الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستغانمي: كتب البرمجة تحتاج إلى تدقيق أكبر

المستغانمي: كتب البرمجة تحتاج إلى تدقيق أكبر
22 مايو 2010 21:07
تعج أسواق الكتب اليوم ومكتبات المدن العالمية بالكتب والمجلات والأقراص المدمجة والأفلام المصورة التي تتحدث عن البرمجة اللغوية العصبية والنتائج التي حققها هذا المجال الحيوي في دنيا الناس، كما أَنّ الحوار حولها بلغ ذروته على مواقع الشبكة العنكبوتية، ولا يسدل الستار عن محاورة ساخنة في موقع إلاّ ليثار تحت عنوان جديد في موقع آخر. ترى ما حقيقة البرمجة اللغوية العصبية؟ وما تاريخ نشأتها؟ وما حدودها ومجالاتها؟ وما جدوى التقنيات والوسائل التي يلجأ إليها مدربوها؟ وهل فعلاً هذه النجاحات التي يحققها كثير من أبنائها تعزى في حقيقة الأمر إلى معرفتهم الدّقيقة بحسن تطبيق نظرياتها وتقنياتها؟ وهل ما تدعو إليه مراكز التدريب في شتى بقاع العالم ويرده المحاضرون المدربون للجماهير المتعطشة هنا وهناك من نجاحات وتحقيق لأعلى درجات الأداء، والتميز في الوظيفة، والإبداع في الحياة الشخصية، وتحقيق السعادة المنشودة، هل هذا واقع ملموس، وحقيقة مشهودة أم هو الوهم والخيال والتحليق في دنيا الظنون والاقتصاد المربح والسريع؟ هذا ما يتساءل عنه محمد صافي المستغانمي باحث وكاتب إسلامي، ومحاضر ومدرب في البرمجة اللغوية العصبية، رئيس قسم التنمية البشرية والشؤون التعليمية بمؤسسة الحكمة التعليمية، ويستفسر: أين منزلة البرمجة العصبية اللّغوية كعلم بين العلوم، وما رؤية الإسلام إليها؟ وما نظرة المفتين فيها؟ البرمجة عالم مثير هذه الأسئلة وغيرها، يجيب عنها المستغانمي، ويقول: في الحقيقة، البرمجة اللغوية العصبية عالم مملوء بالأفكار الإبداعية، ونظراً لطبيعتها وثرائها بالجوانب التطبيقية والعلمية والنظريّة، فإن ثمة تعريفات كثيرة لها، فهناك من يعرفها بأنها دليل مرشد للفكر والعقل، يرشد إلى كيفية استخدام الموارد العصبية واللغوية لتحقيق الحياة السليمة والصحة والسعادة، ومنهم من يعرفها بأنها ميدان حافل بدراسة الخبرات الشخصية، واتجاه مملوء بحب الاستطلاع. ويؤكد المستغانمي: أعرف البرمجة العصبية بأنها تبصير الإنسان بقواه العظيمة وإرشاده إلى طرق التفكير الإيجابي والإبداع والابتكار لتحقيق أفضل مستويات الأداء والتفوق في كل مجال من مجالات الحياة، وبعبارة موجزة «إيضاح سبل النجاح في الحياة». واقع مشهود يضيف المستغانمي: هذا العلم أسس له العلماء الغربيون له بشكل عام، هذا العلم -إن جاز لنا تسميته بذلك- أو هذا الحقل المعرفي نشأ في ديار الغرب، في الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا وغيرها من الدول، وتحديداً في بداية السبعينيات من القرن الماضي، بدأت تتضح معالم هذا الحقل المعرفي في كتابات باندلر، ووجون جريندر اللذين كانا أستاذين في جامعة سانتا كروز في ولاية كاليفورنيا. فمن الطبيعي أن نسند تعريف هذا العلم إلى من أنشأه أول مرة، واتضحت معالمه على يديه، وهذا لا يضيرنا نحن المفكرين العرب والمسلمين في شيء، فالعلم والفكرة تنسب إلى صاحبها، وهذا من الأمانة العلمية والتاريخية، أما عند التمحيص في تاريخ النجاح والإبداع كما أسلفت، فإن لدينا في تاريخنا الإسلامي المجيد، وحضارة الإسلام العريقة نماذج مشرفة وأسماء لامعة سطر التاريخ نجاحاتها بحروف ذهبية، وكل علم أو حقل معرفي اتضحت معالمه، لا يمكن أن يأتي من فراغ، لا بد أن تكون مادته موجودة مبعثرة هنا وهناك، ثم يقيض الله تعالى لها من العلماء والباحثين من يجمع شتاتها، وكذلك الأمر بالنسبة للبرمجة اللغوية العصبية. ويجيب المستغانمي عن علم البرمجة اللغوية العصبية هل له علاقة بمصطلح الأعصاب واللغة فعلاً؟ من أين جاءت التسمية؟ ويقول: في الحقيقة، أول من ابتكر هذه التسمية هو ألفريد كورزيبسكي في كتابه «العلم وصحة العقل»، الذي صدر في 1933، غير أن هذا العلم، كما سبق أن أسلفت، اتضحت معالمه في جامعة سانتا كروز في ولاية كاليفورنيا، على يدي الباحثين العالمين: ريتشارد باندلر، وجون جريندر، والعنوان له نصيب طبعاً من المادة اللغوية التي تم اشتقاقه منها، فمصطلح العصبية يشير إلى العقل وكيفية تعامله مع الظواهر، والعمليات الذهنية التي يقوم بها، واللغوية، تشير إلى أساليب التعبير والتواصل ونقل الخبرات التي يستخدمها الأفراد في مجتمعاتهم، أَما كلمة «البرمجة»، فهي تعني أَن الناس يتصرفون وفق برامج شخصية تتحكم في طرق تعاملهم مع الناس، ومع الظواهر ومع الأشياء. تدرس النجاح الإنساني وعن الذي يميز البرمجة عن العلوم الأخرى يقول المستغانمي: يتميز حقل البرمجة اللغوية العصبية بأنه حقل ثري وحيوي جداً، فهي لا تدرس مجالاً محدداً من السلوك الإنساني مثل علم النفس التربوي، أو علم النفس التطبيقي، إنما تدرس النجاح الإنساني بشكل عام، فهي تتميز بأنها تسلط الأضواء على عملية صياغة النماذج، واستنباط خصائص مجموعة الأنماط البشرية الفائقة النجاح، ثم الدعوة إلى استنساخها ومحاكاتها واتباعها بواسطة آخرين لكي يحققوا هم أنفسهم أداءً متميزاً، ونجاحات كبرى في الحياة، وتضع استراتيجيات النجاح، وتقنيات معالجة العقل للمعلومات، للوصول به عبر عمليات ذهنية، ومهارات تطبيقية، إلى تحقيق قمة النجاح في التعلم، والأسرة، وعالم الاقتصاد، والصحة والرياضة، والتواصل، ومخاطبة الجماهير، وإدارة التغيير وغيرها من المجالات الحية، فهي بهذا الميدان الحيوي، تتيح لكل إنسان يتطلع إلى النجاح، ويصبو أن يصبح أكثر كفاءة، وأكثر سيطرة على التفكير والمشاعر والأعمال، وأكثر إيجابية في التعامل مع الحياة وتغيراتها، وأكثر قدرةً على تحقيق أهدافه، إلى تحقيق ما يريد. ضوابط ومواصفات يرى محدثنا أنَّه، كما في كل علم، وفي كل حقل من حقول المعرفة البشرية، لا ينبغي أن ينبري للحديث في هذا الميدان، أو إعطاء المحاضرات فيه، إلاّ من يسبر أغواره، ويتخصص فيه. والمدرب في حقل البرمجة العصبية، والممارس لها، ينبغي أن يتمتع بمواصفات مثل الانسجام الشخصي، والذكاء المتوقد، وحب الاستطلاع، والرغبة الشديدة في التعرف إلى الأنماط الجديدة، والنزعة الشديدة للابتعاد عن تكرار نفسه. كما يجب أن يتمتع بآداب سامية، ولياقة بدنية عالية، وروح دعابية مرحة، وخبرات حياتية ثرية يستطيع من خلالها توجيه المتدربين لديه، وإرشادهم إلى ما فيه خيرهم ونجاحهم وتميزهم. هذا علاوةً على الاطلاع الواسع على كل ما هو جديد في ميدان البرمجة اللغوية العصبية، وما تجود به عقول الباحثين في شتى فروع علومها الدقيقة عبر الكتب والمجلات، و»الإنترنت». ويضيف: أنا شخصياً لديّ ضابط قد يكون مجحفاً نوعاً ما، لكنني أراه صواباًً، وهو ضرورة أن يمتلك المدرب والمحاضر في البرمجة اللغوية العصبية ناصية لغته الأم، وإحدى اللغات العالمية مثل الإنجليزية أو الفرنسية، وغيرها. منهج خاص وعن المضامين والمحاضرات التي يتطرق لها المستغانمي يقول: كما هو معروف، ميدان البرمجة اللغوية العصبية واسع ومتشعب، ولا يتسنى لباحث أو مدرب أن يحيط علماً بجميع مجالاتها، فالإنسان بشكل عام مقيد بأغلال القصور الإنساني، والعجز البشري. ومن منطلق تخصصي اللغوي، ومطالعاتي المتنوعة، استطعت أن أرسم لنفسي منهجاً في دوراتي ومحاضراتي، وهي في مجملها يجمعها، على تفرقها، انها محاضرات تدعو إلى النجاح في الحياة، تبصر المتدربين بكيفية تفجير قدراتهم العقلية والوجدانية الكامنة لتحقيق الأداء المتميز في أي شأن من شؤون الحياة. أركز في دوراتي على كيفية صياغة الأهداف وتحقيقها، وتقنيات كتابة الرؤية، ومهارات تغيير السلوك، وتحسين ردود الفعل والاستجابات، وتحسين فرص التواصل والتقارب وإحداث التأثير، معتمداً ومستقياً مادة محاضراتي ودوراتي من مختلف الكتب المتخصصة في هذا المجال، سواء أكانت لكتاب مغمورين، أو لأصحاب الأسماء اللامعة أمثال أنتوني روبنز، وجاك كانفيلد، وإدوارد دو بونو وغيرهم. ويضيف المستغانمي: من ناحية أخرى، قد ساعدني تخصصي اللغوي ودراساتي في مجال الإعجاز العلمي والبياني في القرآن الكريم على الربط بين كثير من الحقائق والمصطلحات التي جادت بها ميادين وأبحاث البرمجة اللغوية العصبية المعاصرة، وبين المصطلحات والتعابير القرآنية التي وردت عن لغة الجسد ولغة العيون والتواصل غير اللفظي بشكل عام في القرآن الكريم، فالحمد لله على هذا التنوع المشهود في سوق المكتبات اليوم، وأنا أعتبر ذلك ظاهرة صحية، ومن نعم الله تعالى على قراء العربية، أن توجد لنا دور نشر تقوم بترجمة كثير من الكتب الحديثة في ميدان البرمجة العصبية، وعلوم التواصل الحديثة، وشتى فروع المعرفة الإنسانية، وثمة عناوين كثيرة رائعة أنا شخصياً أنصح بقراءتها والاستفادة منها في هذا الميدان، مثل: كتاب «أراك على القِمة» للكاتب زيج زيجلار، وكتاب «قدرات غير محدودة» لأنتوني روبنز، و»مبادئ النجاح» لجاك كانفيلد، و»العادات السبع» و»العادة الثامنة» للكاتب ستيفن كوفي، وكتب العقل الباطن وغيرها من كتب النّجاح في تراثنا عن هذا النطاق الحيوي من أساليب وطرائق البرمجة اللغوية العصبية المعاصرة. اقرأ ما ينفعك أما عن رأي الإسلام في تتبع وتطبيق مهارات البرمجة العصبية كما يبرزها علماء الغرب وغيرهم، فقال المستغانمي: الإسلام دين العلم، والقرآن كتاب القراءة الأول، وأول آية أنزلت هي «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، فلا حدود في الإسلام للقراءة. والآية الأولى التي تطالب المسلم بالقراءة، لم تحدد المادة المقروءة، والمفعول المحذوف، كما يقول النحويون يدل على العموم، فالمهم أن يقرأ الإنسان، لذلك فلا غضاضة في الإسلام أن يقرأ المثقف المسلم كل ما تجود به العقلية البشرية، خصوصاً إذا كان يحث على النجاح والتميز في الأداء، وإطلاق قدرات العقل في التفكير والإبداع والابتكار، وفي مجال البرمجة اللغوية العصبية لا يوجد ما ينافي شرعة الإسلام، بل هي عبارة عن أبحاث في صياغة النماذج، واستنباط خصائص مجموعة الأنماط البشرية فائقة النجاح، والدعوة إلى استنساخها ومحاكاتها واتباعها، لكي يحقق المتدربون أقصى درجات النجاح بالاستفادة من قدراتهم العقلية الباهرة. فقط، ينبغي أن يحذر القارئ المسلم من التعصب الأعمى، أو التقليد غير السوي، خصوصاً إذا كان خلوا من أسس المعتقدات والتعاليم الإسلامية، فإنه يكون عرضة للتأثر بكل ما هو غربي، أما المثقف المحصن المتّزن ثقافياً وروحياً وأخلاقياً فلا يضيره ما يقرأ بل إنه يجد من خلال ثقافته الإسلامية المعتدلة، الميزان الذي ينير له الدرب، ويوضح له السبيل، ويقول له: هذا رائع فَخذ به، وهذا هراء فترفع عنه
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©