الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقياس النيل.. معلم تاريخي ومزار لسياح العالم

مقياس النيل.. معلم تاريخي ومزار لسياح العالم
4 ابريل 2014 21:23
عمر بن الخطاب أمر بتعديل قياسات الأذرع ليظهر للعامة أن فيضان النيل وصل للأمان المائي بالطرف القصي من جزيرة الروضة بالقاهرة يقع مقياس النيل أقدم المنشآت المعمارية الإسلامية الباقية على حالها بمصر، إذ يعود النص التأسيسي الأول بهذا المقياس لعهد الخليفة العباسي المتوكل على الله وبالتحديد في عام 247 هـ «861 م». ويغلب على الظن أن موقع هذا المقياس كان مستخدماً لذات الغرض في العصور القديمة، وعندما دخل العرب مصر في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب أمر بتعديل قياسات الأذرع به بحيث يظهر للعامة أن فيضان النيل قد وصل لحد الأمان المائي، وهو 16 ذراعاً قبل حدوث ذلك بمقدار ذراعين، وذلك بعدما تأكد أن الأسعار ترتفع في البلاد إذا تأخر وفاء النيل. تجديدات ومهما يكن من أمر فمن الثابت أن المتوكل على الله أمر بتجديد هذا المقياس وجاء من بعده الوالي العباسي الأشهر أحمد بن طولون ليقوم ببعض التجديدات فيه، وأثبت ذلك في نص تأسيسي مؤرخ بعام 259 هـ أي بعد ولايته لمصر بعام واحد. وكانت أنظار المصريين طوال العصور الوسطى تتعلق بالنداء الذي يطلقه المشرف على المقياس وهو سليل عائلة الرداد العراقية التي تعاقبت على تلك الوظيفة، فإذا ما كان النداء بأن الفيضان الموسمي للنيل قد بلغ حد الوفاء تعالت الزغاريد وانطلقت قوارب النزهة تجوب صفحة النيل والخليج المصري وصولاً لبركة الأزبكية، وإذا كانت الأخرى أي قصور الفيضان عن الوفاء ارتفعت الأسعار واختفت الأقوات من الأسواق وتهددت أخطار المجاعة والأوبئة البلاد. عدالة ومن المعروف أن إنشاء المقاييس على النيل لمعرفة منسوب فيضانه الموسمي الذي يبلغ ذروته في أوائل شهر أغسطس «آب» من كل عام أمر يعود للمصريين القدماء، كما تشهد بذلك مقاييس حجرية تمتد من كوم أمبو جنوب أسوان وحتى مشارف الجيزة، وقد حافظ المسلمون على هذا التقليد لدواعي العدالة الضريبية. ذلك أن ضريبة الأراضي الزراعية المعروفة في العصر الإسلامي باسم الخراج أو الارتفاع كانت مقاديرها تحدد بحسب مقدار الفيضان وقدرة المزارعين على ري كامل أراضيهم بدون عناء أو مشقة فكلما انخفض الفيضان أو احتاج الفلاح لاستخدام جهد عضلي أكبر لرفع المياه لمنسوب الحقول قلت الضريبة الزراعية وربما وصل الأمر في بعض أعوام القحط إلى حد إعفاء المزارعين من دفع الخراج. علامات الأذرع وتقوم فكرة المقياس على وضع عامود مدرج به علامات الأذرع، وفيما بينها علامات الأصابع التي تشكل 24 جزءاً من الذراع الواحد، وهذا العامود من الرخام وبه 19 ذراعاً كحد أقصى وهو حد الغرق ووصول الفيضان إليه يعني تلف المحصول. ويقف هذا العمود على قاعدة حجرية تتوسط بئر عميقة لها فتحة مأخذ من النيل، وقد روعي في بنائها المشيد بأحجار مشذبة أن يزداد سمك جدرانها كلما نزلنا إلى أسفل، وذلك لمقاومة ضغط المياه عند القاع ويمكن النزول إلى نهاية هذه البئر بواسطة درج حجري يدور مع البناء المربع للجزء العلوي من تلك البئر. ومن المعروف أنه كانت تجرى عمليات تنظيف سنوية لتلك البئر في موسم الشتاء، وذلك لرفع الطمي المتراكم في القاع. ورغم أن المقياس فقد وظيفته كلياً ببناء السد العالي، فإنه ما زال يعتبر مزاراً سياحياً هاماً يقصده الجميع للاستمتاع بمنظر النيل وهو يتفرع على جانبي جزيرة الروضة. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©