يتكرر خلال الجلسات الرمضانية مشهد يكاد يشكل جزءاً من المظاهر الرمضانية والمتمثل بإقبال الشباب والفتيات على تناول «الشيشة»، حيث يعتبرونها «ضرورة ملحة» بعد تناول وجبة الإفطار، فيما الرأي الطبي يحذر من التأثير السلبي لهذه العادة على صحة الصائم ومساهمتها في نقل الأمراض ومنها انفلونزا الخنازير.
وفي الوقت الذي يشيع فيه الحديث عن مرض انفلونزا الخنازير، طالت الإجراءات الاحترازية والوقائية «الشيشة»، حيث بدأ بعض مستخدميها بالابتعاد عنها خشية احتمال انتقال المرض عن طريق «نربيش» «الشيشة». ولمواجهة هذا الخوف من انتشار المرض، لجأت مقاهٍ في أبوظبي لاستخدام «نرابيش» بلاستيكية تستعمل لمرة واحدة حتى لا تخسر عشاق الشيشة، بينما قام بعض مدخني النرجيلة بحمل «نرابيشهم» الخاصة بهم أينما ذهبوا، بينما فضل البعض إعدادها في منازلهم.
التدخين بالمنزل
وفي هذا الإطار، قال الشاب العشريني أحمد فتوح إنه يعجل بإعداد شيشته منزلياً بعد وجبة الإفطار الرمضانية مباشرة شأنه شأن المدخنين تماماً، فما أن ينتهي من إفطاره حتى يضع الفحم على النار ويملأ رأس النرجيلة بمعسل «الفخفخينا»، الذي اعتاد شراءه من المقهى الذي يرتاده. وبرر أحمد طلبه للشيشة بعد الإفطار مباشرة باعتياده على تدخينها يومياً في الأيام العادية، الأمر الذي يجعل منها متطلباً رئيسياً بعد الإفطار مباشرة، لا سيما وهو يجد فيها وسيلة استرخاء بعد وجبة طعام دسمة. ولفت إلى أنه بدأ يعتمد عادة تدخين الشيشة في المنزل بعد أن كان يفضل تناولها في المقاهي مع أصدقائه خلال عطلة نهاية الأسبوع، خشية أن تكون مسبباً في إصابته بمرض انفلونزا الخنازير.
«نربيش» صحي
وعلى خلاف أحمد، يرتبط تدخين الشيشة عند عمر البنا بالأجواء الرمضانية فقط، حيث يجد في تدخينها خلال رمضان طقساً مميزاً لا سيما وأنها تقدم في معظم المطاعم والمقاهي. ولفت عمر إلى أن وجود النرجيلة في الخيم الرمضانية والمطاعم أشبه بالطقس الرمضاني، مشيراً إلى أن كثيراً من المطاعم والمقاهي التي لا تقدم الشيشة على مدار السنة تقوم بتوفيرها في رمضان. وأكد أن توفير بعض المقاهي «نرابيش» بلاستيكية تستخدم لمرة واحدة ساهم في استمرارية ممارسته لهذه العادة، مشدداً على أنه إذا ذهب إلى مقهى لا توجد فيه هذه «النرابيش» الصحية فلا يطلب الشيشة، وأحياناً يكون بحوزته «نربيشه الخاص». وبخلاف أحمد وعمر، فإن لارا عباس (32 عاماً) تؤكد ابتعادها عن الشيشة خلال هذه الأيام لتخوفها من مرض انفلونزا الخنازير، معتبرة أن النرجيلة أحد الأسباب المساعدة على شيوع المرض وتحديداً لاستخدامها من قبل أكثر من شخص.
تزايد الطلب... وإجراء احترازي
وفي هذا الإطار، أكد عادل السيد، وهو معلم شيشة مصري في مقهى شعبي، تزايد الطلب على الشيشة في شهر رمضان، مشيراً إلى أنه كإجراء احترازي ولتخوف الناس من أن تكون الشيشة وسيلة لانتشار مرض انفلونزا الخنازير بدأ باستخدام «النرابيش البلاستيكية» حفاظاً على صحة مرتادي المقهى الخاص به. وأوضح عادل أن الشخص المسؤول عن الشيشة لا يقوم بمسك «النربيش» البلاستيكي الخاص بالزبون، بل يقدمه محفوظاً بكيس بلاستيك ويفتح أمام أعين الزبون حتى لا ينقل له أي نوع من الأمراض، مبرراً تهافت الناس على النرجيلة إلى أجواء السهرات الرمضانية ولعب الورق. ولفت إلى أن كثرة طلب الشيشة في رمضان لا يرتبط بمدخنيها فقط.
تحذير طبي
وحول الرأي الطبي لتأثير النرجيلة على الصحة العامة ومساهمتها في انتشار الأمراض، أوضح استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد عثمان أبو اللبن أن الشيشة لها مضار وتأثيرات سلبية لا تقل عن تأثير الدخان. وطالب مستخدمي الشيشة الابتعاد عنها لتأثير التدخين على الصحة العامة من جهة، ولاحتمالية أن تكون أحد مسببات انتشار مرض انفلونزا الخنازير لاستخدامها بين أكثر من شخص، رافضاً توجه البعض إلى استخدام «النرابيش» البلاستيكية عوضاً عن الابتعاد الكامل عنها لضررها على الصحة. وأوضح أبو اللبن أن تدخين الشيشة بعد الطعام مباشرة قد يشكل عاملاً مساعداً على ارتخاء «صمام الفؤاد» الذي يربط المعدة بالمريء، مما يتسبب بالتهابات أسفل المريء نتيجة ارتداد المواد الهضمية من المعدة إلى المريء ليشعر المدخن بالحرقة.
اعتقادات خاطئة
وأكد أبواللبن أن ما يشاع عن أن تناول الشيشة بعد الإفطار مباشرة يساعد على هضم الطعام ما هو إلا اعتقاد خاطئ يسعى فيه مفضلو الشيشة إلى تبرير رغباتهم، محذراً من مساهمة الشيشة في نقل الأمراض لاستخدامها من قبل أكثر من شخص. وأشار إلى أن اعتقاد البعض بأن الماء في النرجيلة يفلتر الدخان ويقلل من ضرره يدخل ضمن إطار المفاهيم الخاطئة، لافتاً إلى أن الشيشة تشكل خطراً على الجهازين الهضمي والتنفسي، وتعد مسبباً لمرض السرطان بدءاً بسرطان الشفاه إلى البلعوم وصولاً إلى سرطان المعدة والمثانة. وقال أبو اللبن إن تدخين الشيشة بعد الإفطار يقلل من كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ، ما يسبب الشعور بالدوخة.
عدد اليوم
