الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل يمكن إنقاذ الصومال؟

هل يمكن إنقاذ الصومال؟
12 سبتمبر 2009 00:27
التقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد الشهر الماضي ووعدته بزيادة الدعم الأميركي لـ»الحكومة الفدرالية الانتقالية» في هذا البلد الذي مزقته الحرب. ويُعد لقاء كلينتون مع الرئيس الصومالي- وهو الأول من نوعه بالنسبة لمسؤولة أميركية رفيعة المستوى- مؤشراً على أهمية الصومال بالنسبة لسياسة الرئيس أوباما الإفريقية. غير أن المقاربة الأميركية الحالية، وللأسف الشديد، يمكن أن تزيد من تعقيد الأمور وقد تحولها من سيء إلى أسوء. فعلى الرغم من 14 محاولة لتشكيل حكومة ناجحة وفعالة منذ عام 1991، إلا أن الصومال ما زال نموذجاً للدولة الفاشلة. وما قدرتها على التحول إلى ملاذ آمن بالنسبة للإرهابيين الدوليين، ومنصة لإطلاق أعمال القرصنة في خليج عدن، سوى سببين يفسران لماذا ظل هذا البلد يمثل مصلحةً أمنية قومية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي. والواقع أن تجديد التركيز الأميركي على منطقة القرن الإفريقي يأتي في ظرف خاص ودقيق جداً، على اعتبار أن الحكومة الصومالية الانتقالية المنهَكة فقدت كل سلطة كانت لديها على مناطق واسعة من جنوب البلاد ووسطها أمام تقدم المجموعات الإسلامية؛ مثل جماعة «شباب المجاهدين» و«الحزب الإسلامي»، وكلاهما فصيلان متشددان يرتبطان بعلاقات وثيقة مع تنظيم «القاعدة». وعلاوة على ذلك، فإن حوالي ربع مليون صومالي تقريباً قد أُرغموا على مغادرة منازلهم مع تجدد حركة النزوح إثر استئناف المعارك في أوائل مايو الماضي. غير أن أي تدخلات إضافية ستخدم مصلحة المتطرفين، وذلك لأن الضربات العسكرية الأميركية التي كانت تستهدف من يشتبه في كونهم إرهابيين في الصومال في الماضي لم تعمل إلا على حشد الدعم الشعبي للمتمردين، في وقت بات يُنظر فيه إلى الغزو الإثيوبي للبلاد، عام 2006، والمدعوم من قبل الولايات المتحدة والغرب، باعتباره كارثة استراتيجية أفضت إلى الوضع الحالي. بيد أنه بدون دعم خارجي، يكون من شبه المؤكد أن الحكومة الفدرالية الانتقالية ستنهَك وتتفسخ وتنهار في أقرب وقت. وبالتالي، فإنه من الأهمية بمكان أن تضع إدارة أوباما سياسة تساعد الشعب الصومالي وتراعي في الوقت نفسه المصالح الأميركية في الاستقرار ومحاربة الإرهاب في المنطقة، دون أن تحول الأوضاع من سيء إلى أسوء. وإذا كان اتخاذ موقف وسط وحذرٍ هو أمر مطلوب بشدة، فإن المقاربة الحالية غير حكيمة وغير موفقة؛ ذلك أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قدما ما يكفي من الدعم للحكومة الفدرالية الانتقالية لإفساد حملة العلاقات العامة الحكومية، وما لا يكفي لمساعدتها فعلياً على الحكم. وقد تعهدت الوزيرة كلينتون بمضاعفة الدعم العسكري الذي أعطي الشهر الماضي، حين أرسلت الولايات المتحدة 40 طنا من الذخيرة للحكومة الفدرالية الانتقالية. والحال أن مثل هذا الدعم قد يساهم في ازدياد التطرف نفسه الذي تسعى واشنطن إلى مكافحته ومنعه. وعلاوة على ذلك، فإنه من خلال تقديم المساعدات العسكرية للحكومة الفدرالية الانتقالية، فإن الولايات المتحدة تنزع الشرعية عن الأصوات المعتدلة التي تسعى إلى تقويتها، في وقت بات فيه المتطرفون يستطيعون تقديم الحكومة، للرأي العام الصومالي، على أنها مجرد دمية أميركية، كما يستطيعون استغلال التظلمات التاريخية بشأن التدخل الأجنبي في البلاد. والحقيقة أنه من أجل تأمين المنطقة وحماية المصالح الأميركية فيها، يتطلب الأمر مقاربة أهدأ أوسع وأبعد نظراً إزاء الصومال. وإذا كانت قدرة واشنطن على إحداث تغيير حقيقي على الأرض هناك محدودة للغاية؛ فإن قدرتها على التسبب في الأذى عن غير قصد كبيرة جداً. وبالتالي، فهي مطالَبة بالسير على خط رفيع ودقيق. ذلك أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تنهي المساعدات العسكرية المباشرة للحكومة الفدرالية الانتقالية؛ وأن تزيد بالمقابل في مساعداتها متعددة الجوانب عبر مهمة الاتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية. كما تستطيع توسيع المساعدة لتشمل البلدان المجاورة، خاصة فيما يتعلق بتأمين حدودها مع الصومال وتقديم المساعدة التقنية والمالية التي تحتاجها عمليات التأمين هذا. ولما كانت الولايات المتحدة تحظى بدعم إقليمي، فيتعين عليها أن تتصرف على نحو أكثر حزماً وقوة بخصوص إنهاء شحنات الأسلحة من إريتريا التي تدعم فصائل التمرد الصومالية حالياً. كما يجب بذل مزيد من الجهود من أجل تشجيع الحكومة الفدرالية الانتقالية على التفاوض مع بعض الفصائل والأجنحة المعتدلة في «الشباب» ومجموعات أخرى، واستغلال الانقسامات التي بدأت تظهر داخل حركة التمرد الإسلامية. ذلك أن التهديد الإسلامي في الصومال ليس تهديداً واضحاً ومحدد المعالم؛ لكن الانخراط الأميركي المباشر وغير الذكي، يمكن أن يؤدي إلى توحيد الفصائل المختلفة والمتفاوتة ومنح الشرعية للحركات المناوئة للحكومة. إن على إدارة أوباما أن تعدل سياستها وتتقدم إلى الأمام بحذر شديد أثناء شروعها في تطوير سياسة متناسقة ومتماسكة في منطقة القرن الإفريقي؛ لأن أي تصرف غير ذلك سيعني كارثة بالنسبة للمصالح الأميركية في المنطقة. ألكسندر نوييز وريتشارد بينيت باحثان بـ«مجلس العلاقات الخارجية الأميركي»، عادا مؤخراً من رحلة بحث إلى منطقة القرن الإفريقي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©