الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عاصمة «المنفيين» تفتح ملف «الإخوان» والتوقعات محدودة

عاصمة «المنفيين» تفتح ملف «الإخوان» والتوقعات محدودة
5 ابريل 2014 00:19
ظلت عاصمة الضباب منذ أمد بعيد المنفى الاختياري لأي ناشط سياسي تجبره ظروف بلاده على الرحيل ومغادرة الوطن، واستقبلت لندن على مر السنين جنسيات متعددة وشخصيات من مختلف ألوان الطيف السياسي من أقصى اليمين وأقصى اليسار، ويبدو أن مناخ الحرية والديمقراطية التي تتمتع بهما المملكة المتحدة قد أغرى الجماعات المتشددة - رغم نظرتها المعادية للغرب - للاستقرار فيها. ولم يكن «الإخوان المسلمون» في مصر حالة نادرة عن غيرهم بعد فرارهم إلى لندن في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي، وهذه المرة كان توافدهم تحت حماية ورعاية الحكومة البريطانية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، بحجة إظهار التعاطف مع جماعة وصلت للسلطة عبر صناديق الاقتراع وخرجت بثورة دعمها الجيش تعتبرها بمثابة «انقلاب عسكري». لكن سرعان ما بدأت هذه الحكومة تتململ من إيواء تلك الجماعة، خاصة حين ارتبطت بعض العمليات الإرهابية في الوطن العربي بتدبير أو تخطيط أو صلة بالجماعة بمن هم في بريطانيا، وخرج رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لإعلان قراره بإجراء تحقيق حول أنشطة «الإخوان» بالمملكة المتحدة، لمعرفة ما إذا كان ينبغي أن تصنف على أنها منظمة إرهابية من عدمه. ومن غير المعلوم إن كانت الخطوة البريطانية تعد تحضيراً لتنفيذ حظر لقيادات الجماعة، أم أنها مجرد إجراءات احترازية خوفاً من انتقال أعمال العنف من الدول العربية إلى داخل أراضي المملكة المتحدة. ورأى خبراء سياسيون مصريون «أن العالم بدأ يأخذ حذره من أنشطة جماعة الإخوان المريبة في الخارج، خاصةً وأن الراعي الأميركي لن يستطيع الزود عن الإخوان كثيراً، في حال تأكد وجود مساعٍ دولية لزعزعة الاستقرار العالمي». بينما اعتبر آخرون «أن هناك ضغوطاً مورست على بريطانيا من أجل مراجعة أنشطة الجماعة على أراضيها. مصالح بريطانية ولكن.. في هذا السياق، قال إبراهيم نصر الدين أستاذ النظم السياسية بمعهد البحوث الأفريقية «إن ما يحدث في لندن نحو الإخوان جزء من الزخم العالمي نحو الجماعة في كافة أنحاء المعمورة، وتأتي هذه الخطوة من قبل الحكومة البريطانية في أعقاب الهجوم الإرهابي الأخير على حافلة سياحية في شبه جزيرة سيناء الشهر الماضي، بعد أن كشفت التحقيقات الأولية أن هذه العملية تم تدبيرها والتخطيط لها من قبل بعض عناصر التنظيم الدولي المتواجدين في بريطانيا حالياً، وبالتالي تريد لندن رفع الحرج العالمي عنها، خوفاً من أن تصبح دولة راعية للإرهاب، وهو الأمر الذي سيجعلها تفقد مصالحها في الشرق الأوسط، وتحديداً مع دول الخليج»، مؤكداً أن كاميرون أوعز بضرورة إجراء تحقيق حول فلسفة وأنشطة الجماعة، للتأكد إن كانت تمثل تهديداً أمنياً على المملكة المتحدة، ويعتقد أن ما حدث سيلقي تبعات سلبية على أنشطة الإخوان داخل لندن ويقود في نهاية المطاف إلى تقييد حركتها وحظرها، نظراً لأن جهاز الاستخبارات البريطاني يتابع بشكل دقيق تورط الجماعة في تنفيذ أعمال إرهابية داخل دول الربيع العربي. وأوضح أن العاصمة البريطانية بدأ يطلق عليها «لندنستان»، منذ أواخر عام 1990، بعد أن أصبحت مأوى لجميع التيارات المتطرفة، والآن باتت مقراً رئيسياً لجمـاعة الإخوان وذلك في محاولة لكسب ود الأصدقاء مثل أميركا». واختلفت في الرأي د. شيرين فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة البريطانية بالقاهرة، بقولها «إن بريطانيا لن تستطيع المجازفة بعلاقتها مع أميركا التي تساند الإخوان، من أجل إرضاء العالم العربي، وما حدث مجرد إجراء احترازي من قبل الحكومة ضد الجماعة، وأعتقد أن تقرير جهاز الاستخبارات البريطاني سيؤكد أن الفرع الإخواني المتواجد في لندن ليس له علاقة بما يحدث من أنشطة إرهابية في مصر والعالم العربي»، واعتبرت «أن التحقيق يأتي بعد ضغوط سياسية من مصر والسعودية، مع العلم أنه بعد حظر الإخوان في الرياض خرج بيان صادر من الخارجية البريطانية يأسف للمرسوم السعودي، ولذلك الهدف من التحقيق ليس حظر المنظمة أو تحريم وجودها في لندن، وإنما لإرضاء الدول العربية التي تمتلك علاقات واسعة مع لندن». وتابعت «أن الدافع وراء القرار وجود أدلة تلقتها المخابرات المصرية حول اجتماع قادة التنظيم الدولي في لندن للتخطيط وإفشال الانتخابات الرئاسية المصرية المزمع إجراؤها الشهر المقبل، وبالتالي فإن بريطانيا مسؤولة عن توضيح ما يحدث على أراضيها من مؤامرات تحاك ضد الدول العربية، من قبل تنظيم مدرج على لائحة المنظمات الإرهابية»، وأوضحت أنه من المتوقع أن يخرج التقرير «بوجود عدد صغير من الذين ينتمون إلى الإخوان في المملكة المتحدة، الذين لهم علاقات وصلات بما يحدث من تطرف وعنف داخل الدول العربية، وسيخلص الأمر إلى أن هذه حالات فردية وليست جزءاً من سياسة عمل الإخوان الجماعية داخل المملكة المتحدة». حظر «الإخوان» غير مستبعد «حكومة المملكة المتحدة متيقظة تماماً تجاه ما يحدث من قبل جماعات الإسلام السياسي، حتى لا تتحوّل ومدن بريطانية أخرى ملاذاً للمتشددين»..هذا ما يؤكده د. قدري سعيد رئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ويضيف «لذلك رغبت بريطانيا في مراجعة حكومية داخلية في فلسفة وأنشطة جماعة الإخوان، لكن ليس مستبعدا أن تضاف الحركة على قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة»، معتبراً أنه ربما يكون الدافع من تصريحات كاميرون حظر جماعة الإخوان من العمل في بريطانيا، حيث تنبهت حكومته أخيراً إلى التهديد المتزايد من قبل متشددين على الأمن القومي البريطاني، والأوروبي بشكل عام، ولفت إلى أن التهديد الذي يشكّله متشددون قد بزغ أخيراً في مدينة «داون ستريت»، حيث تخطط جماعات متطرفة من داخل لندن لشن أعمال متطرفة في بعض دول أوروبا التي تعاونت مع النظام المؤقت في مصر، وهو ما سيلقي عبئاً سياسياً وحرجاً دولياً على بريطانيا في حال تركت هذه الجماعات تتلاعب بالأمن القومي الأوروبي من داخل دولة أوروبية، وبالتالي فإن قرار كاميرون بمراجعة أنشطة الإخوان يمكن أن يساهم في ظهور أدلة تدين الجماعة، نظراً لأن حظرها في المملكة المتحدة أو وضع الإخوان على لائحة الإرهاب دون وجود أدلة كافية يمكن أن يكون له عواقب خطيرة على أمنها القومي، وعلى جميع أنحاء أوروبا. التحقيق «استعراضي» وفي رأي د. أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية «أن بريطانيا ترى أن إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب مع أدلة قليلة أو معدومة، سيكون بمثابة «خيانة» للقيم البريطانية عبر عقود من التعامل الآمن مع المنظمة، وبالتالي فإن قرار كاميرون سيكون بعيداً عن حظر الإخوان، وأوضح أن لندن طوال تاريخها كانت دولة مضيفة للمنفيين السياسيين من جميع المشارب من مختلف أنحاء العالم، أبرزهم أعضاء من السياسيين الباكستانيين مثل رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، رئيسة الوزراء الراحلة بي نظير بوتو، والرئيس السابق برويز مشرف إضافة إلى عدد من المسؤولين الروس، ويشير إلى أن بريطانيا تتخوّف من حظر الإخوان، نظراً لأن هذا القرار سيجعلها عرضة لهجمات تنظيم القاعدة، والقوى المتطرفة حول العالم، فضلاً عن عودة الإخوان إلى العمل السري داخل المملكة المتحدة، وهو الأمر الذي لن تستطيع لندن التعامل معه حالياً، بالإضافة إلى أن التوجه البريطاني موازٍ للتوجه الأميركي في دعم الإخوان، والوقوف ضد النظام السياسي المصري المؤقت، ويضيف «لذلك لا ينتظر الرأي العام العربي ربيعاً أوروبياً على جماعة الإخوان»، لافتاً إلى أن قرار كاميرون سيكون بمثابة استعراض تقييم تأثير الإخوان على النفوذ والمصالح الوطنية في المملكة المتحدة، في الداخل والخارج، بجانب تأثير الإخوان الأوسع على المجتمع في المملكة المتحدة داخل المؤسسات الثقافية والتعليمية. ومن وجهة نظر مختلفة رأى د. طارق أبو السعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن السعودية لها نفوذ داخل بريطانيا، وهناك تعاملات بالمليارات، ومن الصعب أن تضيع هذه الأموال هدراً على الحكومة البريطانية، ولذلك فإن قرار كاميرون مجرد إرضاء سياسي للمملكة السعودية، واكد أن «السير جون سويرز الرئيس الحالي لجهاز MI6 (المخابرات البريطاني) والذي عمل سفيراً لدى مصر بين عامي 2001 و 2003، سيكون على رأس لجنة التحقيق مع الإخوان في بريطانيا»، غير أنه استدرك قائلاً «مع ذلك لا يمكن التكهن بحظر جماعة الإخوان في المملكة المتحدة، خاصةً وأن توقيت الإعلان عن التحقيق مع الإخوان يؤكد وجود ضغوط خارجية على لندن، وهو ما سترفضه على الأقل في الوقت الحالي»، وأشار الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن التوترات بدأت تطفو على السطح داخل الحكومة البريطانية، بعد قرار كاميرون بإجراء تحقيق مع جماعة الإخوان ومعرفة إن كان بالإمكان تصنيفها كمنظمة إرهابية من عدمه، بالإضافة إلى وجود عدد من المعلقين والمراقبين في الشرق الأوسط». وأوضح أن الصحافة البريطانية تؤكد تعرّض كاميرون لضغوط من نظرائه في المنطقة، ولكن تظـل طبيعـة التحقيق المزعوم مصدراً قلقاً، خاصـةً وأن بريطانيا تضع ثقلها السياسي والدولي وراء الإخوان، وتجاهل الإرادة الديمقـراطية للشعب المصري. (القاهرة - وكالة الصحافة العربية )
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©