الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بر الوالدين بعد موتهما

بر الوالدين بعد موتهما
13 سبتمبر 2009 00:18
العلائق الوشيجة بين الأبوة والنبوة لا تنقطع أبداً، فهي مستمرة في الدنيا والآخرة إذا كانا على منهج سليم وتربية صالحة، وحق الآباء على الأبناء ينبعث من الفطرة السليمة، ويؤكده الدين يقول سبحانه «فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً» الإسراء - 23، وتأكيداً لهذا الحق جعلت الشريعة استمراره بعد وفاتهما مطلوباً، والتذكير به مرغوباً، ومن قصر في حق والديه في حياتهما فيمكنه تدارك ذلك ولو بعد وفاتهما بعمل صالح، وذكر حسن، ودعاء موصول فعن أبي أُسيد- وكان من أهل بدر- قال: كنت جالساً عند النبي- صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله هل بقي من بر والدي من بعد موتهما شيء أبرهما به؟ فقال: (نعم؛ الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلها، فهذا الذي بقي عليك)، أخرجه أبو داود، والبخاري في الأدب وابن حيان في صحيحه وعنده زيادة، قال الرجل: ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه؟ قال: فأعمل به. وكان عبدالله بن عمر بن الخطاب في سفر فمرّ به أعرابي فقال: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى، قال: فأعطاه حماراً كان إذا ملّ راحلته تروّح بركوبه، وعمامةً كان يشد بها رأسه فلمّا أدبر الأعرابي قال له بعض أصحابه: إن هذا كان يرضى بدرهم أو درهمين، فأعطيته حمارك الذي كنت ترُوح عليه إذا مللت راحلتك وعمامتك التي كنت تشدّ بها رأسك؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أبرّ البر صلة الرجل أهل ودّ أبيه بعدما تولى». أخرجه مسلم. وفي رواية عن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «احفظ ودّ أبيك ولا تقطعه فيطفئ الله نورك»، أخرجه البخاري في الأدب المفرد والطبراني وغيرهما. قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: بلغني أن من عقّ والديه في حياتهما ثم قضى ديناً إن كان عليهما واستغفر لهما ولم يستسبَّ لهما، أي لم يتعرض لما يدعو إلى أن يُسَبَّ والداه، كُتب باراً ومن برّ والديه في حياتهما، ثم لم يقض ديناً إذا كان عليهما، ولم يستغفر لهما واستسبّ لهما كُتب عاقاً. ولحرص الصحابة - رضي الله عنهم - على برّ آبائهم وأمهاتهم كانوا يقفون لهم الأوقاف، ومن طريف ما جاء في ذلك عن عبدالله بن عباس أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أُمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها شيء إن تصدّقت به عنها؟ قال: نعم، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها، أخرجه البخاري. فقد جاء في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقال: إنّ أمي ماتت وعليها نذر، فقال: «اقضه عنها»، أخرجه البخاري. وقد صنع صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم - لآبائهم قرباً وأعمالاً بعد وفاتهم أقرهم عليها نبي الله - صلوات الله وسلامه عليه - فأصبحت تشريعاً، فبعضهم قال: يا رسول الله إنّ أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ فأقضيه عنها قال: «نعم فدين الله أحقُ أن يُقضى»، أخرجه البخاري. وجاءت امرأة فقالت: يا رسول الله إنّ أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها»، أخرجه الترمذي وغيره عن بريدة، وفي روايات: «اعتق عن أمك»، أخرجه النسائي. وجاءت في الأحاديث من مفاتيح الخير التي تدل على بر الأبناء بآبائهم،الصدقة، والصيام والحج، والعتق، ووفاء النذر، وغيرها، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم أنّ كل خيرٍ فهو نافع للآباء والأمهات إذا جاء على وجه القربة والصدقة. إنه البر والتواصل الدائم مع الآباء بأعمال خيّرة ومبرات دائمة مستمرة يدرك الإنسان بها ما فات أو يزيد في البر والصلة، وقد قال عبدالله بن عباس: «ليس شيء أحط للذنوب من برّ الوالدين». د. محمد مطر الكعبي المدير العام للهيئة العامة للشؤؤن الاسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©