الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هولندا.. بوابة أوروبا وبلد المليون مسلم

هولندا.. بوابة أوروبا وبلد المليون مسلم
10 سبتمبر 2009 23:20
يعود تاريخ الإسلام في هولندا إلى بداية القرن السابع عشر الميلادى - وفقاً لما يشير إليه أحمد بن قاسم الحجري (وهو أحد الموريسكيين الأندلسيين الذي غير اسمه بعد ذلك إلى أفوكاي هربا من محاكم التفتيش) في مؤلفه الذي وضعه عام 1637 باسم «ناصر الدين على القوم الكافرين»، عندما أرسل سلطان المغرب آنذاك زيدان بن أحمد بن محمد الشريف الحسني وفوداً إلى هولندا وإسبانيا للتوسط للإفراج عن المسلمين الموريسكيين من بقايا مسلمي الأندلس، وتم عقد اتفاق بين هولندا والمغرب مثل أول اتفاق رسمي بين دولة أوروبية ودولة غير مسيحية، ليشهد القرن التاسع عشر بعد ذلك بعض الهجرات المتفرقة للمسلمين من الهند الشرقية التي كانت مستعمرة هولندية. ويوضح الباحثان المتخصصان في شؤون الأقليات الإسلامية، سيد عبدالمجيد بكر وعلي بن المنتصر الكتاني في مؤلفيهما «الأقليات المسلمة في أوروبا»، و»المسلمون في أوروبا وأمريكا» أنَّ أول مجموعة مسلمة دخلت بأعداد كبيرة هولندا كانت سنة 1947، وكانت من الإندونيسيين والسورناميين، ومع النمو الاقتصادي لهولندا في أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بدأ يتوافد العمال من الأتراك والمغاربة؛ لتكون الثمانينيات هي عقد جمع شمل العائلات المسلمة، حيث بدأت تتلاشى فكرة جمع الأموال والعودة إلى الوطن الأم؛ ليشرع المسلمون في جلب عائلاتهم، وبناء مساجدهم ومدارسهم ومؤسساتهم. وهكذا استمر توافد الهجرات المسلمة على هولندا طيلة النصف الثاني من القرن الماضي، ليبلغ عدد المسلمين في هولندا حاليا 945 ألف مسلم وفقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن المركز القومي للإحصاء الهولندي، بنسبة 5.8% من إجمالي عدد سكان هولندا البالغ 16.3 مليون نسمة، وتشير تقديرات أخرى لبعض المؤسسات الإسلامية، مثل الجامعة الإسلامية في هولندا إلى تجاوز تعداد المسلمين في هولندا المليون مسلم. وتعد الجالية التركية وفقاً لهذه التقديرات أكبر الجاليات المسلمة في هولندا، إذ يبلغ تعدادها نحو 310 آلاف نسمة، تليها الجالية المغربية 277 ألف نسمة، ثم سورينام 60 ألف نسمة، فيما يقدر المسلمون من أصل هولندي ببضعة آلاف نسمة، بالإضافة إلى بعض الأقليات المهاجرة من المسلمين من العراق والصومال وإيران 25 ألف نسمة وأفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفو وباكستان ومصر وسوريا وإثيوبيا ونيجيريا، وغالبية هؤلاء المسلمين على المذهب السني، ويقطن أغلبهم في المدن الأربع الرئيسية أمستردام وروتردام ولاهاي وأوتراخت. وتعرف الجالية الإسلامية بهولندا بأنها الأكثر تعليماً وتنظيماً، من بين الجاليات الإسلامية في أوروبا بشكل عام، كما أنها الأكثر انتشاراً وارتباطاً بين مختلف الطوائف الدينية في هولندا. وتتسم تلك الجالية بأنها الأكبر والأكثر انتشاراً وارتباطاً بالتعاليم الدينية من جميع الطوائف الأخرى مجتمعة. إذ تبلغ نسبة المتدينين المسلمين نحو 30% من إجمالي المتدينين في هولندا. ولعل ما ساعد المسلمين على تحقيق تلك المكانة المتميزة في هولندا هو حب الهولنديين بأن يصفوا بلادهم دائما بـ «بوابة أوروبا»، ويعرف عن الهولنديين أنهم يؤمنون بالله، ولكنهم لا يتعلقون كثيراً بالديانة المسيحية أو بزيارة الكنائس؛ لدرجة أنهم يبيعون تلك الكنائس للمسلمين لتحويلها إلى مساجد ودور عبادة عوضاً عن تحويلها إلى مبانٍ ومراكز تجارية وترفيهية مهما بلغت الإغراءات المالية الهائلة. وبذلك استطاعت الجالية المسلمة في هولندا على طول تاريخها أن تتعايش مع أصحاب الأرض وتحترم عقائدهم، مما أجبرهم على احترام العقيدة الإسلامية حيث وجد المسلمون في هولندا تفهماً واحتراماً من المجالس الرسمية المحلية للمدن، التي تسمح لهم بالأذان للصلاة باستعمال المكبرات الصوتية وذلك لمرة واحدة في الأسبوع. كما قامت هذه المجالس المحلية بمنح نحو 500 محل من الأماكن المخصصة لذبح اللحوم، تصاريح دائمة للقيام بالذبح وفقا للشريعة الإسلامية خاصة في موسم عيد الأضحى المبارك. وبالإضافة إلى هذا تبدي الشركات الهولندية التي يعمل بها المسلمون تقديرها واستعدادها لتلبية رغباتهم بتعديل مواعيد العمل؛ لتتوافق مع مواعيد أداء الصلوات وصيام شهر رمضان والعطلات الخاصة بعيدي الفطر والأضحى المباركين، وتوفير أماكن للصلاة ومراعاة تقاليد المأكولات الإسلامية. وتأكيدا لتلك العلاقة الجيدة بين الجالية المسلمة في هولندا وبقية الهولنديين اتضح من استطلاع أجري أخيرا على 1155 شخصاً لصالح قناة (RTL) الهولندية أن الهولنديين أصبحوا في السنوات الأخيرة ينظرون إلى المسلمين بشكل أكثر إيجابية، حيث أظهر الاستطلاع أن خُمس الهولنديين تقريبًا يتحدثون بشكل إيجابي عن المسلمين، والربع تقريباً يتحدثون بشكل سلبي، وهذه النسبة تعدُّ إيجابية مقارنة بعام 2006؛ حيث كان حوالي 40% تقريباً ينظرون بشكل سلبي إلى المسلمين، وكانت نسبة الذين يتحدثون بشكل إيجابي عن المسلمين 14% فقط. وتعرض واقع الجالية الإسلامية في هولندا في العقد الأخير لمحطتي أزمة تم تجاوزهما بشكل متزن أولاهما واقعة اغتيال المخرج الهولندي ثيو فان جوخ على يد مسلم هولندي، من أصل مغربي بسبب قيام فان جوخ بإخراج فيلم يسيء للإسلام، وقد أثار اغتيال فان جوخ هجمات انتقامية متبادلة على المدارس الدينية والمساجد والكنائس، مما أثار مخاوف جديدة بشأن الهجرة والاندماج في المجتمع. واشتدت حدة تلك الاحتقانات بأزمة أخرى أشعلها النائب البرلماني اليميني المتعصب جيرت فيلدرز بإنتاجه فيلما يسيء للإسلام تحت اسم «الفتنة»، إلا أن رد الفعل المتزن من الجالية الإسلامية في هولندا على إساءات فيلدرز، جعلت جميع الهولنديين يتعاطفون معهم، ويتبنون حملة الدفاع عن الإسلام والتصدي لفيلدرز، حيث قامت جامعتان هولنديتان بتخصيص مكان في كل منهما لقيام الطلاب المسلمين بأداء الصلوات فيه. وقد شهدت علاقة المسلمين بالحكومة الهولندية تطوراً إيجابياً ونقلة نوعية في عام 2007 حيث وقعت الحكومة في شهر أكتوبر من هذا العام، اتفاقاً غير مسبوق مع «مجلس ممثلي المسلمين» كبرى الهيئات الإسلامية في هولندية. ويمثل الاتفاق وثيقة تعترف فيها الوزارة بالمجلس كشريك أساسي لها في التعاطي مع القضايا الدينية الخاصة بالأقلية المسلمة مثل شؤون الدعوة في السجون والمستشفيات ووزارة الدفاع، وتكوين والإشراف على أئمة المساجد، والإعلان عن المناسبات الدينية كبداية شهر رمضان والأعياد. وتمنح الوثيقة الإسلام موقعاً داخل وزارة العدل بعد أن كان يتم التعامل معه من خلال وزارة الاندماج؛ ليلتحق بالديانات الأخرى التي توحد كل منها تحت لواء هيئة ممثلة لها. ويمثل المجلس نحو 400 مسجد ومؤسسة إسلامية؛ إذ ينضوي تحت لوائه نحو 95% من مساجد الأتراك مثل مساجد «آيا صوفيا» و«إسكندر باشا» و»بيرلك» بروتردام، بالإضافة إلى عدد كبير من مساجد المغاربة مثل «النصر» والفتح» وغيرها من مساجد السورناميين، وعدد من الحسينيات الشيعية. ومن المؤسسات الإسلامية الأخرى في هولندا والتي تقوم بأدوار وجهود لخدمة مسلمي هولندا «رابطة الجاليات المسلمة في هولندا، و«مؤسسة المنظمات الإسلامية في جنوب هولندا»، و»المجلس الإسلامي بهولندا» الذي تأسس في العام 1997، و«جمعية الأئمة»، و»اتحاد الطلبة المسلمين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©