسبب رفع المقترحات، وكتابة المساطر القانونية وإعادة كتابتها، وتقديم الاستئنافات والطعون في عدد من المواضيع. ثم إنه حتى عندما كانت ناجحة، فإن المحاكم العسكرية لم تفض في حالات كثيرة إلى عقوبات سجنية طويلة. وعلى سبيل المثال، فإن ثلاثة من الإرهابيين السبعة المدانين في محاكم عسكرية منذ الحادي عشر من سبتمبر أُفرج عنهم من جوانتانامو وباتوا أحراراً في بلدانهم -اليمن وأستراليا والسودان. هذا في حين يمكن الإفراج عن الرابع من جوانتانامو هذا العام، ويقضي الخامس ما تبقى من عقوبته في كندا، بينما توجد قضية السادس في الاستئناف. والأكيد أن المحاكم العسكرية لديها دور في النظام القضائي ومحاربة الإرهاب، ولكن استعمالها ينبغي أن يكون محدوداً، وليس أوتوماتيكياً. إن حلفاءنا وشركاءنا عبر العالم يدركون قوة وشرعية النظام القضائي الجنائي المدني ويتعاونون مع الجهود الرامية إلى تقديم الإرهابيين للعدالة في المحاكم الأميركية. ولكن الشيء نفسه لا يمكن أن يقال عن عمليات الاعتقال السرية أو جوانتانامو، وكلاهما أضعفا الدعم الدولي الذي تحتاجه الولايات المتحدة لمواصلة عمليات محاربة الإرهاب العالمية. لقد استعملت إدارة بوش المحاكم الفيدرالية كثيراً لمحاكمة إرهابيين، وكذلك ينبغي أن تفعل إدارة أوباما أيضاً. وبالنسبة لإرهابيي «القاعدة» مثل أبو غيث، فإن فرصتنا الأكبر لتقديمهم إلى العدالة حتى تقول كلمتها في حقهم هي النظام القضائي الفيدرالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©