الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا والتحالف الأميركي الكردي

20 مايو 2017 22:55
شيع ضباط من الجيش الأميركي في الأيام القليلة الماضية جثامين مقاتلين أكراد سوريين من «وحدات حماية الشعب»، الحلفاء المحوريين للولايات المتحدة في حربها ضد «داعش» في سوريا. وكان هؤلاء المقاتلون الأكراد قد لقوا حتفهم في ضربات جوية من حليف أميركي آخر هو تركيا عضو حلف شمال الأطلسي التي تعتبر «وحدات حماية الشعب» جماعة إرهابية. ولم يكن تشييع الضباط لجثامين المقاتلين هو التجلي الوحيد لدعم الولايات المتحدة لهذه الجماعة، بل أرسلت القوات الأميركية، كي تمنع تركيا من شن مزيد من الهجمات على مقاتلي هذه الجماعة، أرتالا من الشاحنات الأميركية المصفحة التي تعلوها الأعلام الأميركية إلى الحدود الشمالية السورية مع تركيا، مما خلق منطقة عزل بشرية لحماية القوة المحلية المقاتلة التي يدعمها البنتاجون منذ عامين رغم تكرار الشكاوى التركية. وبدعم من الولايات المتحدة، أصبح أكراد سوريا المقاتلون المحليون الوحيدون القادرون على إخراج «داعش» من الرقة التي يتخذها مقاتلو «داعش» عاصمة لهم. وأكراد سوريا ليسوا أول قوة كردية تساعد الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها العسكرية ضد «داعش» في المنطقة. ففي العراق، لعبت قوات البشمركة الكردية دورا حيويا في التصدي لـ«داعش» منذ 2014. والمصالح الكردية والأميركية تتوافق أحياناً. لكن الأكراد يشعرون أنه تم التخلي عنهم من قبل. فمن ذكرياتهم المريرة أن الولايات المتحدة شجعتهم على الانتفاضة ضد صدام حسين عام 1991 لكنها تركتهم فريسة سهلة لصدام دون أن تحرك ساكناً. وتثير التجرية الكردية مع الولايات المتحدة عدة أسئلة: ما الذي يتوقعه الأكراد السوريون مقابل تضحياتهم؟ وهل يغامرون باحتمال التخلي عنهم بمجرد انتهاء العمليات ضد «داعش» وحين تطلب تركيا من الولايات المتحدة أن تختار بين حلفائها؟ يعتقد «نوح بونسي»، كبير محللي الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية أن هذه هي المغامرة الكبرى التي تخوضها «وحدات حماية الشعب» و«حزب الاتحاد الديمقراطي»، الذراع السياسية للأكراد السوريين. ومضى يقول: «مقامرتهم تدور حول أن العمل مع الولايات المتحدة لن يوسع باطراد أراضيهم ويعزز تدريجيا الشرعية السياسية الدولية لهم فحسب، بل يردع الهجمات التركية أيضاً». لكن الضربات الجوية التركية في 25 أبريل الماضي، والتي قتل فيها 20 مقاتلا من «وحدات حماية الشعب» في شمال سوريا وشمال العراق أظهرت أن النفوذ الروسي والأميركي على تركيا ربما يكون محدوداً. وتركيا يمكنها إفساد الهجوم على الرقة إذا أرادت. ولهذا السبب تمثل «وحدات حماية الشعب» إشكالية للحليف الأميركي. فرغم أن المقاتلين الأكراد يقودون «قوات سوريا الديمقراطية» التي قوامها 50 ألف مقاتل، فإنها تمثل الفرع السوري لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً منذ عقود ضد تركيا. والعمود الفقري لقيادة «وحدات حماية الشعب» مستمد من «العمال الكردستاني». وكانت الولايات المتحدة وأوروبا قد أعلنتا رسمياً «العمال الكردستاني» جماعة إرهابية في منتصف 2015. وقارن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً بين «وحدات حماية الشعب» و«داعش» و«القاعدة»، قائلا: «إنهم جميعاً سواء»، وإن هناك مسؤولية مشتركة للتخلص من هذه الجماعات الإرهابية. ويرفض الأكراد السوريون وصفهم بالإرهابيين. لكن هذا يثير أسئلة بشأن ما تستطيع واشنطن تحقيقه للأكراد. ويعتقد «بولنت علي رضا»، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن أكراد سوريا لا يهاجمون الرقة لأنها مدينة كردية بل يسفكون دماءهم أملا في أن تقدم لهم الولايات المتحدة دعماً لإقامة منطقة حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع. ومثل هذه المنطقة، أشارت إليها ورقة غير رسمية نشرتها روسيا مؤخراً أثناء محادثات السلام السورية في أستانا. لكن الاتفاق الذي وقعت عليه كل من إيران وتركيا وروسيا، لم يشر إلى إقليم كردي في شمال شرق سوريا. ورفضت تركيا مثل هذه النتيجة وأشارت إلى أن كيانا كرديا على امتداد حدودها الجنوبية يمثل ثغرة غير مقبولة لـ«العمال الكردستاني» لشن هجمات منها على تركيا. لكن التحالف ضد «داعش» لا ينظر إلى الأمر بهذه الطريقة. ويؤكد «رضا» أن العالم كله يرى كيف تتصدى «وحدات حماية الشعب» لجماعة تقطع رقاب الناس وتستغل النساء جنسياً، ولذا سيفرح العالم برمته لسقوط الرقة، ويصعب على تركيا عرقلة هذه العملية أو وقف الدعم الذي تتلقاه «وحدات حماية الشعب» من عدة أطراف، وليس من الولايات المتحدة وروسيا وحدهما. ويعتقد «جوني يلديز»، المتخصص في شؤون تركيا والأكراد، أنه إذا تعين على الولايات المتحدة الاختيار بين تركيا و«وحدات حماية الشعب» فستختار تركيا، لكنها لن تضطر لهذا لأنها تستغل الطرفين ضد بعضهما البعض منذ خريف 2014. كما يعتقد «بونسي» أن «وحدات حماية الشعب» ربما تبالغ في مدى الالتزام الأميركي طويل الأمد، كما أنه ليس لديها رد استراتيجي لما ستفعله حين ينحسر الدور الأميركي. والمحللون يشيرون إلى سوابق مؤلمة، منها تخلي الأميركيين عن الأكراد لصالح العراق عام 1975 حين كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة تضمن لهم المساعدة من إيران التي كانت حليفة لأميركا في ذاك الوقت. ورغم تأكيد «رضا» على أن تاريخ الأكراد مليء بالوعود المنكوثة، فهو يرى أنه ليس من الضروري أن يتكرر هذا الآن، لأن «مستوى التورط العسكري الأميركي غير مسبوق». *مراسل «كريستيان ساينس مونيتور» مقيم في اسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©