السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استصغر الرسول سنه ورده، فبكى ليجيزه

12 سبتمبر 2009 00:20
من الناس من لا يكثر الصياح والكلام فلا يلتفت إليه أحد حتى إذا حضر المواقف والحروب صار أسدا يفترس كل من يقترب إليه من الأعداء فيسجل له التاريخ أروع الصفحات. ومن هؤلاء الذين وقفوا هذه المواقف في سبيل إعلاء كلمة الله وفازوا بالشهادة ونالوا الإخلاص في العبادة واستقبلتهم أفواج الملائكة بأن لهم البشرى وزيادة عليها؛ الشهيد عمير بن أبي وقاص شهيد بدر. يذكر ابن سعد في «الطبقات» نسب عمير فيقول: «عمير بن أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ـ أخو سعد بن أبي وقاص». كان سعد يأمل له الخير ومن ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه «الإصابة في معرفة الصحابة» عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقصعة فأكل منها ففضلت فضلة فقال: «يجيء رجل من هذا الفج يأكل هذه الفضلة من أهل الجنة» وكنت قد تركت أخي عميرا يتوضأ فقلت: هو عمير فجاء عبدالله بن سلام فأكلها». لقد تمنى سعد بن أبي وقاص أن يكون أخوه عمير هذا الرجل الذي أخبر عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن عبد الله بن سلام هو الذي فاز بها. وعندما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة آخى بين المسلمين ومنهم عمير رضي الله عنه. وعن ذلك يقول ابن الأثير في كتابه «أسد الغابة»: آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين عمرو بن معاذ وبين عمير بن أبي وقاص. وتتجهز جحافل الكفر لتقضي على الإسلام وصدق الله إذ يقول «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» سورة التوبة آية 32. ويخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الثالث عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة لاعتراض قافلة لقريش ومعه المهاجرون والأنصار، وضرب بعسكره قبل أن يخرج من المدينة ببير أبي عيينة وعرض أصحابه، ورد من استصغر منهم فكان ممن رد في ذلك اليوم من المسلمين عبد الله بن عمر ورافع بن خديج والبراء بن عازب وزيد بن ثابت وأسيد بن حضير. ويشير ابن حجر العسقلاني في كتابه «الإصابة في معرفة الصحابة» إلى هذا الموقف الذي يحكيه سعد بن أبي وقاص فيقول: «رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر يتوارى فقلت: مالك يا أخي قال: إني أخاف أن يراني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيستصغرني فيردني وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة قال: فعرض على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستصغره ورده، فبكى فأجازه، فكان سعد يقول: كنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ست عشرة سنة. لقد شهد عمير بن أبي وقاص مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بدرا واستشهد فيها، تلك الغزوة التي قال عنها صاحب «الاستيعاب» وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة في اليوم السابع عشر من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان وذلك سنة ست من الهجرة. هذه هي روح الجهاد ومحبة الله ورسوله التي تغلغلت داخل عمير فملأت أركانه وسرت في دمائه، إنه يبكي خوفا من أن يرده رسول الله لأنه يريد الشهادة، وقد نال الفتى ما كان يطمح إليه وما تتوق إليه روحه فقتل يوم بدر شهيدا، قتله عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله علي بن أبي طالب بعد ذلك يوم الخندق. وصدق قول الله عز وجل إذ يقول فيهم «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «سورة التوبة الآية111.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©