السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تدخين صغار السن

25 مارس 2013 20:01
رأيته يداري نفسه خلف إحدى السيارات، وينتظر قادماً، يجلس القرفصاء، ثم ينهض ملتفتاً يميناً ويساراً، انشغل بالي وبقيت أراقبه من خلف الزجاج، فجأة لحقه أحد الأطفال الذي لا يكاد يتجاوز عمره 9 سنوات، ناوله حقيبته المدرسية، ومنها أخرجا كيساً صغيراً يضم عدة التدخين، وعلى عجل تناوبا على «المدواخ»، ثم نفضاه بقوة واستجمعا أغراضهما والتفتا نحو مدرستهما من جديد. ليس هذان الطفلان وحدهما المعنيين بالحديث، بل هناك العديد من الأطفال الذين يدخنون في السر، وهذا ما أكده طفل في السابعة من عمره لأحد زملائه في الصف الابتدائي، متفاخراً بقدرته على تدخين أعقاب السجائر خلف والده مقلداً له في رجولته حسب اعتقاده. أرقام وإحصائيات ودراسات باتت تخيف الآباء جراء هذا التعاطي المبكر للتدخين، بحيث تؤكد الدراسات أن أميركا تسجل 5000 حالة تدخين يومياً، أما الدول العربية، فتؤكد التقارير التي تطالعنا يومياً على القنوات التلفزيونية هجوم التدخين على المدارس الابتدائية خاصة، وترويج المخدرات بالمجان أو بأسعار زهيدة، إلى أن يتحقق غرض عدم التخلص منها، ومن جهة أخرى أوضحت بعض التقارير أن سن الأطفال المدخنين تراجعت من 18 سنة إلى 12 سنة في بعض الدول الخليجية، وهذا مؤشر خطير جداً، وما يزيد في خطورته ما تثبته الدراسات التي توضح أن 90% من متعاطي المخدرات قد جربوا التدخين في الصغر. ولعلَّ منتهى الألم الذي يمكن أن يصيب قلب أم أو أب هو أن ينجرف أحد أولادهما أو بناتهما خلف هذا السم الذي ينخر العقل والجسد في آن واحد، يسبب العزلة والانطواء والاختفاء عن الأنظار في بداية الانحراف، ما يسهم في عدم اكتشاف هذا التعاطي إلا بعد مرور فترات طويلة مما يجعل الآفة تبني جذورها في عمق المتعاطي. ويلاحظ بعض الأطفال أن ما يقوم به الآباء عكس ما يقولونه، كأن يدخن الأب أو الأم في البيت وأمام أولادهما، وهذه العدوى تنتقل إلى الصغار، فنجد بعض الآباء يشددون على صغارهم وينصحونهم بعدم التدخين، ويوضحون أضراره وما يمكن أن يلحق المدخن من أمراض السرطان، لكن يداوم الأب على تدخين سيجارته أمام صغيره، والصغير هنا لا تصل إلى ذهنه إلا الصورة التي يراها، والمربي عادة يشكل القدوة للأطفال، كما أن التدخين السلبي يضر بصحة غير المدخن، ويجعله في أحيان أخرى يتعود على رائحة السجائر ويألف مادة النيكوتين التي تسري في ذاته من خلال هذا الفعل السلبي. والغريب في الأمر، أن الآباء المدخنين يدركون تأثير الموضوع على الأطفال من الناحيتين المادية والمعنوية، لكن يستمرون في طقوسهم، غير مبالين بما يسبب ذلك لحديثي الولادة والرضع من أزمات وانعكاس سلبي على صحتهم، وما يسببه للمراهقين من عدوى العادة، بحيث نجد بعض البيوت تغطيها غمامة دخان الشيشة التي يتخذونها طقساً يومياً تجتمع حوله الأسرة!!! lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©