الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طريق سوداني شاق

12 يوليو 2008 01:36
أعلن الرئيس السوداني عمر البشير في يوم الاحتفال بالذكرى التاسعة عشرة لنجاح الانقلاب العسكري الذي قاده للاستيلاء على السلطة، أن حكومته ملتزمة تماماً بإجراء انتخابات رئاسية وعامة، نزيهة وعادلة تحت رقابة دولية وإقليمية· ورغم وضوح هذا الالتزام وما يمكن أن يكون قد أحدثه من طمأنة للكثيرين، إلاّ أن الواقع المعاش حتى يومنا هذا لا يوحي بأن الانتخابات التي بقي على موعدها ما يقل عن عام، ستكون كما وصفها وتعهد بها رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الأكبر في الحكم· وأول ما يشير إلى ذلك هو إقرار قانون الانتخابات في المجلس الوطني يوم الاثنين الماضي بالأغلبية دون اعتبار وتقدير جدي لما طرحته كل أحزاب المعارضة من تعديلات للقانون تجاوز عددها ثلاثين تعديلاً· ولقد كان الأمل أن يأتي هذا القانون بإجماع الرأي بين الحاكمين والمعارضين لأنه يشكل العمود الفقري للانتخابات· صحيح أن القانون الجديد جاء بأسس جديدة في تاريخ العمل الديمقراطي، مثل تخصيص نسبة 40% للاقتراع وفق نظام النسبية، وكذلك نص على أن تكون للمرأة ربع المقاعد في البرلمان··· لكن كانت ثمة نواقص أرادت المعارضة معالجتها، غير أن الحزبين الحاكمين تمسكا برأيهما وما اتفقا عليه· لقد كان واضحاً أن ''حزب المؤتمر الوطني'' يريد أن يفصل القانون بصورة يمكن أن تؤدي لفوزه واستمراره في الحكم، أمّا الحركة الشعبية التي بدا أنها كانت أقرب لطرح المعارضة، فقد أعلنت أنها وافقت على القانون لأنها خشيت أن يؤدي تعطيل إقراره إلى إرجاء الانتخابات وعدم إجرائها في الموعد الذي حددته اتفاقية ''نيفاشا''· إن إقرار قانون الانتخابات خطوة مهمة نحو تحقيق الهدف، أي الانتقال نحو الديمقراطية وتسليم الحكم لأصحاب الأغلبية، لكن تبقى قضايا أخرى لا تقل أهميـة إذا أريد حقاً لتلك الانتخابات أن تكون حرة ومعبرّة عن رأي الشعب· هناك مجموعة من القوانين المتبعة والمطبقة حالياً، ومنذ أن كان ''المؤتمر الوطني'' (الإنقاذ) ينفرد بحكم السودان، وهي قوانين تصطدم كلها بمبدأ الحريات الواجب توافرها في أي انتخابات نزيهة، وهي عقبة لا يريد ''حزب المؤتمر الوطني'' أن يزيلها من الطريق، لأنه يستمد منها قوته وسيطرته على كل مفاصل الحكم· من هذه القوانين قانون الصحافة التي ما زالت تخضع لرقابة أمنية، وكأن البلاد في حالة طوارئ· وهناك أيضاً قانون جهاز الأمن والاستخبارات الذي يتيح لهذا الجهاز اعتقال من شاء وكيف شاء ولأي مدى شاء، وهو قانون نصت الاتفاقية على تعديله حتى يقتصر دور هذا الجهاز على جمع المعلومات فحسب، تاركاً ما بعد ذلك للسلطات الأخرى· وهناك مجموعة قوانين تحرم التجمع ومخاطبة الجماهير سلمياً إلاّ بإذن من الحكومة، وهو إذن لا يصدر عملياً إلا في حالات نادرة· إن هذه ليست إلاّ عينة من العقبات التي تحول دون إجــــراء انتخابــات حـــرة ونزيهـــة، وستبقــــى الحــال علـــى مــا هي عليه إلى أن يغير ''حزب المؤتمر الوطني'' رأيه ويبدل موقفه الحالي· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©