الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التعافي الاقتصادي يهزم الكساد بعد عام من انهيار «ليمان براذرز»

التعافي الاقتصادي يهزم الكساد بعد عام من انهيار «ليمان براذرز»
10 سبتمبر 2009 23:10
انحسرت المخاوف من كساد عظيم جديد بعد أن كانت تبدو شبه مؤكدة وقت انهيار بنك ليمان براذرز الأميركي، قبل عام من الآن، مع خروج الاقتصاد العالمي من عمق الكساد بمساعدة تدخلات حكومية ضخمة. ولم تتحقق أسوأ المخاوف ويعتقد المحللون أن الاقتصاد عاد للنمو مرة أخرى بعد الكساد الذي قد يدخل في سجلات الارقام القياسية باعتباره ثاني أسوأ كساد منذ الكساد العظيم في الفترة من 1929 إلى 1933 لكن بفارق كبير. وتظهر التجارة عبر الحدود دلائل على الانتعاش وتشير الاستطلاعات الدورية لآراء الشركات إلى حالة من الاستقرار منذ مارس الماضي مما أثار موجة ارتفاع حادة في أسعار الأسهم. وتقول منظمات مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن التراجع اقترب من نهايته، ويقول مارك تويتي مدير البحوث الاقتصادية في شركة السمسرة الفرنسية جلوبال اكويتيز إن المخاوف من عودة كساد عام 1929 التي انتشرت مثل انفلونزا الخنازير سرعان ما ستحتل مكانها على قائمة المحن التي لم تتحقق مثل مرض سارز ومشكلة سنة 2000 في أجهزة الكمبيوتر. التحفيز الحكومي ولكن هناك نقطة مهمة، وهي أن الاقتصاد ينتعش بفضل تريليونات الدولارات التي قدمتها الحكومات والبنوك المركزية وما زال معتمدا على دعم المال العام؛ والتحدي المقبل سيكون متى وكيف سيتم الخروج من خطط التحفيز النقدي التي أوقفت الانهيار وكيف يمكن القيام بذلك دون احداث انتكاسة أو إثارة ارتفاع حاد في معدلات التضخم، وقال توماس ماير كبير الاقتصاديين المختصين بأوروبا في دويتشه بنك «في الوقت الراهن لا يبدو الكساد سيئا بدرجة كبيرة ... لكن يوم الحساب لم يأت بعد». واتفق وزراء مالية الاقتصادات العالمية الكبرى يوم الخامس من سبتمبر الجاري على أن الوقت غير مناسب للخروج من خطط التحفيز التي تصل قيمتها إلى ما يعادل اثنين بالمئة من الناتج الاجمالي العالمي هذا العام و1.6 بالمئة من الناتج العالمي في عام 2010 حسب تقديرات صندوق النفد الدولي. وفي سبتمبر الماضي كان العالم يواجه أزمة ائتمان نتجت عن انهيار سوق الاسكان الأميركية، وأطلق انهيار بنك ليمان براذرز - الذي كان يعتبر من البنوك الأكبر من أن تترك لتنهار - أزمة اقتصادية عالمية أكثر عمقاً، وترك الأسواق في حالة شلل مؤقت. وقال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في وقت لاحق إن الأسواق تعرضت «لصدمة حادة»، وبعد عام وفي حين يختلف الخبراء بشأن مخاطر التعرض لانتكاسة في المستقبل يبدو ان أسوأ مراحل الكساد قد انقضت فيما يتعلق بالتجارة العالمية والنشاط الصناعي. ويرتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسهم العالمية منذ أن بلغ ذروة انخفاضه في مارس الماضي وكسب نحو ثلثي ما فقده منذ اشهار افلاس ليمان يوم 15 سبتمبر عام 2008. وقال روبرت شيلر الاقتصادي بجامعة يل الأميركية في مقال في نهاية شهر أغسطس الماضي نشرته نيويورك تايمز إن تجدد الثقة اصبح سريع الانتشار الآن. التعافي العالمي ورغم أنه من الصعب الحصول على احصاءات عالمية حقيقية لكن المكتب الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية الذي يجمع البيانات الرسمية من نحو 70 دولة يقول ان الانتاج الصناعي العالمي ارتفع بنسبة اثنين بالمئة عن مستوياته في مايو الماضي أي أعلى من معدل ارتفاعه في أي شهر منذ 1991، وأضاف المكتب أن احجام التجارة العالمية ارتفعت 2.5 بالمئة في يونيو 2009 وهو أكبر ارتفاع منذ يوليو 2008. وقال جورجين الميسكوف كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «ما زال من المرجح ان يكون الانتعاش بطيئاً نسبياً، ومع ذلك فإنه يمثل أداء متفوقاً جداً عما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين». وأعلنت المنظمة فعلياً انتهاء الكساد يوم الثالث من سبتمبر قائلة إن النمو الاقتصادي سيعود في الربع الثالث من العام بعد نمو متسارع في الصين ومناطق اخرى في اسيا في الربع الثاني مما دعم التجارة عبر الحدود. وقدر باحثون في بنك سانت لويس الاحتياطي الاتحادي متوسط خسائر الناتج المحلي الاجمالي الناجمة عن الكساد بنحو اثنين بالمئة في الاقتصاد الأميركي. وبافتراض تحقق الانتعاش فعلا في الربع الثالث فإن الخسائر الفعلية في الناتج المحلي الاجمالي ستبلغ مثلي ذلك وستتجاوز حالات كساد سابقة وبخاصة خلال أزمة النفط في سبعينيات القرن العشرين. وتفيد حسابات رويترز استنادا إلى أحدث البيانات الحكومية أن خسائر الناتج المحلي الاجمالي بلغت هذه المرة 3.9 بالمئة على مدار أربعة فصول من الانكماش من الربع الثاني من 2008 ذروة الأزمة ونهاية الربع الثاني من هذا العام. وفيما يتعلق بمنطقة اليورو تمثل خسائر الناتج المحلي الاجمالي المتراكمة خمسة بالمئة في فترة انكماش استمرت خمسة فصول حتى الآن حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري، واستندت الحسابات إلى بيانات رسمية من مكتب الاحصاءات الأوروبي يوروستات. غير ان خسائر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الكبيرة تتضاءل أمام خسائر بلغت 25 بالمئة وقت الكساد العظيم، وتتجاوز كذلك خسائر الناتج المحلي الأميركي في السبعينات. تكرار التاريخ ولكن حتى إذا كان الانتعاش قد تحقق فإن الجهات التنظيمية على مستوى العالم تحذر من أن التاريخ سيكرر نفسه ما لم نستخلص الدروس المستفادة من فقاعة الائتمان التي قادت إلى الأزمة. وقال فريدريك نيومان المحلل المختص بشؤون آسيا في اتش.اس.بي.سي هونج كونج «هذا الكساد يشبه بدرجة أكبر الكساد الأميركي في أوائل التسعينيات عندما اضطر مجلس الاحتياطي لخفض الفائدة وأدى ذلك إلى اسعار فائدة منخفضة للغاية في آسيا لفترة طويلة مما قاد إلى انفجار فقاعة الأصول في عام 1997»، وأضاف «هذه المرة سيتعين على مجلس الاحتياطي الاتحادي الابقاء على أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة ... وهو ما يعني أن أسعار الفائدة في آسيا ستكون منخفضة وهو ما قد يقود إلى فقاعة أصول أخــرى». ويقول ماير من دويتشه بنك إن البنوك المركزية مقيدة لأن الاقتصاد بشكل عام يبدو انه ينتعش باسرع من القطاع المالي، ويخلق ذلك تضاربا بين الحاجة لرفع اسعار الفائدة مع تسارع مكاسب الناتج المحلي الاجمالي واستمرار اعتماد بعض البنوك الكبيرة على سياسات الفائدة المنخفضة من أجل البقاء. وقال ماير «عندما ينتعش الاقتصاد الحقيقي بأسرع من القطاع المالي فإن هذا يعني أننا أوشكنا على الحديث عن الخروج لكن البنوك المركزية ستواجه أوقاتا صعبة بالمقارنة مع الاقتصاد الحقيقي للخروج من هذه الفوضى ... وهذه هي المشكلة الحقيقية».
المصدر: باريس، واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©