الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية ترسم ملامح الصندوق السيادي لإصلاح الشركات العامة

الحكومة المصرية ترسم ملامح الصندوق السيادي لإصلاح الشركات العامة
4 ابريل 2014 22:58
محمود عبدالعظيم (القاهرة) انتهت المجموعة الوزارية الاقتصادية المصرية من وضع الملامح النهائية للصندوق السيادي المقرر إطلاقه قريباً، لإعادة هيكلة وتصحيح مسار محفظة شركات قطاع الأعمال العام وذلك بالتعاون مع البنك المركزي المصري. ويتضمن مشروع الصندوق السيادي الجديد، خطة تمويل تقدر بنحو عشرة مليارات جنيه، تعهد البنك المركزي بتدبيرها خلال الأسابيع المقبلة من رصيد نسبة الاحتياطي الإلزامي، 1% من إجمالي ودائع البنوك، إلى جانب تشكيل مجلس إدارة للصندوق يضم ممثلين لوزارات المالية والاستثمار والصناعة والتخطيط والبيئة والقوى العامة والبنك المركزي، وبعض كوادر القطاع الخاص التي تمتلك تجارب ناجحة في إعادة هيكلة الشركات أو في مجالات التمويل ودراسات الجدوى. وتسعى الحكومة المصرية من وراء الصندوق السيادي إلى إنقاذ عشرات الشركات المملوكة للدولة من الخسائر وتدهور أوضاعها وتخفيف الإضرابات العمالية في الشركات المتعثرة، من خلال مساعدة هذه الشركات على تحقيق قدر من التوازن المالي يساعدها على تحسين أجور العمال، إلى جانب حل المشكلات الهيكلية في بعض القطاعات الحيوية على خريطة القطاع العام، وفي مقدمتها قطاع الغزل والنسيج الذي يضم 32 شركة حكومية تخسر جميعها، وتمثل مشكلة للحكومة رغم الميزة التنافسية التي كان يتمتع بها هذا القطاع والمتمثلة في جودة الأقطان المصرية. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن خطة عمل الصندوق الجديد، التي تولت إعدادها لجنة متخصصة من وزارة التخطيط، تعتمد على تصحيح مسار الشركات الخاسرة عبر إعداد دراسات جدوى جديدة لها، وفتح منافذ تسويق لمنتجاتها من خلال آليات عرض حكومية في السوق المحلية، وتحديث خطوط إنتاجها والعودة بها إلى مستوى من الكفاءة الإنتاجية التي تمكنها من المنافسة مع الشركات المماثلة، إلى جانب تغيير مجالس إدارات هذه الشركات وربط استمرار هذه الإدارات ببرامج زمنية للإصلاح المالي والفني ومدى تحقيقها للأهداف المطلوبة خلال مدد زمنية محددة وواضحة. كما تتضمن خطة الإصلاح ربط حصول الإدارة العليا بالشركات على مستحقاتها المالية بمدى التقدم الذي تحرزه في خطط إصلاح الشركات المتعثرة مع تكثيف الرقابة المالية على أداء الشركات، من خلال الجهاز المركزي للمحاسبات وإعداد تقارير ربع سنوية بهذا الأداء تعرض على مجلس إدارة الصندوق السيادي. ومن المنتظر أن تشهد مظلة عمل الصندوق الجديد نحو 164 شركة حكومية، تتوزع على 9 شركات قابضة تتخصص كل شركة منها في قطاع إنتاجي معين، مثل الصناعات المعدنية والتشييد والصناعات الكيماوية والسياحة والنقل والغزل والنسيج والصناعات الغذائية، إلى جانب الشركة القابضة للأدوية والشركة القابضة للتأمين، التي تضم شركات تابعة تعمل في مجالات التأمين والوساطة والخدمات المالية المتنوعة. ويتضمن عمل الصندوق السيادي الجديد، التركيز على زيادة عدد الأصول الإنتاجية والاقتصادية المملوكة للدولة، وتعظيم الاستفادة من هذه الأصول، بهدف مساندة خطة الدولة في إحداث التوازن الاقتصادي مع شركات القطاع الخاص وإمكانية السيطرة على أسعار السلع والمنتجات الرئيسية، وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية من خلال إنشاء شركات ومصانع جديدة في المجالات الحيوية، مثل صناعات الإسمنت والسكر والزيوت والحديد والصلب والألومنيوم والأسمدة لملاحقة الطلب المتزايد على استهلاك هذه المنتجات على خلفية النمو السكاني المتسارع في البلاد. ومن المقرر رصد نصف مبلغ المبادرة الذي يقدر بعشرة مليارات جنيه لتكوين أصول جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص عبر عمليات الاكتتاب العام في أسهم رؤوس أموال الشركات الجديدة المقرر إنشاؤها. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذا التوجه الحكومي سوف يوقف نزيف الخسائر في القطاع العام، لاسيما أن هناك قراراً من مجلس الوزراء باستبعاد سياسة الخصخصة، الأمر الذي يعني احتفاظ الدولة بالشركات القائمة، ومن ثم يصبح من الضروري إصلاح مسار الشركات وتحويلها من الخسائر إلى الربحية، بعد أن أصبحت تمثل عبئاً اقتصادياً على الحكومة. وقال الخبراء إن ضمانات نجاح المبادرة الجديدة تكمن في مجموعة من العوامل، أهمها تحديث خطوط إنتاج الشركات لأن معظم المصانع قديمة وتستخدم تكنولوجيا تجاوزها الزمن وبالتالي خرجت من المنافسة، الأمر الذي يجعل قضية تحديث خطوط الإنتاج المدخل الرئيسي لإصلاح مسار الشركات، إلى جانب رقابة مالية محكمة لمنع الفساد المالي والإداري وربط الأجر بالإنتاج للجميع والتسويق الجيد، والوصول إلى أسواق تصدير خارج البلاد لضمان النمو لأن الاعتماد على السوق المحلية وحدها لم يعد كافياً، وتعزيز مبادئ الشفافية والمحاسبة لمجالس إدارات هذه الشركات، حتى لا تهدر المليارات العشرة من دون جدوى وتعود الأوضاع الاقتصادية إلى سابق عهدها سواء على صعيد الخسائر أو على صعيد الاحتجاجات العمالية. وأكد الدكتور مختار خطاب وزير قطاع الأعمال العام الأسبق، أن إصلاح محفظة الأصول الإنتاجية المملوكة للدولة بات أمراً حتمياً في هذه المرحلة، لاسيما أن هناك العديد من الشركات الجيدة التي تعمل في قطاعات اقتصادية حيوية وقابلة للإصلاح، مشيراً إلى أن هذا الإصلاح لن يتحقق دون مساءلة حقيقية ورقابة مستمرة من الدولة على أداء هذه الشركات، لأن معظم المشكلات التي تعاني منها الشركات تعود إلى الفساد الإداري المتفشي فيها وارتفاع الأجور مقارنة بالإنتاج، إلى جانب تدني جودة المنتجات، الأمر الذي يزيد من صعوبة تسويقها. وأشار إلى أن تحديث خطوط الإنتاج وإعداد دراسات جدوى جديدة، تأخذ في اعتبارها المتغيرات الاقتصادية الراهنة محليا ودولياً، يمكن أن يكون مفيداً في هذه المرحلة، خاصة مع الشركات التي عادت عبر أحكام قضائية إلى الدولة، مع تعويض هؤلاء المستثمرين للحفاظ على المصداقية، وبالتالي تستطيع هذه الشركات أن تضع مسارها على الطريق السليم. أما رائد علام استشاري التمويل، فيؤكد أن مشكلة التمويل ليست هي المشكلة الوحيدة أمام شركات قطاع الأعمال العام، بل تكمن المشكلة الرئيسية في الإدارة، حيث من المهم تغيير ثقافة الإدارة في هذه الشركات حتى يمكن الاستفادة من المبلغ المرصود البالغ عشرة مليارات جنيه وحتى لا يضيع هباءً وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها. وشدد على ضرورة تعزيز مبادئ الشفافية والمحاسبة في إدارة الأصول الإنتاجية المملوكة للدولة في المرحلة القادمة، إذا كانت هناك جدية ورغبة حقيقية في إصلاح الأوضاع وربط تنفيذ برامج الإصلاح باستمرار وجود مجالس إدارات هذه الشركات، بل ومحاسبتها على استمرار الخسائر إذا حدثت، لأنه لا يمكن لإدارات أن تكبد الشركات خسائر تقدر بعشرات الملايين من الجنيهات، ثم يتم الاكتفاء بعزلها وتركها تمضي إلى حال سبيلها، لأن ذلك يعني استمرار ثقافة الخسائر والفساد التي كبدت المال العام الكثير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©