السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجلس «الحكم الوطني»... تطمينات ليبية

28 مارس 2011 21:14
لا شك أن أوباما يرغب في رحيل القذافي، وفي أن تتحول ليبيا إلى دولة ديمقراطية مستقرة. ولكن السؤال البديهي الذي نثيره هنا: هل للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها أي خطة سياسية أو لعبة نهاية للاستراتيجية العسكرية التي يتم تنفيذها الآن في ليبيا؟ ذلك أنه من المحتمل أن يسقط أو لا يسقط نظام القذافي خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ومع غياب خطة سياسية واضحة لما يمكن أن يحدث هناك، ربما ينتهي أمر هذه الاستراتيجية العسكرية إلى حرب طويلة المدى. ومن الاحتمالات أيضاً أن تتحول ليبيا عقب انهيار نظام القذافي إلى حالة من الفوضى الشاملة، أو نموذج أقرب إلى الصومال. وفي الوقت نفسه يصعب استبعاد اندلاع حرب أهلية بين القبائل والمليشيات والأصوات الديمقراطية والعناصر العسكرية المتنافسة فيما بينها على السلطة. ويظل مفتوحاً كذلك احتمال استغلال أي من الجماعات الجهادية المتطرفة لهذه الظروف فتسارع إلى اختطاف السلطة، أو أن يغامر إلى اختطافها أوتوقراطي علماني جديد بدعوى العودة خطوة أخرى نحو المستقبل. وفيما لو حدث أي من هذه السيناريوهات، فإنه سيكون كارثة على ليبيا والشرق الأوسط والغرب عموماً. ومن استمرار عدم الاستقرار السياسي في ليبيا أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمي، خاصةً إذا ما أدى تعافي الاقتصاد العالمي إلى ارتفاع في الطلب على النفط، وإلى ضغوط على إمدادات النفط. وكما نعلم، فإن ارتفاع أسعار النفط عادة ما يؤذي الفقراء أكثر مما يؤثر سلباً على أغنياء العالم. وفيما يلي خطة سياسية قصد منها المساعدة على تجنب هذه السيناريوهات الكارثية، وتقوم على الإطاحة بنظام القذافي، وجعل ليبيا دولة أكثر استقراراً. وليس مقصوداً بهذه الخطة تبني استراتيجية جديدة لبناء الأمة، إنما تقديم الدعم اللازم لليبيين. فليس بناء الأمة مهمة تقع على عاتق أميركا أو حلفائها الغربيين، إنما على هذه الدول أن تنضم إلى فرنسا باعترافها بالحكومة الليبية المؤقتة المتمردة على نظام القذافي، التي يطلق عليها حالياً اسم المجلس الوطني. فقد تم تشكيل هذا المجلس في مدينة بنغازي في الخامس من شهر مارس الجاري، وتتألف من 31 عضواً يمثلون مختلف المناطق والمدن الليبية. وقد عين المجلس سلفاً مسؤولين به لتولي مهام الشؤون الخارجية والشؤون العسكرية، إضافة إلى مسؤولين كلفوا بإدارة القطاع النفطي. وعلى رغم صعوبة التنبؤ الآن بما يمكن أن يفعله المجلس عند توليه زمام السلطة فعلياً، فإن تنبؤاً مبكراً كهذا بالدور المتوقع من المجلس يظل مستحيلاً من الناحية العملية. وربما يعكس التصريح التالي للدبلوماسي الليبي السابق، منصور سيف النصر -ممثل المجلس أمام الاتحاد الأوروبي حالياً- وجهة نظر المجلس الوطني بقوله: فعقب تحرير الأراضي الليبية مباشرةً، سوف يتم تشكيل لجنة تشريعية لصياغة الدستور الذي تنشأ بموجبه دولة ديمقراطية علمانية جديدة. وعلى المجلس أن يؤكد عزمه على تحقيق هذا الهدف، باعتبار أن قيام دولة بهذه الصفة يعتبر شرطاً مسبقاً للحصول على اعتراف إقليمي دولي أوسع به. ولا شك في خبرات الأعضاء الذين شملهم المجلس، على الرغم من أنهم ليسوا ديمقراطيين نموذجيين تماماً من طراز توماس جيفرسون. فعلى سبيل المثال، يرأس المجلس مصطفى عبد الجليل، وهو قاض من المنطقة الشرقية، وقد استقال من منصب وزير العدل الذي كان يعمل فيه عقب اندلاع الانتفاضة على العقيد مباشرة. ومن بين أعضاء المجلس البارزين، إبراهيم دباشي، الذي كان يعمل نائباً سابقاً للمبعوث الليبي للأمم المتحدة. وقد انشق دباشي عن نظام العقيد وأعلن ولاءه للمتمردين الليبيين الشهر الماضي. وسواء اعترفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والعرب بالمجلس الوطني الليبي أم لم تعترف، فإن على جميع هذه الأطراف أن تحث المجلس على القيام بالمهام التالية، كان ذلك الحث سراً أم علانيةً. أولاً: طمأنة الموالين للقذافي داخل الجيش والتكوينات القبلية والعشائرية وبين عامة المواطنين على إعادة إدماجهم على نحو عادل ولائق بهم في دولة ما بعد القذافي. ذلك أن من المرجح أن يؤيد هؤلاء ذهاب القذافي في حال اطمئنانهم على مستقبلهم بعد رحيله. أما إذا ما شعروا بأنه سوف يتم إقصاؤهم واستهدافهم بعد ذهاب النظام، فإن من المرجح أن يواصلوا القتال إلى صف العقيد، وأن يعملوا على تخريب نظام الحكم الذي يليه. ثانياً: السعي إلى كسب العناصر العسكرية القوية القادرة على بسط الأمن والنظام في ليبيا، على غرار ما يحدث الآن في مصر، في ذات الوقت الذي يستمر فيه بناء مؤسسات الحكم الديمقراطي المدني تدريجياً. ثالثاً: نزع الشرعية عن العناصر الجهادية والأتوقراطية الليبية. وعلى المجلس أداء هذه المهمة بالتأكيد العلني والمستمر على التزامه ببناء ليبيا ديمقراطية علمانية مستقرة. وسوف يساعد هذا التأكيد المجلس على كسب تأييد دولي إقليمي واسع له. رابعاً: على المجلس الوطني السعي إلى تجسير الفجوة بين قبائل الغرب الليبي التي ناصرت القذافي، وتلك التي عارضته شرقاً. فهناك خلافات تاريخية بين هذه القبائل، وما لم يسع المجلس إلى رأب هذا الصدع القبلي، فإنه ليس مستبعداً أن تنتهي ليبيا إلى اشتعال حرب أهلية وأن تحكمها عاصمتان: بنغازي وطرابلس. خامساً: الاستفادة من التجربة العراقية في عملية البناء الديمقراطي وما تتطلبه هذه العملية من جهد ومثابرة عليها. فبعد أزمة سياسية استمرت لثمانية شهور عقب إجراء الانتخابات العامة، تمكن القادة العراقيون أخيراً من تشكيل حكومة وحدة وطنية ائتلافية فيما بينهم. ومن شأن العراقيين -عبر التعاون مع حلفائهم الغربيين- أن يضفوا نوعاً من الشرعية العربية على المجلس الوطني الليبي، الذي يمثل أساس الاستقرار السياسي بالنسبة لليبيا والشرق الأوسط عموماً. ستيف يتيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة «أولد دومينيون» ومؤلف كتاب «توضيح السياسة الخارجية» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©