الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريون يعانون اختفاء النقود من حساباتهم البريدية

جزائريون يعانون اختفاء النقود من حساباتهم البريدية
29 مارس 2011 19:52
يشكو الجزائريون منذ نحو 6 أشهر نقصاً في السيولة المالية في مختلف مراكز البريد، إلا أن الأزمة لم تبلغ ذروتها إلا في الأيام الأخيرة حيث «اختفت» الأموال من مراكز مالية كثيرة بمختلف أنحاء الوطن، ووجد مئاتُ آلاف الموظفين والمتقاعدين وكل ذي وديعة مالية بريدية انفسَهم ينتقلون من منطقة إلى أخرى لعلهم يعثرون على مركز بريدي تتوفر فيه الأموال لسحب مرتباتهم الشهرية أو ودائعهم لتلبية الاحتياجات المعيشية لعائلاتهم. ندرة وتساؤلات يعدّ نقص السيولة المالية بالمراكز البريدية أحد أبرز المشكلات الاجتماعية بالجزائر هذه الأيام؛ حيث أصبحت حديث العام والخاص والجميع يتساءل عن سرّ ندرة السيولة وغيابها في أغلب الأحيان وعجز الحكومة عن معالجة المعضلة إلى حدّ الساعة برغم مرور نحو نصف عام على بدايتها. وتكمن حدة المشكلة في اعتماد أغلب الجزائريين على الحسابات البريدية في إنجاز تعاملاتهم المالية أكثر من الحسابات البنكية؛ إذ يبلغ عددها 13 مليون حساب بريدي، وتفرض الكثيرُ من المؤسسات العمومية على عمالها فتح حسابات بريدية لتودع أجورهم الشهرية وعلاواتهم فيها، فضلاً عن أن أزيد من 1,2 مليون متقاعد يستعملون حساباتهم البريدية لتقاضي معاشاتهم، كما يستعملها أكثر من مليون طالب جامعي لتقاضي منحهم، ما جعل الضغط يشتد على مختلف المراكز البريدية بالجزائر لدى كل نهاية شهر، حيث تشهد عادة هذه المراكز طوابير طويلة من الموظفين والمتقاعدين الذين ينتظر بعضهم ساعات حتى يصل دوره ويتقاضى أجرته أو معاشه. وازدادت المشكلة حدة في الأسابيع الأخيرة بعد أن تبين أن السلطات المختصة لجأت إلى حصر السيولة القليلة المتوفرة، في مراكز بريدية محدَّدة، ما جعل المواطنين يتهافتون عليها كل يوم ويقفون في طوابير طويلة لعلهم «يظفرون» بأجورهم ومعاشاتهم. إلى ذلك، يقول سمير عقون، موظف بمؤسسة عامة «زرتُ مراكزَ مالية كثيرة للحصول على أجرة شهر فبراير ولكني كلما دخلتُ مركزاً إلا وكان جواب موظفيه «لا وجود للأموال»، ولم أتقاض أجرتي في خاتمة المطاف إلا بعد نحو أسبوعين، هذا الأمر مُرهق جدا ويضيع علينا الكثير من الجهد والوقت». تذمر شديد يقول إسماعيل بولفراد، وهو متقاعد من منطقة الرغاية (30 كلم شرق الجزائر) «كنت كلما اقترب موعد تقاضي معاشي، أقف مبكراً في الطابور في حدود السابعة صباحاً لأصل في الوقت المناسب، أما الآن، فأقف في حدود السادسة، وهناك من يأتي قبلي، والأدهى من ذلك أن تقف في الطابور كل هذا الوقت، ثم يخبرك موظفو البريد أن السيولة غير متوفرة أو قليلة ونفدت بسرعة، ما يسبب لنا النرفزة والقلق، لأن ذلك يعني انتظار ساعات أخرى لعل شاحنة ً تصل بالسيولة، أو الانتقال إلى مركز بريدي ببلدة أو مدينة مجاورة دون التأكد من وجود السيولة هناك». وتؤكد الأنباء الواردة من مختلف أنحاء البلد أن هناك مواطنين يقطعون مئات الكيلومترات وينتقلون من مدينة إلى أخرى لعلهم يعثرون على مركز بريدي تتوفر فيه الأموال. وأبدى مواطنون تجمعوا أمام بريد «حسين داي» بالجزائر العاصمة تذمرهم الشديد من الوضع واستمرار الأزمة طويلاً، يقول الدراجي لعلاوي، موظف «سئمنا ونحن نلهث وراء أموالنا كل يوم ونترك أشغالنا الملحّة، هناك مصاريف ضرورية للعائلة لا تحتمل الانتظار، لقد لجأت إلى الاستدانة مضطراً لتلبية حاجيات أطفالي، إلى متى يبقى هذا الوضع الغريب قائماً؟» من جهته، يبرر موسى بن حمادي، وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال بالجزائر، هذه الأزمة بـ«الزيادة الكبيرة التي أقرتها السلطات في أجور موظفي وعمال مختلف القطاعات بالبلد، مع إقرار مؤخرات للأجور، وهو ما أدى إلى سحب كمية هائلة من السيولة المالية المتوفرة، وأحدث ذلك نقصاً حادا في السيولة». ويعِد الوزير بحل الأزمة في أقرب وقت. أسباب الأزمة خبراء ماليون يؤكدون أن هناك أسباباً أخرى لهذه الأزمة، وفي مقدمتها سحب رجال المال والأعمال لمبالغ ضخمة من المراكز البريدية والبنكية وتفضيلهم التعامل نقدا بدل الشيكات. في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي محمد حميدوش «صحيح أن الرفع الإجمالي للأجور يعدّ أحد أسباب أزمة السيولة، ولكن السبب الرئيس يرجع إلى نقص التعامل بالشيكات وتفضيل المتعاملين التجاريين والاقتصاديين الخواص التعامل بالنقود، هؤلاء هم الذين أحدثوا أزمة السيولة». ويُعرف هؤلاء المتعاملون الخواص في الجزائر باسم «أصحاب الشّكارة» أي «ذوو الأكياس المالية» لأنهم يفضلون استعمال «أكياس المال» في تعاملاتهم المالية والاقتصادية المختلفة، وهم يحتفظون بها خارج البنوك ويعزفون عن استعمال الشيكات البريدية والبنكية بهدف الغش الضريبي وأيضاً لضعف الثقة بالبنوك، وحاولت الحكومة إجبارهم على استعمال الشيكات في يناير الماضي وبالتالي حملهم على إيداع أموالهم في المؤسسات المالية، إلا أن حدوث اضطرابات اجتماعية ضمن ما يُعرف بـ»أزمة السكر والزيت» آنذاك دفعها لإلغاء هذا الإجراء للحفاظ على السلم الاجتماعي. وإزاء تفاقم أزمة السيولة، وارتفاع منسوب التذمر الاجتماعي، وغياب حلول ناجعة للأزمة، أعلن بنك الجزائر مؤخراً أنه سيصدر في العاشر من أبريل المقبل ورقة مالية جديدة بقيمة ألفيْ دينار جزائري (نحو 285 دولاراً)، وهي أعلى قيمة نقدية بالبلد إلى حدّ الساعة، ويرى عبدالرحمن بن خالفة، المفوض العام لجمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية أن هذا الإجراء «له بعدٌ ظرفي، ولكن بإمكان الورقة المالية الجديدة أن تخفف من حدة نقص السيولة». كما يرى الخبير المالي الدكتور عبدالعزيز بغياني أن «إصدار هذه الورقة سيكون له انعكاسٌ إيجابي على المدى القصير ولكنه محدود، حيث ستعود بعدها أزمة السيولة من جديد بسبب لجوء التجار إلى الاحتفاظ بالأوراق النقدية ذات القيمة الكبيرة خارج دائرة المؤسسات المالية». ويتفق بغياني وحميدوش على أن الحل الأنجع يكمن في تشجيع استخدام أنظمة الدفع الإلكترونية على نطاق واسع، وإلغاء الرسوم على عمليات السحب وهذا لحل مشكلة السيولة جذرياً وتقليص التداول والتعامل الواسع بالنقود.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©