الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الصائم الرقمي».. عبادة وخشوع بعيداً عن التكنولوجيا

«الصائم الرقمي».. عبادة وخشوع بعيداً عن التكنولوجيا
4 يوليو 2016 22:06
هناء الحمادي (أبوظبي) يتميز شهر رمضان المبارك بطابعه الروحاني الذي يشجع على العودة إلى الذات والتقرب من الله، ذلك كونه شهر عبادة وخشوع، كما يشكل الشهر الفضيل مناسبة مميزة تحثنا على التقرب من العائلة بهدف تعزيز الروابط، في ظل الأنماط الحياتية الحديثة التي أصبحت تعتمد على التكنولوجيا للقيام بكل أعمالها وواجباتها، ما يسهم مع مرور الوقت في الانجراف بعيداً عن الأشياء التي تهمنا وتخلق فجوة في العلاقات الاجتماعية. وانطلاقاً من هذا الواقع، عملت دو على إطلاق مفهوم «الصوم الرقمي» للمرة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وذلك في سبيل توعية مستخدمي الأجهزة الرقمية، الذين أصبحوا يعتمدون عليها بصورة تامة في الاتصال بمحيطهم، بأهمية الاستخدام المسؤول والملائم لهذه المنصات بهدف تحقيق الغايات المنشودة منها وتفادي تداعياتها على الحياة الاجتماعية الواقعية. وتبرز الدراسات المتخصصة أهمية التخلي عن التكنولوجيا لبعض الوقت، لما لذلك من فوائد كثيرة تشتمل على تعزيز الحضور الذهني والتركيز وتقوية الذاكرة والانتباه، فضلاً عن تخفيض مستويات الإرهاق والتعب من جراء صعوبات الحياة اليومية. كما تسهم التسهيلات التي يتيحها التطور التقني في مجال الاتصال، والمدعومة من البنية التحتية المتميزة للإنترنت والحلول الرائدة مثل «واي فاي» الإمارات، في تعزيز نسبة بقاء السكان على اتصال في كل الأوقات، وتشير الأرقام إلى أن سكان الإمارات من أكثر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الشهر الماضي، كشفت استبانة مجلس أبوظبي للتعليم عن أن أكثر من ربع طلبة المدارس يمضون أكثر من خمس ساعات يومياً في تصفح الإنترنت، وتحظى الأجهزة الرقمية بنسبة جد عالية من اهتمام هذه الشريحة بحيث تبلغ حد الإدمان، ما يؤدي إلى تشكيل عنصر إلهاء قد يؤثر سلباً على العلاقات الشخصية والأداء في العمل والمجتمع. الشبكة العنكبوتية وكسفير لهذه المبادرة، أمضى عمر بن حيدر، الشاب الإماراتي ذو 37 عاماً، الأسابيع الثلاثة الماضية بعيداً عن الشبكة العنكبوتية، واكتفى بتفقد هاتفه بالحد الأدنى في فترة ما بين الإفطار والسحور. وفي حوار خاص مع رجل الأعمال، كشف عن أنه بدأ بممارسة القراءة بشكل أكبر، وبأن أصدقاءه أخذوا يضعون هواتفهم جانباً عندما يلاحظون أنه لا يستخدم هاتفه، حيث يؤكد أنه كان فعلياً يستخدم هاتفه في «كل لحظة» من اليوم، وأن التخلي عن تلك العادة ساعده في ’تقدير اللحظات الحقيقية‘ بشكل أكبر، وقد بادر إلى وضع أجهزته الإلكترونية جانباً كجزء من مبادرة الصوم الرقمي التي أطلقتها شركة دو بغية تشجيع الناس على إعادة التعرف على العالم الحقيقي، ويشارك بتجربته على «إنستغرام» وتويتر (@omarbinhaider). الروابط الأسرية ويقول: «ما أتعلمه هو أنه يجب الاستمتاع باللحظات والاحتفاء بها – لكن ليس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فبعض المشاعر التي تتميز بطابعها الشخصي يجب الاحتفاء بها في المحيط الخاص للفرد، حيث تجعل مشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي منها عرضة للاستهزاء أو التقليل من شأن تلك المشاعر، على سبيل المثال، إذا قمت بتقديم تهنئة خاصة لأحد أفراد أسرتك بإحدى مناسباتهم المهمة، وهرعت إلى مشاركة المنشورات عنها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي – ماذا تكون قد فعلت؟ إذ إن ذلك قد يدل على انعدام اهتمامك الحقيقي بتلك اللحظات المميزة، ما يعكّر من جماليتها بدل تقديرها». وأضاف: «أنا أحب مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، وأعتقد أني حينها أدركت حاجتي إلى الابتعاد عنها لفترة، وكان هناك الكثير من هذه اللحظات التي فكرّت فيها بالحاجة إلى نشر صورة ما على إنستغرام، لكن إن لم أنشرها، ما الذي سأخسره.. بضعة إعجابات؟ مشيراً إلى أن أصدقاءه أصبحوا أكثر إدراكاً لما يقوم به، وهم يضعون هواتفهم جانباً عندما يجتمعون معاً. وأشار إلى أن التخلي عن استخدام الهاتف قد يصعب على الناس الذين يحتاجون إلى هواتفهم في العمل، وذلك كونهم يحتاجون إليه لتفقد التطبيقات والرسائل طوال اليوم، إلا أنه يتوجب على الجميع استخدام هذه الأدوات والتكنولوجيا بمسؤولية وبطريقة لا تؤثر على علاقاتنا بمحيطنا الواقعي وروابطنا الأسرية والمجتمعية. لافتاً: «ويشكل هذا التوجه العالمي الرائد دعوة لكل المهتمين لتجربته وفق الأوقات والمواعيد الملائمة، وذلك كونه غير مرتبط بزمن أو مدة معينة، بل يتخطى ذلك ليشكل أسلوب حياة متكامل، وفي حين يمكن للراغبين بالاشتراك بهذا التوجه تجربته لمدة شهر أو يوم أو حتى ساعات معدودة، إلا أن الالتزام به كتوجه تصحيحي هو مبادرة من شأنها التأثير الإيجابي على حياتنا المستقبلية في ظل تزايد الاعتماد على الاتصال الرقمي بمعدلات مضطردة. الفكرة تهدف مبادرة «الصوم الرقمي» إلى تشجيع سكان دولة الإمارات على التخلي عن الأدوات والوسائل التكنولوجية لفترة من الوقت، مثل الفترة بين السحور والإفطار، وذلك ضمن إطار روحانية شهر رمضان المبارك. عن فكرة المبادرة توضح هالة بدري النائب التنفيذي لرئيس الإعلام والاتصال في «دو» في هذا الشهر الفضيل رمضان يتمحور في مجمله تعزيز الجانب الروحاني في حياتنا، ودعم روح العطاء وبناء وتقوية الروابط الاجتماعية. ومن جانبه، يتيح العصر الرقمي اليوم الوصول إلى الأصدقاء والعائلة ووسائل الترفيه من خلال أجهزة الهاتف الذكي والكمبيوتر اللوحي والمكتبي المتوفرة في متناول اليد في جميع الأوقات. وفي حين تفتح التكنولوجيا عالماً من الفرص الواسعة أمام مستخدميها، إلا أنه لا ينبغي أن تفقدنا الرغبة بالعودة إلى الاتصال بالعالم المحيط بنا. أهداف وحول أهداف تلك المبادرة تذكر هالة بدري: «يشاركنا في مهمتنا هذه عمر بن حيدر، حيث نقوم في دو بتوثيق نشاطاته التي يقوم بتنفيذها من دون استخدام التكنولوجيا خلال شهر رمضان المبارك. وعمر بن حيدر هو أول شخص في دولة الإمارات يلتزم بالمشاركة في مبادرة «الصوم الرقمي» من دو، وذلك خلال الفترة بين السحور والإفطار. ويهدف من خلال مشاركته إلى إعادة الاتصال بالذات والأصدقاء والعائلة، حيث يقوم كجزء من المبادرة بعدد من التحديات خلال شهر رمضان لتسليط الضوء حول كيفية إعادة الاتصال بالعالم من حوله، وهو يسعى من خلال هذه المشاركة إلى إثبات إمكانية النجاح في تجاوز التحديات والظروف الحياتية من دون استخدام التكنولوجيا. وعن استمرارية المبادرة بعد انتهاء شعر رمضان، تلفت هالة بدري بما أن الحملة مبدؤها في شهر رمضان يتكامل مع روحانية الشهر المبارك، إلا أننا نشجع عملاءنا على متابعة هذا التوجه وفق الأنماط التي تناسبهم وللمدة التي يرغبون بها، حيث إن البعض قد يجد أن التخلي عن التكنولوجيا لبضعة ساعات في اليوم عامل مساعد على إعادة التواصل مع العالم. مكالمات هاتفية يتمكّن ابن حيدر من إجراء مهام عمله والتزاماته الاجتماعية كافة في كل ليلة، قبل بدء يوم العمل التالي، وقال: «إذا كان عملك يتطلب منك فعلاً إجراء المكالمات الهاتفية وإرسال الرسائل النصية، فلا تستخدم هاتفك إلا للقيام بذلك فقط، دون أي شيء آخر». مقاطع فيديو كجزء من تحدي «الصوم الرقمي» من «دو»، يقوم بن حيدر بتصوير عدد من مقاطع الفيديو التي يستبدل فيها جميع أجهزته الإلكترونية التي يحملها معه، بما يشمل الهاتف الذكي، وكاميرته المتطورة، و«البلاي ستيشن»، و«الآي باد»، مستعيضاً عنها بحمل مواد القراءة، وكاميرا قديمة، وخارطة لمدينة دبي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©