الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثورة المصرية... من الشارع إلى النضال الحزبي

الثورة المصرية... من الشارع إلى النضال الحزبي
28 مارس 2011 21:14
في الوقت الذي تجمع فيه مئات الأشخاص يوم الجمعة الماضي وسط القاهرة في الميدان المألوف للهتافات والشعارات مطالبين بالإصلاحات، تجمع عشرات آخرون داخل البيوت من أجل عمل أقل إثارة يتمثل في تطوير استراتيجية إعلامية لحزب سياسي جديد. الجميع متفقون على شيء واحد: أن الثورة لم تنته بعد؛ ولكن بعد شهرين على بداية الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري، بدأت الأفكار تتباعد بشأن كيفية مواصلة النضال؛ حيث يرى بعض الشبان الذين لعبوا دوراً أساسياً في الحركة أن ثمة حاجة للاستمرار في النزول بمطالبهم إلى الشارع، في حين يجد آخرون أن المعركة الآن تكمن في التنظيم والتعبئة السياسيين قبل الانتخابات المقبلة. وبغض النظر عن استراتيجيتهم، إلا أن النضال سيكون صعباً. ذلك أن العديد من مطالب المحتجين لم تتم تلبيتها بعد، مثل الإفراج عن كل السجناء السياسيين وإنهاء قانون الطوارئ الذي يمنح حكام مصر صلاحيات واسعة ويقيد الحقوق الفردية بشدة. وعلاوة على ذلك، فقد وافقت الحكومة الانتقالية هذا الأسبوع على مشروع قانون يجرِّم بعض الاحتجاجات والإضرابات، حيث ينص على عقوبات سجنية أو غرامة قد تصل إلى نصف مليون جنيه مصري (حوالي 84 ألف دولار). لكن مازال من غير الواضح متى قد يتبنى المجلس العسكري الحاكم هذا القانون. شريف عبد العظيم كان يحتج في الشوارع إلى جانب ملايين المصريين الآخرين طيلة أيام الثورة. بقبعته وشعره الأشعث، يبدو كيساري ثوري. ولكنه في يوم الجمعة الماضي كان منهمكاً في تطوير استراتيجية إعلامية للحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي الجديد"، الذي يستعمل مؤسسوه مالهم الخاص لتوفير مقر للحزب، وإنشاء موقع إلكتروني له على الإنترنت، وعقد ندوات عبر البلاد، وتسجيل حضور في محافظات البلاد الـ29. ويقول عبد العظيم، الذي يعد العضو الأصغر سناً في اللجنة المسيرة للحزب، إنه يدعم الاحتجاجات ولكنه يفضل بذل جهده في شيء آخر إذ يقول: "إن الحزب هو أولويتي"، مضيفاً "إذا أتينا بـ40 شخصاً إلى المظاهرة، فإنها لن تحدث فرقاً. أما إذا اشتغل 40 شخصا لساعات من أجل الحزب، فإن ذلك سيحدث فرقاً كبيراً بلا شك". وفي هذه الأثناء، كانت "سلمى سعيد" تشارك في مظاهرة احتجاجية في شوارع القاهرة. المدونة والناشطة الشابة، وهي أيضاً واحدة من المحتجين الثوار، كانت مؤخراً من أشد المنتقدين لقيام الجيش باعتقال محتجين ومحاكمتهم. وقد ساهمت في تنظيم مظاهرة الجمعة في ميدان التحرير بعد انتشار خبر القانون الجديد الذي يحظر الاحتجاجات. وتقول سلمى: "إن الناس يقولون إن ثمة أشياء أخرى علينا أن نركز عليها؛ فالناس ملوا وتعبوا من ميدان التحرير"، مضيفة "ولكنني لا أتفق معهم... وأعتقد أن العودة إلى الشوارع هي أولويتنا في الوقت الراهن". وتعد سلمى من الأصوات التي تسلط الضوء على أفعال الجيش، الذي قام خلال الشهر الماضي باعتقال وضرب وإذلال مئات المحتجين؛ حيث تمت محاكمة الآلاف في محاكم عسكرية من دون أن يكونوا مؤازرين بمحامين مدنيين، وصدرت في حقهم أحكام بالسجن لسنوات بعد محاكمات لم يتجاوز زمن بعضها خمس دقائق. وترى سلمى أن التنظيم السياسي أساسي ومهم، ولكن ليس على حساب الاحتجاج إذ تقول: "أعتقد شخصياً أننا مازلنا نخوض المعركة ذاتها التي كنا نخوضها قبل شهرين. فنحن مازلنا ندافع عن الكرامة الإنسانية ونحاول الدفاع عن حقنا في الاحتجاج في المقام الأول"، مضيفة "ذلك أن الناس يتعرضون للاعتقال والتعذيب، والجيش يقوم بفض الاعتصامات باستعمال العصي الكهربائية... أعتقد أن علينا أن نناضل على جميع المستويات في الوقت نفسه، ولكن لا يمكننا أن نتخلى عن الاحتجاج في الشارع". لكن الجيش المصري يرى أن وقت الاحتجاج قد انتهى على ما يبدو. فقد عمد الضباط إلى تفريق المحتجين المتبقين في ميدان التحرير بعنف في التاسع من مارس، وضربوا العديد منهم في المتحف المصري المجاور. ويوم الأربعاء الماضي قام الجنود بتفريق اعتصام للطلاب بالقوة في جامعة القاهرة حيث طالب الطلبة برحيل رئيس الجامعة، الذي تربطه علاقات بالنظام السابق. ولئن بدت هذه الأعمال كصفعة في وجه الثوار، إلا أنها لم تثر الغضب في بعض المصريين الذي دعموا الثورة ولكنهم يرغبون الآن في رؤية عودة سريعة إلى الحياة الطبيعية. فعلى المحطات الإذاعية هذا الأسبوع، دعم متصلون القانونَ الذي يجرِّم الاحتجاجات والإضرابات، متحدثين عن ضرورة إتاحة الفرصة للاقتصاد المصري حتى ينهض ويقف على قدميه من جديد، ومناشدين المواطنين منح الحكومة الجديدة فرصة لتحقيق نتائج. ويُعد تراجع التأييد للاحتجاجات أحد الأسباب التي تدفع البعض للقول بضرورة أن تنتقل ساحة المعركة الثورية من ميدان التحرير إلى الدوائر البرلمانية. وفي هذا السياق، جادل المدون المصري محمود سالم على مدونته هذا الأسبوع بالقول: "هذه هي اللحظة التي نتوقف فيها عن القيام بالثورة، ونبدأ فيها القيام بالسياسة من أجل مصلحة البلاد". الآن وبعد أن حُدد شهر سبتمبر المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بدأت تظهر أحزاب جديدة على الساحة تسارع إلى تنظيم نفسها على الصعيد الوطني، ومن ذلك الحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، الذي يضم مجموعة من الليبراليين واليساريين الذين يؤمنون بدولة مدنية، وهي كلمة مشفرة في مصر لـ"علمانية". وهم متفائلون حتى الآن، فقد أرسلوا 500 دعوى إلى أول مؤتمر للحزب، وكانوا يتوقعون حضور 300 شخص، ولكنهم فوجئوا بأكثر من ألف مشارك. غير أنهم يواجهون طريقاً صعباً لحشد الدعم الشعبي أمام حركات منظمة ومترسخة مثل الإخوان المسلمين. وفي هذا الإطار، يقول عماد جاد، وهو عضو آخر في اللجنة المسيرة: "سيمثل ذلك معركة كبيرة... ولكن إذا كانت لدينا ستة أشهر فقط، فإننا سنفعل خلال ستة أشهر ما كنا سنفعله في عام واحد!". كريستن تشيك- القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©