الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكاياكم أخصب من خيالاتنا العقيمة

حكاياكم أخصب من خيالاتنا العقيمة
25 مارس 2015 21:10
ويمر غزاة يأتي الجوع يأتي الطاعون يأتي فساد من بعد فساد لكن الخوف نشيج بلاد لا تعرفها *** الجنود ينغرزون في الأرض، ويتربصون.. الصمت ثقيل تنتشر في أوصاله نظراتهم المحمومة.. لن يمر عدو.. ذلك ما تقوله عيونهم! إننا الموت. أصبحنا الموت. ذلك ما تهتف به ملامحهم.. وإذ تتخافت ضجة المعركة قليلاً تتناثر من أفواههم الجافة كلمات متقطعة كالغصات. *** ولو أن الحرب لا زالت كما عرفناها لهانت الأمور قليلاً. لكن الحرب أيضاً تغيرت. صارت محيرة لا يستطيع المرء أن يميز أحواله فيها. *** هذه الفاجعة أكبر من أن تترك واحداً بيننا نقياً من المسؤولية. *** اللاجئون والخيام وتبدل خريطة البلاد.. كل هذا صحيح وتتمنى العين لو تعمى قبل أن تراه، لكن ذلك كله لا ينفي أننا أردنا ألا نقبل. أردنا ألا تهترئ خريطتنا بهذه الصورة المزرية.. *** حين نكون وجوهاً بلا ملامح. ما قيمة أن نريد! *** في بلاد لا تحترم الجغرافيا ما أصعب أن يكون لورقة على حائط أية أهمية.. ما أصعب أيضاً أن تقاوم الورقة عوامل الفناء.. ذلك محزن.. محزن كالهزيمة.. *** ذلك اليوم من حزيران نسي الجوعان جوعه نسي العريان عريه نسي المغبون غبنه نسي المعذب عذابه. وسالت بنا الشوارع. آلاف من الناس البسطاء الذين لا يريدون أن يُغتصبوا. الذين لا يريدون أن يزدادوا فقراً. *** تروي كتب التاريخ عن جماعة ضاق سوادها بالظلم والجور والشقاء. فاشتعل غضبها، وذبحت ملكها، ثم أكلته. في البداية شعروا بالمغص، وبعضهم تقيأ، لكن بعد فترة صحت جسومهم، تساوى الناس وراقت الحياة، ثم لم يبق متنكر ولا متنكرون.. *** مرايا.. مرايا.. كما لوكنت محبوساً في حجرة مضلعة من المرايا. الجدران مرايا. السقف والأرض والنوافذ مرايا. وأنا أدور في الحجرة وحيداً. أصفق، فألمح حشوداً تصفق لي، أهتف، فتزحم عيني آلاف لا متناهية تهتف لي. أنحني فتنحني الملايين أمامي. أمشي فتواكبني مسيرة حاشدة تهتز لها قيعان الأرض. حشود.. حشود غفيرة تستعير كلماتي ولفتاتي.. وتتأهب منتظرة إشارة.. مرايا.. مرايا.. وتفرج يا سلام.. على الأمة ذات الهمة. أرادت أن تستعجل النهضة، وأن تحقق التقدم في قفزة فأنفقت عقداً من الزمان، في السجال بين الطربوش والقبعة. *** أرووا حكاياكم.. أرووها. هي أخصب من خيالاتنا العقيمة. *** لا تستطيع الجدران مهما كانت سميكة وعالية، أن تحتجز موجات العمر، وما تحمله من ذكريات ومشاعر وصور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©