الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

زيادة متوقعة لأسعار العقارات في مصر بسبب ضريبة الإسمنت

زيادة متوقعة لأسعار العقارات في مصر بسبب ضريبة الإسمنت
22 مايو 2010 22:35
أحدثت موافقة البرلمان المصري على فرض ضريبة قدرها 5 بالمئة على كل طن أسمنت ارتباكاً في السوق العقارية، حيث ترجح التوقعات أن ترتفع أسعار العقارات بنفس نسبة الضريبة تقريباً. ورغم أن فرض ضريبة الأسمنت تم ربطه بتوجيه الحصيلة المتوقعة التي تدور حول مليار و250 مليون جنيه سنويا الى تمويل بند العلاج على نفقة الدولة، فإن عاصفة من الجدل اجتاحت دوائر الأعمال المصرية لاسيما قطاع الإنشاءات لأن هذه الضريبة من المنتظر أن تؤدي إلى العديد من التداعيات السلبية في سوق البناء والعقار. وحدة الموازنة وترى هذه الدوائر أن مبدأ فرض ضريبة محددة لتمويل بند محدد في الموازنة العامة للدولة يضرب مبدأ وحدة الموازنة، حيث لايجب تخصيص موارد لبنود انفاق محددة لأن ذلك من شأنه أن يتعارض مع فكرة “قومية الموازنة” التي ترتكز على جمع الموارد السيادية في كافة المناطق والأنشطة الاقتصادية وإعادة توجيهها للإنفاق على البنود العامة للموازنة، وبالتالي فإن إقرار ضريبة الأسمنت بهذه الآلية وعلى هذا النحو يفتح الباب أمام فرض ضرائب ورسوم أخرى لتمويل احتياجات قد تكون طارئة في الموازنة، بما يتعارض مع نصوص الدستور حيث تنطوي هذه الإجراءات على نوع من التمييز بين دافعي الضرائب، وكذلك بين متلقي الخدمات العامة التي تقدمها الدولة لا سيما أن موافقة البرلمان شملت أيضا زيادة نسبة الضريبة المفروضة على حديد التسليح من 5 الى 8 في المئة، وكذلك على مبيعات السجائر لعلاج مرضى السرطان أو لتمويل مشروعات الحفاظ على البيئة. وبغض النظر عن قضية وحدة الموازنة فإن فرض ضريبة الأسمنت أثار جدلا ساخنا في السوق العقارية المصرية التي بدأت تشهد موجة جديدة من ارتفاع الأسعار مع مطلع موسم الصيف، حيث يؤكد المتعاملون في السوق أن هذه الضريبة تؤثر سلبا على التكلفة وسوف تؤدي لارتباك في السوق مع ارتفاع أسعار معظم مواد البناء منذ بداية العام الجاري. الحصيلة المتوقعة وحسب تقرير لجنة الخطة والموازنة الذي وافق عليه البرلمان فإن الضريبة تدور حول 5 بالمئة على كمية الاسمنت التي يتم تداولها في السوق سنويا، وتبلغ نحو 50 مليون طن وبحصيلة متوقعة مليار و250 مليون جنيه استنادا إلى أن متوسط سعر الأسمنت حاليا 500 جنيه، وبالتالي فإن الضريبة ستكون في حدود 25 جنيها للطن ومن المتوقع أن تزداد الحصيلة إلى 3 مليارات جنيه سنويا خلال السنوات الخمس القادمة، استنادا الى أن الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت المصرية سوف تقفز الى 70 مليون طن سنويا بحلول عام 2017 بعد دخول المصانع التي تم الترخيص لها تباعا اعتبارا من مطلع عام 2012، وكذلك استنادا لتوقعات باستمرار ارتفاع أسعار الأسمنت ليدور متوسط السعر حول 700 جنيه للطن في مواجهة طلب متزايد محلي أو خارجي يحفز عمليات التصدير. هذه الضريبة سوف تتسبب في رفع أسعار العقارات ـ حسب خبراء السوق ـ بنحو 5 بالمئة على الأقل نظراً لدخول الأسمنت في كافة عمليات التشييد والتشطيبات لا سيما أن الضريبة سوف تحمل مسمى ضريبة مبيعات، أي سوف يتحملها المستهلك في نهاية الأمر ومن الصعب تحميلها للشركات المنتجة للأسمنت. مدخلات الإنتاج ويطرح المعارضون لفرض الضريبة بديلا يتمثل في زيادة أسعار مدخلات صناعة الأسمنت خاصة المدخلات التي تحصل عليها شركات الأسمنت من جهات حكومية، مثل الطاقة والمواد المحجرية من طفلة وحجر جيري وغيرها وتوجيه فارق أسعار هذه المدخلات لتمويل بند العلاج على نفقة الدولة، بدلا من فرض ضريبة مبيعات مباشرة سوف يتحملها المستهلك النهائي. ويبرر أصحاب هذا الاقتراح رؤيتهم بتدني اسعار بيع هذه المدخلات مقارنة ببقية أسواق العالم، الأمر الذي يغري شركات الأسمنت العالمية بالمجيء للاستحواذ على صناعة الأسمنت المصرية لأنها تحقق أرباحا مضاعفة مقارنة بالأرباح التي تحققها في أي سوق أخرى، وهي أرباح تنتج بشكل رئيسي من انخفاض تكلفة الإنتاج التي تتراوح بين 115 ، 140 جنيها للطن بينما يباع بنحو 500 جنيه للطن وبأرباح تتجاوز 300 بالمئة. ويرى أصحاب هذا الاقتراح أن رفع أسعار المدخلات ربما يقلل من الأرباح الضخمة وشبه الاحتكارية للشركات المنتجة والتي تتجاوز المليار جنيه سنويا لأي مصنع أسمنت، لكنه لن يحمل المستهلك مزيدا من الأعباء في ظل طلب متنام على الأسمنت بفعل مشروعات اسكانية ضخمة سوف يبدأ تنفيذها قريبا منها مشروع بناء 180 ألف مسكن في إطار مشروع “ابن بيتك” الى جانب المشروعات التي ينفذها القطاع الخاص في المناطق الجديدة والمناطق الساحلية في الغردقة ومرسى علم والساحل الشمالي الغربي في اطار مشروع تطوير منطقة مرسى مطروح الذي تتبناه حكومة الدكتور أحمد نظيف، ويستهدف خلق ظهير عمراني لمنطقة الساحل الشمالي وهو المشروع الذي تتجاوز استثماراته مئة مليار جنيه ويحتاج لنحو 20 مليون طن أسمنت سنويا ولمدة أكثر من 10 سنوات. عودة المضاربات ويرى الخبير العقاري شريف رشدي - رئيس شركة “ايدار” العقارية- أن التوقيت غير مناسب لفرض ضريبة على الأسمنت، حيث ستؤدي هذه الضريبة إلى مزيد من التشوهات في السوق العقارية وتعود المضاربات وانفلات أسعار الأسمنت مثلما كان يحدث في الصيف قبل الماضي، وسوف يستغل بعض الموزعين والتجار فرض الضريبة الجديدة لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب المستهلكين. ويؤكد أن السوق لاتزال تعاني فجوة بين العرض والطلب رغم أن المصانع تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية بعد أن بدأت وزارة التجارة والصناعة ممارسة دورها الرقابي بحزم، تجاه هذه المصانع التي كانت في السابق تتعمد “تعطيش” السوق عبر خفض الكميات المنتجة بدعوى إجراء صيانة لأفران الأسمنت. هذه الفجوة ناتجة عن استمرار تنامي الطلب على الأسمنت وبالتالي فإن الكميات المنتجة محليا لا تكفي، وتم وقف التصدير عبر فرض رسم صادر عليه وكذلك تقوم بعض الشركات الكبرى باستيراد كميات من الأسمنت بما يعني أن الفجوة سوف تستمر لفترة طويلة قادمة، حتى تكتمل الطاقة الإنتاجية للمصانع الجديدة التي حصلت على تراخيص مؤخرا لا سيما أن بعض هذه المصانع سوف يتأخر دخولها حيز التشغيل بسبب نقص الطاقة. كل ذلك - كما يقول شريف رشدي- يعني أن الطلب الكبير على الأسمنت سوف يؤدى حتما الى ارتفاع الأسعار رغم كل التدابير التي تتخذها وزارة التجارة والصناعة، ومن ثم فإن فرض هذه الضريبة سوف يؤدي الى مزيد من ارتفاع الأسعار ويعزز أرباح الموزعين والشركات ويلحق ضررا بالسوق. تراجع الاستهلاك أما هشام جبر - العضو المنتدب لشركة أسيك للأسمنت- فيرى أنه بعد اقرار البرلمان هذه الضريبة فلن تستطيع الشركات رفضها ان كانت مصلحة الشركات في عدم فرض ضريبة الأسمنت، حتى لاترتفع الأسعار على المستهلكين وبالتالي يتراجع الاستهلاك وتتراجع معه أرباح الشركات. ويؤكد أن صناعة الأسمنت صناعة مهمة تدخل في صميم عمليات الإنشاءات ومشروعات البنية الأساسية وفرض ضريبة جديدة على هذه الصناعة من شأنه الإضرار بهذه المشروعات، واذا علمنا أن قطاع الإنشاءات من القطاعات التي تقود عملية النمو الاقتصادي في مصر على مدى الأعوام الثلاثة الماضية حيث يحقق معدل نمو في المتوسط يدور حول 15 بالمئة سنويا ـ حسب أرقام وزارة التنمية الاقتصادية ـ فإن معدلات النمو في هذا القطاع سوف تتأثر بفرض هذه الضريبة والمصلحة كانت تقتضي التريث في فرض الضريبة، حيث أن الحكومة تسعى للوصول بمعدل النمو الى 6 بالمئة خلال العام المالي الجديد 2010 -2011 وهذا المعدل لن يتحقق بمعزل عن نمو قوي لقطاع التشييد والأنشاءات ومع فرض ضريبة على مبيعات الأسمنت فإن أداء قطاع الإنشاءات سوف يتأثر سلبا وبالتالي سوف يتأثر معدل النمو العام للاقتصاد الكلي، لا سيما أن توقعات الخبراء الاقتصاديين تشير إلى أن موجة تضخم قادمة سوف تشهدها مصر خلال المرحلة المقبلة، وسوف تسهم في ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات ومن ثم يأتي فرض ضرائب جديدة ليؤدي لمزيد من الارتفاعات التي لن يستطيع المستهلك تحملها وندخل في دوامة الركود.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©