الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة السيارات... روسيا تدخل على خط المنافسة

صناعة السيارات... روسيا تدخل على خط المنافسة
15 سبتمبر 2009 00:15
وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأنباء الواردة عن اعتزام شركة «جنرال موتورز» الأميركية العملاقة لصناعة السيارات، بيع غالبية أسهم وحدتها الأوروبية لائتلاف روسي- كندي، بأنها تمثل انتصاراً لحزبها الديمقراطي المسيحي الحاكم، الذي تفصل بينه وبين الانتخابات المرتقبة فترة وجيزة. وقالت ميركل تعليقاً على هذه الخطوة في معرض تصريح لها في العاصمة برلين يوم أول من أمس: لقد أثمر صبر الحكومة الفيدرالية ووحدة إرادتها عن إبرام هذه الصفقة الكبيرة مع جنرال موتورز. يجدر بالذكر أن وحدة صناعة سيارات «أوبل» التي وافقت جنرال موتورز على بيعها، توظف نحو 55 ألفاً من موظفيها وعامليها في أوروبا، نصفهم من الألمان. وكانت المستشارة ميركل ومساعدوها قد واصلوا ضغوطهم المستمرة طوال الأسابيع الماضية على الحكومة الأميركية لاستكمال إبرام تلك الصفقة التي طالما تأخرت عن موعدها كثيراً، إلى جانب حماية الوظائف الألمانية في فرع الشركة الأوروبي. هذا ويتوقف إبرام الصفقة المذكورة على موافقة نقابات العمال الألمان على إعادة هيكلة أربعة من مصانع سيارات «أوبل»، مع توقع صعوبة التفاوض بين الطرفين الحكومي والنقابي حول هذا الأمر. وربما تؤدي الصفقة إلى خسارة بعض الوظائف، على رغم أن إكمالها لن يتم في أي موعد سابق للانتخابات الألمانية العامة المتوقع إجراؤها في السابع والعشرين من شهر سبتمبر الجاري. يذكر أن التفاوض على الصفقة استغرق بضعة شهور، ويخشى الكثير من المديرين التنفيذيين في جنرال موتورز من الائتلاف التجاري الذي تدعمه برلين، وهو الائتلاف الذي أرغمتهم الظروف السيئة التي تمر بها شركتهم على التعامل الاستثماري معه. ويضم الائتلاف المذكور شركة «مانجا الدولية» الكندية المتخصصة في صناعة قطع غيار السيارات، و«سبيربانك» أكبر البنوك الروسية. وكان على المديرين التنفيذيين لشركة جنرال موتورز اتخاذ أحد قرارين: إما أن ينظروا في الطلبات المقدمة إليهم لشراء بعض وحدات شركتهم العملاقة، أو السماح لها -وخاصة الوحدة المصنعة لسيارات أوبل- بالانهيار. وأكثر ما يخشاه مسؤولو شركة جنرال موتورز هو أن تقع تكنولوجيا صناعة سياراتهم بيد شركة «جاز» الروسية التي ستتولى صناعة سيارات «أوبل» في روسيا، ولاسيما أنها شركة منافسة محتملة لجنرال موتورز. يذكر أن شركة جنرال موتورز -مقرها في ديترويت- كانت قد دخلت مع روسيا في شراكة اقتسام سوق صناعة السيارات بنسبة 11 في المئة خلال العام الماضي. ولهذه الأسباب فقد تضمنت شروط الصفقة، فرض قيود على نقل تكنولوجيا صناعة السيارات بين روسيا وجنرال موتورز، على حد زعم الصحفية المنشورة عنها. وليس ذلك فحسب، بل إن قوة العلاقات بين شركة «جاز» والكرملين تثير مخاوف الكثير من مسؤولي جنرال موتورز. ويعتبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين من أقوى المؤيدين لصفقة ماجنا-سبيربانك، بينما تربط أوليج ديرباسكا -مالك شركة جاز- علاقات قوية مع الحكومة الروسية. ومما أثار مخاوف وقلق بعض المحللين، أن الصفقة المذكورة ستؤدي إلى تعميق العلاقات بين روسيا وألمانيا، بسبب مساعدتها على تعزيز المصالح الاقتصادية بين الدولتين، في وقت يمر فيه الاقتصاد العالمي بإحدى أسوأ موجات ركوده. ومن هؤلاء «ميتشل أورينشتاين» وهو أستاذ بمدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز- الذي وصف هذه الصفقة بأنها «تتعلق بتعزيز العلاقات بين روسيا وألمانيا. فهي تحظى بتأييد كل من برلين وموسكو، إلا أنها تثير قلق الكثيرين هنا في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الشرقية». ولكنه نفى في الوقت نفسه أن يكون لهذه الهواجس أساس يبررها. والدليل أن الصفقة نفسها لم تتم إلا بعد أن توصل المديرون التنفيذيون لشركة جنرال موتورز، وكذلك مسؤولو الحكومة الأميركية -التي تعتبر مساهماً رئيسياً في شركة جنرال موتورز، على رغم تفضيلها الابتعاد عن مفاوضات إبرام الصفقة- إلى ذات النتيجة التي استوجبت إبرامها. وبالنسبة لروسيا، فربما يساعد توسيع مساهمتها في قطاع صناعة السيارات -بما في ذلك دخولها طرفاً مشاركاً في الصفقة الحالية- على تنويع مصادر دخلها القومي، وخاصة أن هذه المصادر ظل يهيمن عليها القطاع النفطي لفترة طويلة. وعليه يرى البروفيسور أورينشتاين أن من شأن هذه الصفقة أن تساعد على إدماج روسيا في الاقتصاد العالمي. وبدلا من التخوف من مشاركة روسيا فيها، فإن من الأفضل النظر إليها باعتبارها خطوة إيجابية لأنها ستجعل روسيا شريكاً اقتصادياً للمجتمع الدولي في قطاع آخر غير قطاع النفط. ويرى البروفيسور أورينشتاين أن دخول روسيا بهذه القوة في مجال صناعة السيارات، سيساعدها على تنويع مصادر دخلها القومي. وفي هذا الصدد ضرب البروفيسور أمثلة على ذلك باستحواذ شركة «تاتا» الهندية لصناعة السيارات على شركتي «لاند روفر» و«جاغوار» في عام 2008. ويمكن القول أيضاً إن هناك بعض المغالاة في الحديث عن احتمال أن تتحول شركة «جاز» الروسية لصناعة السيارات إلى منافس مباشر لجنرال موتورز في وسط وشرقي أوروبا، إضافة إلى روسيا نفسها. والسبب كما يقول «سيرجي نيتساين» الأستاذ الزائر بمعهد إدارة الأعمال الأوروبي في باريس، هو أن عملية نقل تكنولوجيا ومعرفة صناعة السيارات إلى روسيا، سوف تتطلب وقتاً طويلا جداً. ويصعب في الوقت الحالي تحديد المدى الزمني الذي ستستغرقه هذه العملية، وما هي النتائج التي سوف تؤدي إليها. ديفيد فرانسيس - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©