الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لوني» أشهر مصوري الأشكال البشرية في الدولة العثمانية

«لوني» أشهر مصوري الأشكال البشرية في الدولة العثمانية
13 سبتمبر 2009 00:18
عبدالجليل شلبي المشهور باسم «لوني» أشهر مصور تركي أنجبته بلاد الأناضول، وقد ولد في مدينة ادرنة حوالي عام 1098هـ الموافق «1685م»، وهاجر من مسقط رأسه وهو في الخامسة عشرة من عمره، قاصدا العاصمة اسطنبول ليعمل في مرسم القصر السلطاني المعروف باسم «نقش خانة»• وبدأ العمل في تذهيب المخطوطات حينما لم يكن هناك فصل بين مختلف فنون الكتاب من خط وتذهيب وتصوير، وبعد أن غدا مذهبا ممتازا توجه «عبدالجليل» إلى ممارسة فن التزويق أو التصوير حتى أصبح نقاشا «أي مصوراً للأشكال البشرية» معترفاً به في المرسم السلطاني. فن البورتريه تحت تأثير الاتصال بفن التصوير الأوروبي في عصر النهضة، أخذ «لوني» يبدي اهتماما متزايدا بفن البورتريه أو الصور الشخصية، ونظرا لمهارته الفنية انعم عليه السلطان أحمد الثالث في عام 1134هـ «1720م» بلقب «نقاش باشا» اي رئيس النقاشين واوكل اليه تصوير اهم مخطوطات تلك الفترة. والمرجح أن عبد الجليل شلبي الذي كان يوقع على اعماله باسم «لوني» احتفظ بوظيفته الرفيعة حتى عهد السلطان مصطفى الثالث ليعاصر أربعة من سلاطين آل عثمان. ورغم هذا المجد العريض ومواهبه الفذة في التذهيب والتصوير والشعر والادب، فإن لوني لم يحرص على الافادة من ثمار نجاحه ومجده مدخرا لشيخوخته من صباه، فمات فقيرا معوزا، ولذا نجد الاهمال والنسيان يحيطان بتاريخ وفاته وان كان المرجح انها ووقعت بين عامي 1174هـ و 1184هـ (1760- 1770م). وتعود أهمية لوني في تاريخ التصوير الإسلامي عامة والتركي على وجه الخصوص إلى أنه أوقف تيار التأثر بالتصوير الأوروبي في عصر النهضة في وقت تزايدت فيه استعارات الفن التركي من الفنون الاوروبية• وعاد عبدالجليل شلبي الى تقاليد الاجيال الاولى من مصوري الاتراك في القرن الحادي عشر الهجري «17م» ليستعير منها اهم خواصها مضيفا اليها من ابداعه وقريحته الفنية التي لا تنضب• إحياء التراث التركي وأحيا لوني بقدراته الفذة التراث التركي المهجور وخاصة في رسومه التي انجزها لزخرفة السجلات الملكية، فابدع لوحات تصور الاحتفالات والمهرجانات خاصة تلك التي كانت تقام في عصر السلطان أحمد الثالث. إن لوني بأعماله الفنية الغزيرة والتي تعد بالعشرات يمثل أوج فن التصوير التركي الذي بدأ بالاستعارة من فن المنمنمات الفارسية وانتهى بعد رحيل لوني الى محاكاة وتقليد فن التصوير الاوروبي ولاسيما فن الصور الشخصية «البورتريه»• ويذكر الدكتور ثروت عكاشة أن لوني لم يأخذ من تقاليد المدرسة التركية التي ينتمي إليها إلا أقلها متجنبا نقل الأحداث بحالتها وتسجيلها تسجيلا فوتوغرافيا، محورا اياها لتتواءم مع مقتضيات رسومه• ففي هذا المزج بين المثالي والواقعي وفي هذا الانسجام بين الشكل التقليدي والمنقول عن الملاحظة المباشرة تكمن عظمة الرسام التي تتجلي في أعماله. وإلى جانب صور السجلات التوثيقية لحفلات ومهرجانات السلطنة العثمانية فقد ترك لوني عددا كبيرا من الصور الشخصية من اهمها صورة للسلطان عثمان على عرشه تتضح فيها قدرة لوني على تصوير الاشخاص بدقة ومهارة. ومن أشهر لوحات «البورتريه» التي أنجزها لوني تلك التي صور فيها السلطان أحمد الثالث وابنه، حيث يبدو السلطان فيها وكأنه مقدس ازدان بالذهب والحلي. ومن تصاويره الرائعة مجموعة من اللوحات جمعت في البوم «مرقعة» محفوظ الى اليوم بمتحف طوبقا بوسراي باسطنبول• وهي تكشف عن موهبة لوني في رسم السيدات الجميلات اللاتي تفيض صورهن بالمشاعر وفي ذلك كان عبدالجليل شلبي رائدا لفنانين اتوا من بعده، عنوا بتصوير النساء الجميلات في العالم وذلك في مخطوط شهير باسم «زنان نامة» اي كتاب النساء وهو يتناول صفات النساء من مختلف البلدان والاقطار «الفه فاضلي الاندروني المتوفى عام 1810م». تصاوير الممثلات تعد تصاويره للممثلات من أجمل ما يحتويه سجل أعماله الفنية، ويبدو أن لوني قد أنفق جانبا كبيرا من وقته، وربما ماله، أيضا في الاستمتاع بالعروض المسرحية والفنية بالأستانة. ومن تلك الصور المعبرة واحدة تمثل فنانة تمسك في يدها «بالطقطقات» النحاسية. وترتدي فستانا طويلا تحته سروال مخطط فسيح وتعتمر غطاء رأس ينسدل خلف الرأس، وله عصابة حمراء من ذات لون القميص. ويبدو تعبير لوني عن الحركة معتمدا على حركة الجسم من اعلى ولاسيما حركات اليدين، وايضا في طيات الفستان، فضلا عن حركات القدمين، والوشاح الأبيض المطرز بخيوط ذهبية والذي تغطي به رأسها وتحركه مع حركات يديها. وتتضمن أحد أعماله أربع موسيقيات تنفخ إحداهن في المزمار والأخرى في مصفار بينما تقرع الثالثة الدف وتعزف الرابعة على العود. وحقق لوني نجاحا باهرا في صف العازفات بشكل هرمي اتاح رؤيتهن جميعا في وضوح تام مع التزام بقواعد المنظور. واللافت في تلك اللوحة الجميلة قدرة لوني في التعبير عن أحاسيس العازفات والمباينة بين ملامحهن الشخصية والتعبير عن حركات شفاه وأيدي العازفات. كما يصور بعض الغلمان، ومن أشهرها واحدة تمثل صبيا تركيا يهم بلف العمامة حول رأسه أسفل شجرة. ويضفي على تلك الصورة جمالا خاصا ما لجأ اليه لوني من رسم شجرة حطت عليها بعض الطيور بينما رصت اغصانها واورقها وزهورها بطريقة زخرفية
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©