الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدارة أوباما وتحدي الكيماوي السوري

إدارة أوباما وتحدي الكيماوي السوري
25 مارس 2013 23:11
جريج ميلرجون واريك، وكارين ديونج محللون سياسيون أميركيون كشف الهجوم المريب الذي أدى في الأسبوع الماضي إلى مقتل 26 شخصاً بشمال سوريا مدى الصعوبة التي تنطوي عليها عملية تحديد ما إذا كان النظام السوري قد لجأ إلى استخدام السلاح الكيماوي، فضلاً عن عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بطريقة استجابة أوباما في حالة ما إذا اجتاز النظام السوري ما وصفه أوباما بـ«الخط الأحمر»، ويقر مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون بالصعوبات التقنية التي تطرحها مسألة التحقق من استخدام السلاح الكيماوي في الهجمات الأخيرة. ويزيد من تفاقم الوضع عدم قدرة أجهزة الاستخبارات الأميركية على جمع معلومات موثوقة، أحرى إجراء فحص لعينات التربة والهواء داخل سوريا، ولاسيما بعد الاتهامات الأخيرة التي تبادلها كل من النظام والثوار بشأن استخدام السلاح الكيماوي. وما زال المحللون في الاستخبارات الأميركية يجتهدون لتحديد ما إذا كان الهجوم الذي حدث بالقرب من حلب يوم الثلاثاء الماضي استُخدمت فيه أسلحة كيماوية أم لا، ومع ذلك من غير المعروف الأسلوب الذي سيواجه به أوباما الأمر إذا ما توافرت له أدلة مقنعة على أن النظام لجأ بالفعل إلى أسلحة فتاكة في تصديه للثوار. وفي هذا السياق طرح البنتاجون مجموعة من الخيارات المتوازنة التي تتراوح بن شن ضربات جوية على سوريا إلى إرسال قوات برية للسيطرة على مواقع الأسلحة. ولكن المسؤولين أكدوا أنهم لم يتخذوا الخطوات المتقدمة الضرورية لتنفيذ هذه السيناريوهات في حال لزم الأمر، والسبب هو العراقيل التي تتعرض لها عملية التخطيط لأي تدخل عسكري في سوريا مخافة ردود الفعل السيئة، فضلاً عن صعوبات التنسيق مع الحلفاء المحليين. وغياب الاستعداد الأميركي للتدخل يوضحه مسؤول في إدارة أوباما رفض الكشف عن اسمه قائلاً «إذا ما كان علينا الذهاب غداً سأقول إننا لسنا مستعدين، وما نريد تفاديه هنا هو سيطرة طرف معين على مواقع الأسلحة الكيماوية وقصفه من قبل الطرف الآخر». والمفارقة في هذا الواقع أن مستوى عدم الوضوح الذي يطغى على الخطط الأميركية بشأن سوريا بعد سنتين كاملتين على بدء الصراع الذي خلف أكثر من 70 ألف قتيل يتناقض مع وضوح خطاب أوباما الذي ما فتئ يكرر فيه انتقاداته الشديدة لحكومة بشار الأسد، وبعد ورود تقارير أولية تشير إلى أن السلاح الكيماوي ربما يكون استخدم بالقرب من حلب خلال الأسبوع الماضي سارع أوباما للتأكيد أن مثل هذه الخطوة ستغير مجريات الأمور، موضحاً أنه أعطى تعليماته لفرق متخصصة للتحقق مما إذا كان الأسد قد اجتاز بالفعل الخط الأحمر الذي حدده في السابق، وكانت الولايات المتحدة قد انخرطت في تعاون وثيق مع حلفائها في المنطقة استعداداً للرد في حالة استعمال النظام السلاح المحظور، أو إذا ما استدعى الأمر السيطرة على مواقعه. وبالنظر إلى قرب تلك المواقع من الحدود مع الأردن أرسلت واشنطن 150 من قواتها العسكرية المتخصصة لتدريب فرق القوات الخاصة الأردنية على التعامل مع الأسلحة وتأمين مواقعها، ويبدو أن خطاب أوباما الحازم بشأن السلاح الكيماوي كان الهدف منه إيصال رسالة واضحة إلى الأسد لردعه عن استخدام السلاح الكيماوي، وفي الوقت نفسه الحفاظ لإدارته على هامش من المرونة لتحديد طريقة التعامل مع الأمر. ولكن هذا الغموض عرض أوباما لانتقادات متصاعدة لكيفية تعاطيه مع الأزمة السورية منذ اندلاعها، فقد سخر رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، الجمهوري «مايك روجرز»، من أوباما قائلاً في حوار تلفزيوني إن الخط الذي تحدث عنه أوباما وحذر من تجاوزه «يجب ألا يكون وردياً، ولا خطاً متقطعاً، ويجب ألا يكون مجرد خط وهمي». وأضاف «روجرز» أنه على يقين بأن سوريا استخدمت بالفعل كميات صغيرة من الذخيرة الكيماوية -وهو الاتهام الذي يتجاوز ما أكدته الاستخبارات الأميركية- داعياً إلى اتخاذ إجراءات «لتعطيل قدرة النظام على استخدام الأسلحة الكيماوية». ولكن مسؤولين في الاستخبارات ومعهم خبراء أسلحة شددوا على أن المعلومات القادمة من سوريا تشير إلى عدم استخدام أي سلاح كيماوي، مدللين على ذلك بغياب إشارات، أو أعراض على الأشخاص الذين تم علاجهم. وقال مسؤولون في الإدارة إن الضحايا لم تظهر عليهم علامات التعرض للسلاح الكيماوي، وهذا التشكيك في استخدام السلاح الفتاك لم يقتصر فقط على خبراء أميركيين، بل امتد أيضاً إلى خبراء أجانب، مشيرين إلى أن الأطباء الذين عالجوا المصابين لم يرتدوا أقنعة واقية، ولا سترات خاصة، وإذا كان هناك هجوم بغاز السارين، أوغاز VX الذي يتوافر بكثرة في ترسانة السلاح السورية لكان معظم الناس قد أصيبوا بأعراض قاتلة، كما يؤكد ذلك، «جون باسكال زاندر»، الخبير في الأسلحة الكيماوية لدى الاتحاد الأوروبي، بقوله: «يسقط القتلى في غضون دقائق وثوانٍ على استخدام السلاح الكيماوي، والحال أنه لا يوجد ما يدل على أن الأشخاص الذين عولجوا من بعض الإصابات تعرضوا للغاز». وخلافاً للتجارب النووية التي يمكن رصدها وتحليل آثارها من خلال فحص عينات من الهواء، يصعب رصد استخدام الذخيرة الكيماوية مثل السارين الذي يتبخر بسرعة في الهواء دون أن يترك أثراً يدل عليه، ولكن مع ذلك قررت الأمم المتحدة إرسال فريق متخصص إلى سوريا للتحقيق في مزاعم هجوم حلب وأحداث أخرى، حيث بعث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، برسالة إلى الحكومة السورية يوم الجمعة الماضي يطلب فيها إتاحة الفرصة لوصول الفريق إلى جميع المواقع التي يشتبه أنه استخدم فيها السلاح الكيماوي. ولكن بسبب انعدام آثار الغازات المستخدمة يرى المسؤولون الأميركيون أن الفريق الأممي لن يعثر على أدلة مقنعة، وبأنهم سيلجأون إلى شهود العيان لوصف ما جرى. وعلى رغم الجهود التي تبذلها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وباقي الأجهزة في توسيع قدرتها على مراقبة ورصد ما يجري في سوريا من أحداث، يؤكد المسؤولون أنهم لم يستطيعوا توطيد حضورهم داخل البلد، وأن احتدام الصراع منعهم من توزيع أجهزة الاستشعار لرصد استخدام الأسلحة الكيماوية. وبدلاً من الوجود داخل سوريا تعتمد الولايات المتحدة على صورة الأقمار الصناعية والمكالمات التي يتم رصدها بين القيادة السورية العسكرية، فضلاً عن دول حليفة تملك حضوراً أكثر داخل سوريا. وقد ساعدت صورة الأقمار الصناعية الولايات المتحدة على تأكيد شبهات بتحريك الجيش السوري لأسلحته الكيماوية، كما أن اعتراض بعض المكالمات التي أجرتها قيادات في الجيش السوري كشف استعداد الأسد لاستخدام السلاح في حال تهاوت قبضته على البلاد، وهو ما يؤكده مسؤول أميركي سابق شارك في النقاشات رفيعة المستوى داخل الإدارة حول سوريا، بقوله: «يبدو واضحاً لنا أن الأسد كان سيلجأ إلى السلاح الكيماوي لو لم تأت تحذيرات أوباما صارمة في هذا الاتجاه». وعلى رغم تأكيد أوباما بأن الرد على استخدام السلاح الكيماوي سيكون قاسياً، يعتقد المسؤول الأميركي أن خيارات أوباما واسعة، كما أن هجوماً كيماوياً يحدث خسائر محدودة في الأرواح لن يدفع الإدارة إلى رد عسكري، قائلاً «السوريون يقتلون أصلاً مئة شخص كل يوم بسبب القذائف والأسلحة الخفيفة، ولذا لن تشعر أميركا بالحاجة للتدخل إلا إذا سقط عدد كبير من القتلى». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©