الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحفاظ على تراث العالم مسؤولية الجميع

الحفاظ على تراث العالم مسؤولية الجميع
19 ابريل 2018 02:27
ماذا يعني تراث الأجداد لأبناء اليوم وأطفاله؟ ولماذا نعمل على الحفاظ على المباني التاريخية والقيم المعنوية من الأزمنة القديمة؟ وما الذي نتوقعه من كل الجهود الدولية لحفظ تراث العالم في وقت تكثر فيه الصراعات؟ وكيف يمكن توجيه التطور التكنولوجي المذهل لخدمة التراث العالمي؟ حينما أقرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1972 اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، كان الدافع هو الحد من العبث بالمواقع التراثية والتاريخية بتأثير التنمية غير المنضبطة والسياحة أو الإهمال، ربما كانت خطوة متقدمة تسبق الدمار الممنهج الذي طال لاحقاً عدة مواقع أثرية عالمية، بفعل أفكار التطرف ونية طمس الهوية الإنسانية، وإنكار التنوع الثقافي للبشرية. ومما لاشك فيه أن الاتفاقية كانت صائبة جداً بعد ما شهدنا عدة حوادث للتخلص من آثار تعود إلى آلاف السنين بسرقتها والمتاجرة فيها تارة، وتدميرها تارة أخرى. حدث ذلك أمام أعيننا وفي مناطق مختلفة من العالم، فكانت نفس اليد المدمرة تمتد في كل مرة لتلغي جزءاً من ذاكرة العالم وروحه في لحظة عبثية. تضم قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو حالياً أكثر من 900 موقع موزعة على دول العالم، إلى جانب أكثر من 400 عنصر من التراث المعنوي مدرج على قائمتي التراث العالمي والتراث الذي يحتاج إلى صون عاجل، في مجهود دولي حثيث يسعى إلى الإبقاء على الكنوز الإنسانية حية في أفضل حال بيننا، لما لذلك من دور محوري في تحسين الحياة من خلال خلق روابط بين الأرض والتاريخ والمنجز الحضاري، وما ينتج عن ذلك من وعي ذاتي وجمعي وانعكاساته على تنمية الموارد وتنويع الدخل، وتوفير فرص العمل، وتحقيق استدامة الموارد الطبيعية. إن المحصلة التي أصبحت الحكومات والشعوب والجماعات والأفراد تسعى إليها منذ بلورت اليونسكو جهودها للحفاظ على التراث العالمي، هي تحقيق وعي عام بذاكرة البشرية، وتحميل الجميع مسؤولية الحفاظ عليها والاستمتاع بها جنباً إلى جنب المدن المعاصرة التي يعمرها البشر، دون التخلي عن الجذور العميقة للمجتمعات المحلية والفكر الإنساني الذي ساعدنا على الوصول إلى ما نحن عليه. نفخر ونعتز بأن نشهد في دولة الإمارات مبادرات شخصية لأفراد ومؤسسات أهلية تصب في جهود الحكومة وخططها الرامية إلى الحفاظ على التراث وإحياء قيمه الحضارية، ضمن منظومة متكاملة يتشارك فيها الجميع مسؤولية كبيرة تجاه استدامة التراث الثقافي بكل مكوناته. خاصة أن هناك اتجاهاً من قبل الشباب لتقديم مشاريع أعمال معاصرة تستمد إلهامها من التراث، أو تهدف بشكل مباشر لدعم التوجه الرسمي لحفظ التراث، وفي عالم الفنون التشكيلية لا يمكن إنكار التأثير المهيمن للتراث على العديد من الفنانين، الذين يعبرون عن رؤى معاصرة تجاه محيطهم، ممزوجة بعناصر من التراث، ويستخدم العديد منهم تقنيات تمزج التكنولوجيا الحديثة بالتقاليد الأصيلة. لقد حققت دولة الإمارات إنجازات مهمة على صعيد إبقاء التراث حياً في حياتنا اليومية، وكنزاً لأجيالنا القادمة، وإعطائه قيمة حضارية ضمن خطط التطوير الحضري التي تتبعها، فالاحتفاء الشعبي بعناصر التراث المدرجة على قوائم اليونسكو للتراث العالمي، والإقبال على المواقع الأثرية والمتاحف، بما فيها متحف اللوفر أبوظبي، المتحف العالمي الأحدث في المنطقة، والذي يعكس الشعور العميق بالانتماء لهذا التراث وتواصل الأجيال الشابة معه، في تغير لمفهوم التراث المحلي؛ إنه تراث عالمي يخص شعوب العالم أجمع بغض النظر عن مكان وجوده، وتقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية الحفاظ عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©