الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شجاعة «الخطوط الحمراء»!

5 ابريل 2014 00:07
كريستا كاسي بريانت كاتبة ومحللة سياسية أميركية يمكن أن يفسر إخفاق جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرامية إلى تحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، على أنه فشل آخر للولايات المتحدة في المنطقة، لكن أيضاً على أنه انتصار للفلسطينيين. فقد رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الشروط الإسرائيلية لاستمرار المحادثات، وسعى بدلا من ذلك إلى التحرك بصورة أحادية في الأمم المتحدة. وبذلك، أوضح عباس رغبة لا توصف في المجازفة باستياء أكبر مانح منفرد للسلطة الفلسطينية من أجل تعزيز الأجندة الفلسطينية عالمياً. وخلال العقدين الماضيين من عملية «السلام»، لم يرسم عباس أو سابقوه خطاً فاصلا بشأن قضايا مثل تجميد الاستيطان الإسرائيلي، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، أو عدم تطبيق اتفاقيات السلام السابقة، حسبما أفادت العضو السابق في فريق التفاوض الفلسطيني ديانا بوتو. وأضافت بوتو: «بقدر ما يقولون إنه خط أحمر، فإنه يتحول إلى رمادي»، لافتة إلى أن قرار عباس كان جيداً بالنسبة لها، لأنه أرسى للمرة الأولى حقيقة أن هناك خطاً أحمر. وعزز هذا التحرك موقف الزعيم الفلسطيني المنهك، والذي بذل جهوداً مضنية كي يوضح للفلسطينيين أية امتيازات ملموسة من تفضيل المفاوضات على العنف، لكن على الأرجح تحول الأمر إلى خيبة أمل حتى في الولايات المتحدة. ونجحت دبلوماسية كيري المكوكية العنيدة في إقناع الطرفين بإجراء محادثات لمدة تسعة أشهر، تنتهي بحلول 29 أبريل الجاري. وفي إجراء لبناء الثقة، وافقت إسرائيل على إطلاق سراح مائة وأربعة أسرى، معظمهم محتجزين منذ ما قبل اتفاقات السلام في أوسلو عام 1993. لكن الموعد قد حلّ الأسبوع الماضي لإطلاق سراح الدفعة الرابعة والنهائية من الأسرى، غير أن إسرائيل علقت تحريرهم على موافقة الفلسطينيين على مدّ أجل المحادثات لمدة ستة أشهر إضافية. ورغم قيام كيري بزيارة سريعة متوهجة، أخفق كلا الطرفين في تجاوز الطريق المسدود، واعتبرت السلطة الفلسطينية نفسها محررة من التزامها بعدم التحرك بصورة أحادية في الأمم المتحدة. وعقب الحصول على توقيع عباس يوم الأربعاء، تقدمت السلطة الفلسطينية رسمياً لتصبح طرفاً موقعاً على 15 معاهدة دولية، منها معاهدات مكافحة التعذيب والفساد والإبادة الجماعية، إضافة إلى العقاب والقضاء على جرائم التمييز العنصري، حسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية. ولطالما عارضت إسرائيل الخطوة التي هدد عباس باتخاذها منذ تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الاعتراف بفلسطين في وضع «مراقب» وكدولة غير عضو، في نوفمبر 2012. واعتبرت إسرائيل هذه الخطوةَ غير بناءة في عملية صنع السلام، خصوصاً إذا أمكن استغلال المعاهدات كمنتديات لرفع قضايا جرائم حرب ضد إسرائيل. ويشعر كثير من الفلسطينيين بالسعادة من أن عباس تحدى الضغوط الأميركية رغم سمعته كزعيم لين الجانب حيالها. وأوضح الكاتب الفلسطيني والمحرر السابق لدى صحيفة «الحياة الجديدة» المملوكة للسلطة الفلسطينية، حافظ البرغوثي، أن الإسرائيليين والأميركيين اعتقدوا بأن أبومازن لم تكن لديه الشجاعة لفعل ذلك، وعليه فإنهم لم يكترثوا بمطالبه. وأضاف: «لذلك، عندما اتخذ أبومازن هذه الخطوة، ارتفعت شعبيته، لأن الأمر يتعلق بكرامة الفلسطينيين». واعتبر المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية «ألون ليل»، أن الوصول إلى نهاية غير سعيدة أفضل من استمرار أشهر من النقاش في قضايا هامشية، مثل اعتراف السلطة الفلسطينية بإسرائيل كدولة يهودية، ونوع التواجد العسكري الذي سيتم السماح به لإسرائيل على الحدود بين الضفة الغربية والأردن.. بدلا من القضايا الأساسية مثل الحدود واللاجئين ووضع القدس. وأعرب «ليل» عن بالغ أسفه، لكنه أكد بأنه يفضل انهيار المحادثات على البقاء فقط في نطاق الأشهر الخمسة الماضية التي تحدث فيها كيري مع كل طرف على حدة بشأن قضايا ليست جوهرية، لابد من معالجتها إذا كانت هناك رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق. وفي حين يبتهج الفلسطينيون بشجاعة عباس، يود «ليل» لو يرى بعض الشجاعة الأميركية. فبعد أشهر من المناقشات المكثفة مع كافة القوى الفاعلة الرئيسية، ينبغي على واشنطن، وبمقدورها فعل ذلك، وضع مقترح مفصل لعملية السلام. وكما يقول «ليل» فإنه «على الأميركيين إعادة التفكير، وإذا كانوا أي من الجانبين يعتزم عدم التحدث مرة أخرى في المستقبل القريب، ينبغي أن تكون هناك خطة أميركية شجاعة تطرح على الطاولة». وتابع: «عندئذ سنعرف على الأقل بصورة علانية أين نقف، وأين ينبغي الضغط». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©