السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الجدال بغير علم.. مدخل الشيطان والكراهية

19 ابريل 2018 21:48
القاهرة (الاتحاد) حذر علماء الدين من خطورة آفة الجدال على بناء واستقرار المجتمع الإسلامي، مؤكدين أن الإسلام نهى عنه، وذم الذين يجادلون في الدين بغير علم.. وأوضح العلماء أن الجدال بغير علم يعد مدخلاً من مداخل الشيطان، وباباً من أبواب الكراهية والخصام، مؤكدين أن في تركه مغالبة للنفس، ومدافعة لشهوة الظهور، فضلاً عن أن ترك الجدال من كمال الإيمان ومن علامات حسن الخلق. علامة الضلال الدكتور أحمد غنيم، أستاذ الدعوة الإسلامية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أوضح أن الإسلام نهى عن الجدال، وذم أولئك الذين يجادلون بغير علم، وفي هذا الشأن قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 33»، فمن أكبر الكبائر أن يقول الإنسان على الله ما لا يعلم، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن يقولوا «الله أعلم» فيما اشتبه عليهم، يقول الله تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا...)، «سورة النحل: الآية 78»، وليس الجهل بحكم مسألة عيبا، بل العيب أن يجادل الإنسان فيها بالباطل، لذلك على الإنسان أن يحرص على التعلم، وأن لا يتكلم فيما لا يحسن. وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، جعل الجدال علامة الضلال بعد الهداية، لما يترتب عليه من آثار موبقة ونتائج مهلكة، فعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل»، ثم تلا قول الله تعالى: (... مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)، «سورة الزخرف: الآية 58»، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من خطورة الرجل الذي لا تهدأ عنده غريزة الجدال، وتظل ثائرة لديه لأتفه الأمور، ويجادل حتى يقهر خصمه، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم»، كما توعد صلى الله عليه وسلم ذلك الصنف الذي يصر على الجدال في الباطل رغم علمه به، فقال صلى الله عليه وسلم: «ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع». وقال: ولأن الجدال منهي عنه تجنب السلف الصالح الخوض فيه، وحذروا منه، وورد عنهم آثار كثيرة في ذلك منها، قول ابن عباس رضي الله عنهما: كفي بك ظلما ألا تزال مخاصماً، وكفي بك إثماً ألا تزال ممارياً. وكان الحسن إذ سمع قوماً يتجادلون يقول: هؤلاء ملّوا العبادة، وخف عليهم القول، وقل ورعهم فتكلموا، وقال ابن أبي الزناد: ما أقام الجدل شيئاً إلا كسره جدل مثله، وقال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل، وكان أبو قلابة يقول: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم. اتباع الشيطان وأوضح فضيلة الشيخ شوقي عبداللطيف، وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقاً، أن الجدال المذموم أنواع منها، الجدال في الله بغير علم، وهو أخطر أنواع الجدال على العباد وعلى الدين، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ)، «سورة الحج: الآية 3»، وأيضاً الجدال في القرآن بالطعن في آيات الله تعالى بتتبع ما تشابه من آياته ابتغاء الفتنة، وضرب القرآن بعضه ببعض، قال سبحانه: (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ)، «سورة غافر: الآية 4»، وقال تعالى: (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ)، «سورة الشورى: الآية 35»، ومن الجدال المذموم الجدال بالباطل لدحض الحق، قال تعالى: (... وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ)، «سورة غافر: الآية 5». وأضاف الشيخ عبد اللطيف: من الجدال المذموم، الجدل في الحق بعد ظهوره دفعاً للحق وإعراضاً عنه، قال عز وجل: (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ...)، «سورة الأنفال: الآية 6»، وفي الحقيقة أن ترك الجدال فيه مغالبة للنفس، ومدافعة لشهوة الظهور، لأن بين الانتصار للنفس والانتصار للحق شعرة دقيقة، ومع ذلك، فإن فيها مدخلاً عظيماً من مداخل الشيطان، يثير من خلاله العداوات، ويقطع المودات، وربما حمل كل واحد من المتجادلين على الانتصار لرأيه ولو كان باطلاً، ودفع رأي الخصم ولو كان محقاً، فكان علاج ذلك بترك الجدال والمراء حتى لو كان المجادل يرى نفسه محقاً ومن فعل ذلك فقد ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم بيتاً في ربض الجنة. وأشار إلى أن ترك الجدال من كمال الإيمان، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة والمراء وإن كان صادقاً»، كما أن تركه علامة حسن الخلق، فعن السائب بن أبي السائب أنه كان يشارك النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام في التجارة، فلما كان يوم الفتح جاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مرحباً بأخي وشريكي كان لا يداري ولا يماري يا سائب قد كنت تعمل أعمالاً في الجاهلية لا تقبل منك وهي اليوم تقبل منك». صفة مذمومة قالت الدكتورة فايزة خاطر، أستاذ العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: هناك جدال محبوب وهذا اللون من الجدال قد جاء وصفه في القرآن الكريم مرة بأنه أحسن: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَ?هُنَا وَإِلَ?هُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)، «سورة العنكبوت: الآية 46»، وكذلك الجدال عن علم: (هَا أَنتُمْ هَ?ؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة آل عمران: الآية 66». والأصل في الجدال أنه مذموم لورود أكثر الآيات في ذمه إلا في الحالات السابقة، ومنها نستخلص سمات وشروط الجدال المباح، وهي أن يرجى من المجادل عدم العناد واتباع الهوى، بل تبدو عليه أمارات التجرد وعلامات التعقل، أما المعاندون المكابرون، فجدالهم مذموم محظور بعنادهم وإصرارهم على الباطل، وأن يكون الجدال بالتي هي أحسن من الرفق ولين الجانب وعدم التعالي والغرور، وإلا كان مذموماً، لأنه سيؤول إلى مفاسد عظيمة وأضرار بالغة، وأن يكون عن علم وبصيرة بموضوع الجدال، وإلا كان ممقوتاً، وأن يكون موضوعه ذو قيمة وأن يبتغي من طرحه للحوار جدوى وفائدة عامة وأن يبحث في جوهر الأمور ولا يتطرق إلى ثناياها. وأكدت أن هذا هو الحوار البناء الذي يخاطب العقل ويلتمس الإقناع، ويتمثل في الدعوة إلى الله وائتلاف قلوب العباد وترغيبهم في الخير وفضائله، وتنفيرهم من الشر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©