السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حفلة الشاي»: حملة لتطهير اليمين

21 مايو 2010 22:03
لا أحد يشكك في جدية أو نفوذ حركة "حفلة الشاي"، وقد فهم الكثيرون المبادئ الرئيسية الثلاثة التي تقوم عليها هذه الحركة: السوق الحرة، محدودية الدور الحكومي في إدارة الاقتصاد، والحريات الفردية. فهذه هي المبادئ الرئيسية التي استبطنتها الحركة من "العقد مع أميركا" التي يفترض أن ينتسب إليها أي جمهوري مؤمن بالفكر المحافظ. ولعل ولاية أوتاه هي الساحة التي برز فيها نفوذ هذه الحركة أكثر من أي مكان آخر حتى الآن، علماً بأنها معروفة بكونها الولاية الأكثر احمراراً وانحيازاً للجمهوريين. فهناك بات من المرجح أن يخسر السيناتور الجمهوري، "بوب بينيه" -الذي أمضى ثلاث ولايات متتالية- ترشيح حزبه له لولاية رابعة في مجلس الشيوخ في عطلة نهاية الأسبوع الحالي. فهذا هو القرار المتوقع رغم أن سجل أداء "بينيه" السياسي يضمن له الحصول على نسبة 84 من تأييد "الاتحاد الأميركي المحافظ"، فضلاً عن تأييد "اتحاد البنادق القومي"، وهو سجل ليس له أدنى صلة بالليبراليين والديمقراطيين. غير أن "بينيه" ارتكب الإثم الأعظم في نظر قادة حركة "حفلة الشاي"، بتصويته لصالح التشريع الخاص بـ"برنامج إنقاذ الأصول المالية المعسرة" أو اختصاراً برنامج إنقاذ البنوك والمؤسسات المصرفية من الانهيار الذي بات يهددها خلال الفترة الأخيرة من إدارة بوش. كما حسبت الحركة على السيناتور الجمهوري دعوته إلى مشروع قانون لإصلاح الرعاية الصحية، قصد منه أن يكون بديلاً للمشروع الذي تبناه "الديمقراطيون". والمشكلة أن التشريع البديل الذي دعا إليه "بينيه"، تضمن هو الآخر بنوداً خاصة بالضمان الصحي. في معاقبتها لهذا السيناتور على ما ارتكبه من إثم فادح لا يغتفر، لا تأبه "حفلة الشاي" كثيراً لحقيقة أن الإدارة السابقة هي التي شرعت ذلك القانون المتعلق بإنقاذ البنوك والمؤسسات المالية المهددة بالانهيار، أو بقناعة الكثير من القادة الجمهوريين ودعاة السوق الحرة، بضرورة ذلك التشريع تجنباً لانهيار الاقتصاد القومي ومؤسساته المالية. وللذين ربما تكون قد سقطت من ذاكرتهم تفاصيل تلك الأحداث، فقد كان القصد في الأساس من وراء تشريع إنقاذ البنوك، هو رفع السقف الائتماني بما يضمن استمرار تدفق الأموال، ومن ثم تجنيب السوق الحرة خطر الانهيار. فماذا كان البديل المتاح حينها؟ وما الذي كان يمكن توقعه لولا إصدار إدارة بوش لتشريع إنقاذ البنوك والمؤسسات المالية من الانهيار؟ كما قال "مت روميني" الذي صوّت لصالح ذلك القانون: لقد كنا على شفا كارثة حينها. واليوم نستطيع أن ننظر إلى ما نحن عليه ونقول: "آه... لم يكن الأمر بتلك الكارثية التي تصورناها". ولكن الحقيقة أن الموقف المالي والاقتصادي في ذروة الأزمة التي مرت بها الولايات المتحدة، كان كارثياً ومثيراً للقلق بحق. ومن المريح والمطمئن أننا تجاوزناه. غير أن "حفلة الشاي" تخاطر بخسارة أقوى العناصر الجمهورية المحافظة، وفقدان نفوذ هذه العناصر في مجالات تهم فيها العلاقات مع الآخرين، وذلك بتسرعها في "تطهير" صفوف المحافظين من كل العناصر التي تثار الشكوك حول انحيازها المطلق للمبادئ التي تؤمن بها. يذكر أن السيناتور "بينيه" قد عمل مع زميله الديمقراطي "رون وايدن" في تقديم مشروع إصلاح الرعاية الصحية. لكن المشكلة هي أن ما يراه غير الأيديولوجيين في كلا الحزبين، تعاوناً، ينظر إليه "المؤمنون الحقيقيون بالمبادئ المحافظة" مؤشراً على الضعف. كما ينظر هؤلاء "المؤمنون" إلى أي تنازل أو تفاهم مشترك على أنه تفريط في المبادئ المحافظة. وهكذا بدأت حملة التطهير التي طالما هدد بها المحافظون المتشددون في صفوف الحزب وخارجه. وبالنتيجة فمن الطبيعي أن ينظر إلى أي مسعى لتحقيق توافق ثنائي حزبي حول أي من القضايا المطروحة، على أنه مجرد وهم لا علاقة له بالواقع مطلقاً. وليس السيناتور "بينيه" وحده ضحية حملة التطهير المحافظة هذه. فما حدث في ولاية أوتاه، يتكرر حدوثه في ولايات أخرى. ففي ولاية أريزونا، يصارع السيناتور جون ماكين، الذي انخفضت شعبيته في العام الماضي إلى 63 في المئة فحسب، من أجل المحافظة على المقعد الذي ظل فيه طوال الأعوام الـ 23 الماضية، في انتخابات نوفمبر المقبل، في مواجهة خصمه "جي. دي. هيورث" الذي تفضله حركة حفلات الشاي. وفي ولاية إنديانا يواجه السيناتور الجمهوري "مارك ساودر" منافسة مشابهة من قبل "بوب توماس" -وكيل لتجارة السيارات- بسبب تصويته لصالح قانون إنقاذ البنوك والمؤسسات المالية الذي سنته إدارة بوش السابقة. كما تلاحق الحركة السيناتور "ماركو روبيو" في ولاية فلوريدا وتهدد احتفاظه بمقعده في الانتخابات المقبلة. وقد أرغمت الملاحقة نفسها حاكم الولاية، شارلي كريست على الإعلان عن كونه شخصاً مستقلاً. ما يجب قوله في نهاية الأمر، إن "حفلة الشاي" تغامر بتقليص صفوف الحزب الجمهوري بعزلها للذين رسبوا في اختبار "الولاء للفكر المحافظ" ومضيها في حملة تطهيرها هذه. وبينما تؤكد "الحركة" عدم ولائها لأي من الأحزاب السياسية الأميركية، فمن غير المشكوك فيه أن الجمهوريين هم الأقرب إليها، مقارنة بالديمقراطيين. والسؤال الآن: إذا ما فشل قادة عرفوا بثبات ولائهم لفكر المحافظين والحزب الجمهوري، من أمثال السيناتور بينيه، فمن يا ترى يجتاز اختبار الولاء الذي تتمسك به "الحركة"؟ كاثلين باركر كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©