الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والعراق··· الشراكة الصعبة!

أميركا والعراق··· الشراكة الصعبة!
12 يوليو 2008 01:35
تعرف جهود إدارة بوش بخصوص التوصل إلى اتفاقية مع العراق ترخص بشكل رسمي لوجودٍ غير محدود للقوات الأميركية هناك، حتى بعد انتهاء فترة الرئيس جورج بوش الرئاسية، العديد من التطورات؛ إلا أن سخرية المصادفات تكمن في أن هذه الجهود قد تكون ضحية النجاحات التي حققتها الإدارة في الحرب، حيث بات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكبار مساعديه يطالبون اليوم صراحة بجدول زمني لانسحاب القوات الأميركية، على الورق على الأقل، غير أنه لا أحد في العراق يتوقع خروجاً قريباً للأميركيين -كما أن القليلين جداً في العراق هم من يعتقدون أنه من الأمان القيام بذلك قريباً· فالحكومة العراقية التي كانت ضعيفة في وقت من الأوقات، وتقوّت بعد عدد من النجاحات العسكرية مؤخراً، تتوق إلى فرض سيادتها، غير أن المطالب العراقية وضعت الرئيس بوش في وضع حرج سياسيّاً على اعتبار أنه يعارض صراحة أي جداول زمنية ملزِمة -سواء من العراقيين أو من منتقدي الحرب في الولايات المتحدة- وإن كان قد تعهد في الوقت نفسه، قبل أقل من شهر، باحترام إرادة القادة العراقيين حين قال في باريس خلال جولته الأوروبية الأخيرة: ''تعلمون بالطبع أننا هناك ردّاً على دعوتهم··· فهذه دولة ذات سيادة''· من السهل المبالغة في هذه الثقة العراقية الجديدة وتضخيمها، إلا أن الكثير من التصريحات يؤكد بكل بساطة، من وجهة نظري، أن الديمقراطية العراقية قد نضجت إلى درجة أن الزعماء المنتخَبين هناك باتوا يسعون للاستجابة لمطالب الناخبين وإرضائهم، حتى وإن كانوا يعترفون في قرارة أنفسهم بالحاجة إلى الدعم العسكري الأميركي في المستقبل المنظور· وبالمقابل، فإن كبار القادة الأميركيين يقولون اليوم إن العراق بات يتحمل مسؤوليات أكبر عن الأمن بعد سنوات من التقدم المتذبذب وغير الأكيد· وفي هذا السياق، قال الليفتانت جنرال جيمس دوبيك، الذي كان يشرف حتى عهد قريب على تدريب القوات العراقية، للكونجرس مؤخراً: إن القوات البرية العراقية يمكن أن تكون جاهزة للعمل بشكل كامل ابتداء من منتصف العام المقبل· وهذا هو ما جعل حكومة المالكي، إلى جانب النجاحات العسكرية العراقية في البصرة ومدينة الصدر وفي بغداد والموصل، تبدو أقل ضعفاً بكثير مقارنة بما كانت عليه من قبل· ونتيجة لذلك، يقول المسؤولون والمحللون: إن العراق اليوم يبدو أقل رغبة واستعداداً لقبول أي طلب أميركي في المفاوضات الجارية الآن بشأن الوضع القانوني للقوات الأجنبية في العراق بعـــد نهايـــة هذا العام· وفي هذا الإطار، قال مسؤول في الإدارة، مطلع على المحادثات: إن المفاوضين العراقيين رفضــــوا طلب الإدارة الأول المتمثل في ضرورة أن يستفيد كل المتعاقدين الأميركيين في العراق، بمن فيهم موظفو الأمن العاملون في شركات مثل ''بلاكووتر''، من حصانة شاملة من المتابعة القضائية· وفي السياق ذاته أيضاً، أشار المالكي مؤخراً إلى أن العراق قد يفضل اتفاقيـــة أقـــل شمولاً وعلى المدى القصير بدل الاتفاقيـــة طويلة المدى التي وقعهـــا مـــع بوش في نوفمبر المنصرم حينمــا كانت حكومته أقل استقراراً وأضعف موقف مما هي عليه اليوم· بيد أن الفشل في التوصل إلى اتفاقية قوية قد يشكل مصدر انتقادات لبوش خلال ما تبقى له من أشهر في السلطة، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه استراتيجيته القاضية بإرسال آلاف إضافية من الجنود إلى العراق -''الزيادة'' مثلما بات متعارفاً على تسميتها- تؤتي أُكلها، وهو ما قد يرغم الإدارة على تقديم مزيد من التنازلات· وإذا كان من شبه المؤكد أن الإدارة لن تقبل بجدول زمني مكتوب ودقيق للانسحاب، فإن أحد المسؤولين الأميركيين صرح، في الأيام الماضية، بأن البيت الأبيض قد يضطر لقبول لغة اتفاق تعكس رغبة العراقيين لنهاية وجود عسكري أميركي· هذا في حين قال مسؤول أميركي آخر في بغداد: إن الاتفاقية يمكن أن تتضمن شيئاً شبيهاً بما اقترحه السيناتور ''جون ماكين'' خلال حملته الانتخابية، والذي يتصور نهاية للحرب في ،2013 دون وضع جدول زمني حقيقي· وبالمقابل، أوضح مستشار الأمن القومي العراقي، موفق الربيعي، في تصريحات له، حول جدول زمني لإنهاء العمليات الحربية وسحب القوات الأجنبية موقف بلاده بقوله: إن العراق يسعى لـ''تخطيط آفاق زمنية''· بيد أنه تحت التصريحات الرسمية للمسؤولين من الجانبين يكمن واقع أكثر تعقيداً يشمل مسائل دبلوماسية وقانونية صعبة، فعلى سبيل المثال، حالما ينقضي تفويض الأمم المتحدة الحالي للعملية العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق في نهاية العام الحالي، فلابد من استبداله بشيء آخر، وهو ما يجعل مسؤولي الإدارة الحالية واثقين من أنهم سيستطيعون التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف، وإن كانت ملامحه مازالت غير واضحة· وحسب مسؤولين ومحللين، فإن جميع الأحزاب الرئيسية العراقية تشترك في الهدف المتمثل في تقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق، وهو ما يعكس رغبة العراق في أن يكون بلداً حرّاً وذا سيادة· وعلى رغم أن الكثير من الأشياء مازالت غير أكيدة، كما أن التحسنات هشة، إلا أن انخفاض أعمال العنف في العراق -إلى أدنى مستوى منذ فبراير ،2004 حسب أحدث تقرير للقيادة الأميركية في بغداد- مكن من بحث إمكانية استعادة العراق لحريته وسيادته في وقت أسرع مما كــــان يتوقـــع الكثيرون· وفي هذا الإطار يقول مايكـــل أوهانلون من مؤسسة ''بروكينجز'' في واشنطن: ''لعل أفضل شيء هو انسحاب الولايات المتحـــدة من العراق حالمــــا يصبح بإمكان العراقيين توفير الأمن لأنفسهم بأنفسهم''· ستيفن لي مايرز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©