الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهور في السودان تعكس ثقافات القبائل وتتنوع بين النقود والأبقار والذهب

المهور في السودان تعكس ثقافات القبائل وتتنوع بين النقود والأبقار والذهب
21 مايو 2010 20:59
تختلف عادات وطقوس الزواج في السودان وفقاً للمنطقة الجغرافية التي تنتمي لها القبائل ولكنها في مجملها تستند إلى المهر ليبدو مظهرها الأبرز ومكمن الجدل والخلاف بين أهل العروسين. ومن الغرائب عند أهل جنوب السودان يلاحظ غياب دور الأب في زواج ابنه لأن التربية، عندهم، من واجب الأب أما الزواج فهو واجب العم. كما تعد الفتاة الطويلة محظوظة عندهم حيث يسود الاعتقاد بأنها من تنجب الفرسان الشجعان. وهي مصدر الخصوبة لذا تدفع لها أغلى المهور. تهاوت الكثير من التقاليد السودانية التي ظلت راسخة لفترات طويلة بعد الحركة المدنية التي أسهمت في صياغة واقع جديد في السودان ومن أهم القلاع التي تهاوت التفاصيل المعقدة للزواج في السودان التي كانت تتطلب في الماضي أموالًا طائلة، وقد تكون سبباً في اندلاع الصراعات القبلية ولكن اليوم أصبح التنوع والتعايش واحداً من ملامح السودان الحديث. “الشيلة” و”النقارة” إلى ذلك، تقول عزيزة أحمد، التي تنتمي لقبيلة الزغاوة التي تعد من أكبر قبائل غرب السودان إن مناسبة الزواج في قبيلتها من المناسبات التي تمتاز بطقوس خاصة ومعقده تختلف عن القبائل الأخرى في السودان فمثلاً عندما يختار الشاب فتاة يخبر أصدقاءه بطريقة غير مباشرة لتصل المعلومة لوالده، الذي يقوم بدوره بإبلاغ ولي أمر الفتاة الذي يطلب مهلة زمنية محددة لاستشارة جميع الأطراف الأسرية وإذا أبدوا موافقتهم يحدد موعد عقد القران وهنا مربط الفرس لأن مهر الفتاة غال جداً ويتراوح ما بين 25 إلى 30 بقرة ( ثمن البقرة يعادل 500 دولار) إضافة إلى تكاليف الزفاف الأخرى. وتضيف “في عصرنا هذا تغير واقع الحال وأصبحت الأبقار تقيّم بالأموال ويختلف المهر عن بعض الزغاوة فمنهم من يقوم بدفعة الإبل ويبلغ نحو مئة رأس من الإبل، مبينة أن المهر يذهب إلى إخوة الفتاة حيث يتم تقسيمه عليهم بالتراضي. وتبين عزيزة أن “الشيلة” وهي ملابس وعطور ومصوغات ذهبية ومأكولات وغيرها من الأغراض الخاصة بطقوس الزواج وتتكون من ما يعادل حقيبة تتكون من 12 ثوباً و12 حذاء و12 فستاناً للعروس، وحقيبة للأسرة إلى جانب الهدايا لعمات وخالات وصديقات العروس، أما العروس فتحضر بدولها هدايا لإخوة العريس تتمثل في جلابية وطاقية (أزياء السودان الشعبية) وملاية يلف بها جسم الرجل وهي ثوب يلبسه الرجل وذلك تقديراً لهم. وتوضح عزيزة أنه عندما يسمع الناس صوت “النقارة” وهي طبل شعبي سوداني كبير جداً فهذا يعني الإيذان ببداية مراسم الزواج حيث تقوم فتيات القرية وشبابها غير المتزوجين بالرقص والغناء، في الساحات وتقوم أم العروس بزف ابنتها إلى العريس متقدمة الركب، ولكنها لا تنزلها من عربة الزفاف إلا بعد أن تطلب المزيد من الهدايا من العريس لإرضائها ولكن إذا تمادت في طلباتها يمكن للعريس اختطاف عروسه برضاها التام. زواج عربي عن عادات الزواج في وسط السودان، تقول الباحثة في العادات السودانية بدرية ماحي “من مظاهر الزواج في وسط السودان ما يسمى بالزواج العربي حيث نجد أن الشاب يخبر والده برغبته بالزواج من فتاة محددة فيذهب إلى أهل الفتاة طالباً تزويج ابنه من ابنتهم وعندها تتم الخطبة ثم تبدأ مراسم الزواج بإعداد منزل الزوجية ومهر العروس وشيلتها”. وتضيف أن قيمة المهر تختلف باختلاف مستوى العريس الاجتماعي ومقدرته المالية. من جهتها، تقول الباحثة بثينة مالكي المهتمة بالدراسات الاجتماعية في السودان إن بعض الجمعيات الخيرية تبنت مبدأ اختصار نفقات الزواج ومواجهة المغالاة في المهور في إطار سعيها لتزويج الفتيات واطلق على العرس مقتصد النفقات مصطلح “عرس الكورة” وهو عبارة عن مهر تحدد قيمته بقيمة الحد الأدنى من المهور وعدد محدد من الملابس والعطور وتأثيث منزل زوجية بسيط جداً، مشيرة إلى أن الجمعيات نجحت في تزويج عدد كبير من الشباب المعسرين والفتيات الراغبات في الزواج بغض النظر عن مظاهر البذخ في الأعراس. اكتمال القمر يقول الصحفي السوداني ملوك ميوث، إن عادات أهل جنوب السودان خاصة قبيلة الدينكا أكبر وأغنى قبائل السودان تتمثل بإقامة حفلات راقصة شبه مستمرة سواء كانت أسبوعية أو شهرية مع اكتمال القمر حيث يتعرف الشاب إلى الفتاة في حلبة الرقص، ويعرض عليها نفسه للزواج فإذا استجابت يأتي إلى منزلها لكي يتسامر معها ويتفق على تفاصيل الزواج والمهر. ومن ثم يذهب إلى أهل الفتاة ومعه أخواله وأعمامه، مشيراً إلى أنه يلاحظ هنا غياب دور الأب لأن التربية هي من واجب الأب أما الزواج فهو واجب العم. ويتابع “يجلس الطرفان أهل الفتاة وأهل الشاب إلى جانب طرف محايد الغرض من وجوده تقريب وجهات النظر والتفاوض في تفاصيل المهر”. ويشير ميوث إلى أن المهر هنا عبارة عن أبقار أقلها 25 بقرة (ما يعادل 25 ألف دولار) وأكثرها مئة بقرة هذه العادات مازالت مستمرة في الأرياف أما في المدن الكبيرة فتعادل قيمة الأبقار بالأموال وتدفع كمهر. ويبين أن التفاوض يجري بين أهل الفتاة وأهل الشاب والوسيط على شكل حوار ودي تتخلله عبارات الاحترام والتبجيل لأهل الفتاة ومن ثم تمنح الفرصة لأهل الفتاة لتعداد محاسن ابنتهم، ويعتبر طول الفتاة محل تفاضل لاعتدادهم بأن الفتاة الطويلة هي من تنجب الفرسان والشجعان. وهي مصدر الخصوبة لذا تدفع لها أغلى المهور. ويتابع “بعد ذلك يطالب أهل الفتاة بالمهر اللائق بالفتاة، فإذا لم يوافق أهل الشاب يأتي دور الوسيط في الحوار بحسم وفرض المهر عندها يرضخ الطرفان له. بل ويطالب الوسيط أهل الشاب بإهداء بقرة لأم العروس وخال العروس الأكبر. ويتكفل الشاب بجلب الأبقار والماعز من أجل الذبائح والولائم التي تستمر من أسبوع إلى شهر. وعلى الشاب أيضاً تجهيز منزل الزوجية وإهداء عروسه بعض الملابس والعطور وأدوات الزينة، مشيراً إلى أن والد الفتاة لا يدخل طرفاً في التفاوض بل عمها من يقوم بالتفاوض والتزويج. ويمكن للعم أن يقسط المهر بحيث يدفع جزء من المهر قبل الزواج وجزء يقدم يوم الزواج وجزء يدفع بعد أول مولود. المهر هو الزواج وعن عادات الزواج في شرق السودان، والتي تختلف اختلافاً جوهرياً عن غربه ووسطه، يقول الحارث عمر، منتج أفلام وثائقية “المهر هو الزواج في قبيلة البجا ذات الأصول العائدة إلى شبه الجزيرة العربية، بمعنى أن الزواج يتم بين قبيلة وأخرى وليس بين الأفراد ومن يحدد المهر هي القبيلة كلها وليس الفرد المعني بالزواج. ويضيف أن للمهر في قبائل الشرق قيمة معنوية وقيمة مادية فالقيمة المعنوية هي التباهي والتفاخر بين القبائل بأن القبيلة حصلت على مهر أغلى بين القبائل الأخرى، والقيمة المادية هي قيمة المهر نفسه. وبينما كان مهر الجنوبي الأبقار والشمال المالي فالمهر للشرقي، وفق الحارث، هو الذهب الخالص حيث تقوم بدفعه كل القبيلة من التعاونيات التي تشجع هنالك واسمها “السون كوت” وهو نظام اجتماعي يلزم الفرد بدفع ما يستطيع من أموال أو ذهب أو ثروة حيوانية. وغالباً ما يقوم عليها الأثرياء وتسمى هذه الأموال بـ”السالف” وهذا المال المدخر يستعمل في حالتي الأفراح والأحزان توزع بنسبة 90% للأفراح و10% للأحزان. وعن طقوس الزواج، يوضح الحارث أن ناظر القبيلة يذهب إلى ناظر قبيلة الفتاة معرفاً عن نفسه وقبيلته وأصول القبيلة مع العلم أنه لا يتم تزويج الشاب العاطل عن العمل. وهنا يتم تحديد المهر وهو الذهب الخالص من أجود أنواعه ويقوم بصياغته صائغ متخصص فقط في صناعة ذهب العروس ويدعى عندهم “الهندين”، ويتكون المهر من 45 قلادة هذه تلبس على رأس العروس، وقرط يدعى “هليكا” وهو أشبه بقرط دائري على أنفها، وعلى أذنيها ترتدي الـ”هيريب” هو قرط أشبه بالهلال وعلى خصرها حزام ذهبي يدعى “سودا”، وفي ركبتها ترتدي “العريد” وهي عبارة عن مسحوق عطور سودانية خالصة ملفوفة بالأقمشة الحريرية وتزين بالذهب الخالص وأيضاً الأساور والخواتيم على يديها وأصابعها وترتدي خلخالًا ذهبياً يدعى بـ”الحلق”. وبعد أن يقدم كل تلك المصوغات الذهبية يقدم ما يعرف بـ “لبن الأم” وهي هدية من الأموال يقدمها العريس كشكر لأم عروسه ويقدم المهر للأب الذي يقوم بدوره بإعادته إلى “السون كوت” الصندوق الادخاري وهذه عملية مستمرة لدفع المهور. والأم تقوم بدورها بإعداد ما يسمي بـ “الفراش” وهو أثاث غرف النوم من أموال “لبن الأم” أما ناظر القبيلة فيقوم ببناء منزل الزوجية للعريس من أموال المهر. زواج العشاق العاشق يقوم بإهداء محبوبته قلادة تسمي بـ”الهلال” ويلبسها إياها، وهذه أولى خطوات القبول. وتقوم الفتاة بدورها بوضع ما يسمى “الضريرة” وهي عطور سودانية شعبية على رأسها تم تجدل شعرها إلى ضفرتين وتقوم بوضع ما يسمي بـ”الهيل” وهو وشم يمتد من أعلى الشفة السفلى إلى منتصف الذقن ليكون بمثابة إعلان خطبتهما واتفاقهما على الزواج وتعد هذه مراسم زواج أولية. وهما بذلك يضعان القبيلة أمام الأمر الواقع ليتم الزواج بأي حال من الأحوال.
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©