السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مع سبق الإصرار

13 يوليو 2008 00:38
لو عرف الناس أن 90 بالمائة من الأمراض الخطرة أو مضاعفاتها يمكن تجنبها، لأدركوا حجم الخطأ الفادح الذي يرتكبونه في حق أنفسهم، والذي يستحق وصف الجريمة الكاملة، لأن الجاني يرتكب جريمته ''مع سبق الإصرار''، وبرغم ذلك لا يخضع للعقاب المدني، ولا يدخل بجريمته ساحات القضاء· المشكلة أننا نتعامل مع أجسامنا وصحتنا بأقل مما نتعامل به مع ماكينة المطبخ والتليفزيون والسيارة، أننا نحرص على صيانة ومراقبة أجهزتنا المنزلية ونتجاهل حق أجسامنا في الصيانة، أننا نقرأ كل شيء عما نقتنيه من أجهزة، نمضى وقتا طويلا ''مبحلقين'' في ''كتالوج'' أي جهاز جديد نشتريه، ونضن بدقائق معدودة على مقال يتناول شأنا صحيا· نحن إذن نرفض المعرفة، وهي في متناول أيدينا، عندما تتعلق بصحتنا، ونبحث عنها عندما تتعلق بأشياء مادية تافهة، وعندما نمرض أو تتفاقم أمراضنا أو تداهمنا مضاعفاتها الخطيرة، نلقي باللوم على كل شيء وأي شيء إلا أنفسنا· قبل سنوات زار الإمارات أستاذ عالمي من الأساتذة الرواد في مجال أمراض الصدر والحساسية، وعندما التقيته بعد أيام من الزيارة ذكر لي قصة مؤلمة تجسد كل المعاني السابقة، قصة مريض قابله في الإمارات، واكتشف انه يعاني من الأزما أو الربو منذ أكثر من 20 عاما بالتمام والكمال، وأنه طوال هذه المدة لم يراجع طبيبا ولم يستشر متخصصا، بل اعترته الدهشة عندما علم انه مصاب بالربو، وبدا غير مصدق، وطوال هذه المدة كان يتولى أمر نفسه بنفسه، كان يتعاطى أدوية السعال والمضادات الحيوية التي لم يصفها له طبيب، ويستعين بنصائح الأصدقاء في العمل، والنتيجة أنه أصبح يعاني من تغيرات مرضية مزمنة في الرئتين علاجها شديد الصعوبة· وتبقى المفارقة الأكثر غرابة أننا بقدر إهمالنا للمعرفة الطبية، نهتم بالخرافات ونستسلم للمشعوذين والدجالين اعتقادا منا بأن الطب عاجز والأطباء فاشلون· alhefnawi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©