السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور الأم في التربية

دور الأم في التربية
14 سبتمبر 2009 02:12
بينما كنت أقرأ القرآن الكريم، وأعيش معه في شهر القرآن، توقفت عند هذا المشهد المؤثر في سورة هود، في قصة نبي الله نوح عليه السلام، قال تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)»(هود 40-43). لقد تصورت هذا المشهد بكل أبعاده، طوفان يعم الأرض، السماء تنفتح على الأرض بماء منهمر، والأرض تتفجر عيوناً لتغرق الأرض بمن عليها، وسفينة النجاة تحمل المؤمنين، وتمخر عباب الطوفان في موج كالجبال، فرأى نوح ابنه يغرق مع الكافرين، فتحركت فيه عاطفة الأبوة، وناداه يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين! فرد عليه بكل قسوة وعقوق، قال: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء! فرد عليه الأب الحنون: قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم، وانتهى المشهد بغرق الابن العاق، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين. يا سبحان الله! أب يدعو ابنه إلى النجاة من غمرة الطوفان فيدفعه عقوقه إلى الامتناع حتى يوصله إلى الهلاك! ويقابل هذا المشهد مشهد قرآني آخر عن أب يدعو ابنه إلى الموت ويشاوره في أن يذبحه فيدفعه بره بأبيه إلى الاستسلام والطاعة، قال تعالى في سورة الصافات: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)». ترى من المسؤول عن عقوق ابن نوح؟ ومن المسؤول عن بر إسماعيل؟ إنني أعتقد أن زوجة نوح كانت كافرة به، وهي المسؤولة بالمقام الأول عن غرس العقوق في ولدها! لقد خانت زوجها في تربية ولده، وربت ولدها على الكفر والجحود والعقوق حتى أوصلته إلى الهلاك المحتوم! كما قال الله عنها في سورة التحريم: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)». وإن أم إسماعيل هاجر عليها سلام الله غرست في ابنها إسماعيل الإيمان بالله تعالى، وربته على الصلاح والبر حتى صار إسماعيل صادق الوعد، حليماً باراً بأبيه، وبلغ من بره بأبيه أن دعاه إلى الذبح والموت فقال له يا أبت افعل ما تؤمر! ولقد جاءت تربية هاجر لولدها في ظروف صعبة جداً، حيث وضعها زوجها إبراهيم في صحراء قاحلة بوادٍ غير ذي زرع عند بيت الله الحرام، حيث لا ماء ولا نماء، ولا أنيس من البشر! فقالت له آلله أمرك بهذا؟ فأشار برأسه أن نعم! قالت: إذن لن يضيعنا الله! لم تقل لولدها لقد عرضنا أبوك للوحوش الضارية، والذئاب المفترسة، وتركنا في هذه الظروف ليسلمنا للموت! لقد جاء نتاج التربية الصالحة على لسان الولد البار يا أبت افعل ما تؤمر. أتساءل: أين تربية الأمهات للأبناء؟ وماذا تغرس الأم في ولدها تجاه أبيه لو تعرضت الأسرة لخلافات في وجهات النظر؟! drbassam@eim.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©