الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألفي كون يطرح بدائل لمساعدة الأطفال كي يصبحوا أفراداً صالحين

ألفي كون يطرح بدائل لمساعدة الأطفال كي يصبحوا أفراداً صالحين
14 سبتمبر 2009 02:10
يسعى ألفي كون من خلال كتابه (تربية الأطفال: عطاء بلا حدود) إلى هدم النصائح التقليدية التي نتلقاها بشأن تربية أطفالنا ويقدم بدائل عملية للأساليب والطرق التي نميل أحيانا لاستخدامها لجعل أطفالنا يتصرفون بصورة مهذبة أو لدفعهم لتحقيق النجاح. ويوضح أن هذه البدائل تعد فرصة معقولة لمساعدة أطفالنا على أن يصبحوا أفرادا صالحين بكل ما في الكلمة من معنى. معايير الكبار في بداية الكتاب يتحدث كون عما يعرف بالتربية المشروطة قائلا: «إنه علينا أن نميّز بين محبتنا للأطفال نتيجة لما يحققونه من إنجازات ومحبتنا لهم كونهم أطفالاً بغض النظر عن أي اختيارات أخرى. النوع الأول حب مشروط يتوجب على الأطفال الحصول عليه عبر التصرف بطرق نراها نحن الكبار مناسبة عبر الأداء طبقاً لمعاييرنا، والنوع الثاني حبّ غير مشروط لا يعتمد على الكيفية التي يتصرف بها الأطفال كونهم ناجحين أو مهذبين أو أي شيء آخر». ويدافع المؤلف عن فكرة التربية غير المشروطة وأنه لا يتوجب على الأطفال الحصول على موافقتنا أو نيل استحساننا حتى ينبغي أن نحبهم، ويوضح أن الحب غير المشروط للأطفال سيكون له أثر إيجابي ولا يقتصر الأمر من الناحية الأخلاقية على كونه فعل الصواب، بل هو فعل ينم عن ذكاء وفطنة أيضا، ويشدد على أن الأطفال في احتياج أن نحبهم كما هم ولما يمثلونه من طفولة، وليس لشيء آخر، وحين يحدث ذلك يستطيع الأطفال النظر إلى أنفسهم كأشخاص صالحين حتى عندما يقصرون أو يخطئون، وعندما يتم إشباع هذه الحاجة الأساسية لديهم فإنهم يصبحون أكثر انطلاقا لتقبل الآخرين ومساعدتهم. إجمالا لما سبق فإن الحب غير المشروط هو ما يحتاج إليه الأطفال ليكبروا ويتألقوا. الحب المشروط على النقيض من ذلك فإن التربية المشروطة أو الحب المشروط الذي يعتمد فيها مستوى الرعاية والاهتمام على سلوكيات الطفل وأفعاله، نجد أنه يحمل بين طياته العديد من المساوئ يحددها الكاتب فيما يلي: 1- الأداء الدراسي للأطفال الذين نشأوا وفقا للحب المشروط أقل من الآخرين. 2- بالنسبة للمرحلة الجامعية، الطلبة الذين قدم لهم أهلهم حبا مشروطا كانوا أكثر ميلا للشعور بالنبذ وبالتالي يشعرون بالكراهية نحو والديهم. 3- الآثار المدمرة للحب المشروط تنتقل مع الأبناء حتى يصبحوا آباء فيقوموا بتربية أبنائهم بذات النمط الذين نشأوا عليه بالرغم من الآثار الضارة التي وقعت عليهم في الطفولة. 4- كلما كان الدعم المقدم إلى الشخص مشروطا قلّت نظرة هذا الشخص إلى قيمته كإنسان. 5- المراهقون الذين يشعرون أن عليهم تلبية شروط معينة للحصول على استحسان أهلهم ورضاهم ينتهي بهم الأمر إلى حد كراهية أنفسهم، وربما يؤدي بهذا المراهق إلى تكوين ما يسمى «الذات المزيّفة» أي التظاهر بأنه الشخص الذي سوف يحبه والداه. العصا والجزرة يدلف الكاتب إلى الحديث عن منح الحب ومنعه موضحا أن البعض يستخدم الحب للسيطرة على الأطفال إما بحجبه عندما يكون الطفل سيئا أو بإغداق الاهتمام والعواطف على الطفل عندما يكون جيدا، ويقول إن هذين يمثلان وجها الحب الإشراطي «سحب الحب» (العصا) و»التعزيز الإيجابي» (الجزرة). وحجب الحب يمكن أن يطبق بطرقة متعددة وبمستويات مختلفة من التركيز، يمكن لأحد الأبوين الانسحاب للوراء كاستجابة لشيء فعله الطفل ليصبح «الوالد» أكثر برودا أو أقل تفاعلاً من الناحية العاطفية، ربما من غير أن يكون مدركا لذلك، كما يمكن له أن يصرح بجفاء، «أنا لا أحبك عندما تتصرف على هذا النحو» أو عندما تفعل أشياء كهذه أنا لا أرغب حتى في أن أكون بقربك». ويحذر ألفي كون من أسلوب سحب الحب في التربية قائلا، إن له كثيرا من المساوئ منها: 1- الأطفال الذين عوملوا بهذه الطريقة يكونون محبطين أكثر من أقرانهم. 2- الناس الذين عاملهم آباؤهم وأمهاتهم بتلك الطريقة يحتفظون بقلق غير اعتيادي، وتكون علاقاتهم وهم كبار علاقات مشوهة وميالة إلى تجنب الارتباط بالآخرين. 3- وُجد أن لدى هؤلاء الأطفال مستوى أقل من النمو الأخلاقي. الاتجاه المعاكس ينتقد المؤلف طريقة التعزيز الإيجابي، قائلا: إن التجارب أوضحت أن المكافآت غالبا ما تعمل في الاتجاه المعاكس، حيث تبين أن الأطفال الذين تتم مكافأتهم من أجل قيامهم بالأشياء الحسنة، لا يفكرون في أنفسهم بصفتهم أشخاصاً صالحين، بل يربطون أفعالهم بالمكافأة. ولذلك عندما يتوقف احتمال الربح يصبحون أقل ميلا للمساعدة مما كانوا عليه قبل المكافأة، وفي المحصلة تعلّموا أن عمل الخير يرتبط بالحصول على مكافأة. ومع ذلك فإن الكاتب لا ينكر أهمية المديح عندما يقوم الطفل بفعل شيء حسن ولكن يجب التفرقة بينه وبين التعزيز الإيجابي الذي يهدف إلى تغيير سلوكه. تنظيم النفس يعرج الكاتب إلى تناول التحكم الزائد عن الحد، والذي ينطلق غالبا من اعتقاد الأهل بان الأطفال لا يستحقون الاحترام الذي يستحقه الكبار، وبالتالي لا يتم احترام حاجاتهم ورغباتهم ويوضح الكاتب أن هذا الأسلوب المرتكز على التسلط ليس عديم التأثير فحسب، بل إنه مؤذ إلى حد مرعب، حتى عندما يظهر وكأنه مُجد، لأن الأطفال في هذه الحالة أما ينشأوا مذعنين إلى أبعد الحدود أو عنيدين إلى أبعد الحدود. ويلفت الكاتب إلى أن «الأطفال حين يولدون تولد معهم القدرة على اتخاذ القرارات حول الطريقة التي تناسب احتياجاتهم أي القدرة على تنظيم النفس بشكل طبيعي، ولكن التحكم من شأنه أن يفقدهم هذه القدرة». ومع ذلك لا ينكر أهمية وجود قدر من التنظيم المعقول لحياة الطفل، وذلك عند الحاجة وبطريقة مرنة ودون فرض مزيد من القيود، وبمشاركة الطفل إن أمكن. هنا تختلف النتيجة تماما عنها لدى استخدام الإكراه أو الضغط لفرض الإرادة الوالدية، وهو ما يعرف عادة بالتحكم. مساوئ العقاب يدلف كاتبنا إلى الحديث عن أسلوب العقاب في التربية ومساوئه في تربية الطفل والتي يذكر منها: 1- إنه يخرج المرء عن طوعه. 2- تجسيد لمبدأ استخدام القوة. 3- يدمر علاقاتنا بأطفالنا. 4- يشتت انتباه الطفل عن المسائل المهمة. 5- يجعل من الطفل كائنا متمركزا حول الذات. ويشدد المؤلف بعد استعراض تلك المساوئ إلى ضرورة التخلص من المفاهيم السيئة مثل العقوبة والتعزيز من أجل أن تؤدي المفاهيم الحسنة مهمتها. اغتراب وعدوانية يتناول الكاتب الضغوط التي يتعرض لها الأطفال من أجل النجاح، التي تجعل حافز الطفل مرهونا بالمستقبل، مما يؤدي في كثير من الأحوال إلى التضحية بالأنشطة التي يمكن أن تجلب الاستمتاع للطفل وتكون ذات معنى. وهذه الضغوط التي يتعرض لها الأطفال تجعلهم يشعرون بالاغتراب والعدوانية والحسد للناجحين والازدراء للفاشلين، كما يتأثر احترامهم وتقديرهم للذات نتيجة لهذه العلاقات. ثم يأخذ الكاتب في وضع مبادئ عريضة بالإضافة إلى بعض طرق التفكير في كيفية بدائل للتربية التقليدية لتنشئة الأطفال ورعايتهم، وهذه المبادئ كما يقول المؤلف مستقاة من بحوث ومن تحليل أعمال مستشارين بارزين وكذا واقع خبرته الشخصية. وصفة تفصيلية يلفت الكاتب إلى أن هذه ليست وصفة تفصيلية لكيفية تنشئة أطفال صالحين لأنه لا توجد صيغة واحدة تصلح لكل عائلة وليست هناك وصفة تتوقع عددا لا ينتهي من الحالات. ومن تلك المبادئ التي يطرحها المؤلف فهي: 1- فكر وتأمل، موضحا أن أفضل الآباء الذين يمحصون أفكارهم ومشاعرهم ودوافعهم ولديهم الاستعداد لتحمل الصعوبات. 2- أعد النظر في طلباتك بمعنى أن تكون طلبات الآباء تتماشى مع ما يمكن توقعه من أطفال في سن محددة. 3- ضع نصب عينيك أهدافا طويلة المدى بخصوص ما نريده لأطفالنا. 4- ضع العلاقة في المقام الأول واعتبار أن العلاقة المتينة والمفعمة بالحب مع أطفالنا هي غاية في حد ذاتها. 5- غيّر نظرتك للأمور وليس كيفية تصرفك فحسب. 6- أظهر الاحترام، فعامل الأطفال باحترام. 7- تكلم قليلا واسأل كثيرا لكي تكون والدا عظيما فإن دورك يتطلب أن تستمع أكثر من أن تشرح. 8- خذ أعمارهم في الاعتبار وذلك في جعل استراتيجياتنا التي نتعامل بها معهم متغيرة مع نموهم. وبالإبحار مع كاتبنا عبر صفحات الكتاب نستكشف عديدا من الطرائق التي يطرحها من أجل تنشئة سليمة لأطفالنا بما يجعلهم في نهاية الأمر أفراداً صالحين وأسوياء بعيدين عن أي خلل في نواحي التوازن النفسي والاجتماعي
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©