الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسـرائيل في منابع النيل

12 سبتمبر 2009 00:27
يبدو أن الهم الأكبر لوزارتي خارجية السودان ومصر، وكذلك لسفارات هاتين الدولتين في ثلاث دول إفريقية، وللعاملين في هذه المؤسسات، خلال الأسابيع القليلة الماضية، قد تركز على متابعة نشاط «ليبرمان» وزير خارجية إسرائيل الذي يقوم الآن بجولة في إفريقيا يبدؤها بثلاث دول تعد أهم بلدان المنابع لنهر النيل وأكثرها رفضاً لاتفاقيات المياه المعقودة مع دولتي المصب وهما السودان ومصر. إن ليبرمان هو أول مسؤول إسرائيلي رفيع المستوي يقوم بزيارة لإفريقيا منذ نحو عشرين عاماً، وتشمل زيارته الممتدة لثمانية أيام، دولا في غرب إفريقيا؛ حيث اختار نيجيريا أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان، وغانـا الواقعة على الساحل الغربي للقارة الإفريقية. وكان الغطاء الدبلوماسي المعلن لهذه الرحلة، كما قالت تل أبيب، هو العمل على إنهاء النفوذ الإيراني أو إضعافه في تلك البلدان. ويتضح ضعف هذه الحجة عندما نذكر أن كل البلدان التي ستشملها الزيارة، باستثناء نيجيريا، هي بلدان يقودها مسيحيون، ومن العسير أن يكون لإيران تأثير عليها. والواقع أن كينيا من دول جولة ليبرمان الإفريقية، هي الوحيدة التي زارها الرئيس الإيراني الحالي في فبراير الماضي. ولهذا فمما لاشك فيه أن لزيارة ليبرمان مقاصد أخرى غير معلنة. لقد اختارت إسرائيل الفترة الحالية بالذات لأنها تأتي بعد أن تطور الخلاف بين دول المنابع ودولتي المصب حول قسمة مياه النيل. وكانت آخر محاولات الاتفاق بين هذين الطرفين قد جرت في الإسكندرية في الشهر الماضي، ولم تسفر عن اتفاق، فأُرجأ الاجتماعُ مرة أخرى ليعقد بعد نصف عام. لذلك فالفرصة سانحة لإسرائيل حالياً للعبث في المياه العكرة وتشجيع دول المنبع، أو على الأقل الدول الثلاث المشمولة بالزيارة، على الاستمرار في مواجهة دولتي المصب، وقد اتضح ذلك بالفعل فيما أعلن من أن ليبرمان توصل إلى عقد اتفاق مع حكومة كينيا على مشروعات ذات صلة بإدارة المياه. ومن المؤكد أنه حقق شيئاً من ذلك القبيل مع إثيوبيا التي بدأ بها زيارته، ومثل ذلك متوقع أيضاً من أوغندا. وقد علق أحد المراقبين للعلاقة بين إسرائيل ومصر على مضمون هذه الزيارة، بالقول إن ليبرمان الذي عرف بأقصى أنواع التطرف، أراد أن يقول لمصر: «أما وقد فشلت في تحقيق رغبتي في أن أدك السد العالي وأسويه بالأرض، فإنني الجأ الآن إلى بلدان المنابع لأجرب أسلوباً آخر في خنق مصر». وبالطبع فإن ليبرمان سيعمل على تطوير علاقات الكيان الإسرائيلي بهذه البلدان من خلال الشراكة في مشاريع، يتعلق بعضها بالمياه واستغلالها، وبمجالات أخرى اقتصادية وتجارية وعلمية وعسكرية وثقافية. إن حجم الوفد المرافق للوزير الإسرائيلي ونوع أعضاء ذلك الوفد، يؤكد أن نشاطه سيكون شاملا يغطي أكثر من وجه من وجوه الحياة في تلك البلدان. إن النفوذ الإسرائيلي (الصهيوني) في القارة الإفريقية بدأ وتنامي بعد أن نالت تلك البلدان استقلالها في فترة الستينيات من القرن الماضي. ورغم أن الأفارقة كانوا عموماً يقفون إلى جانب فلسطين في محنتها، إلا أن حماسهم تراجع كثيراً بعد اتفاقية كامب ديفيد وتطبيع دول عربية أخرى مع إسرائيل. ومع تناقص ذلك الحماس لفلسطين، ارتفع مؤشر العلاقات مع إسرائيل، وذاك من البديهيات. لقد كانت القاهرة خلال عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تتمتع بنفوذ واسع في البلدان الإفريقية، لاسيما وقد كانت مصر حاضنة لكثير من حركات التحرر المعادية للاستعمار، وقد ساندتها ماديا ومعنويا حتى نالت استقلالها. وكان وفاء القادة الأفارقة لمصر واضحاً ومتنامياً، وقد شكل صدا ضد توسع النشاط الإسرائيلي وأضعف انتشاره، لكن الدور المصري في إفريقيا تراجع بعد ذلك. والآن ليت بلديْ المصب، السودان ومصر، ينجحان في متابعة نشاط الوزير الإسرائيلي ليبرمان والوقوف على كل ما حقق خلال رحلته هذه، في العلن والسر، وليتهما يعدان العدة لمواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الجديد! محجـوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©