وافق رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي على مقترح لوزير الخارجية الأميركي جون كيري بإجراء انتخابات نيابية مبكرة في العراق شرط تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة شخص مستقل وفقاً لمصادر مطلعة أمس.
وأكد النجيفي لكيري أن تعثر العملية السياسية وبطء التحول الديمقراطي، ونقض الاتفاقات، والخروق في حقوق الإنسان سببت شرخا في الوحدة الوطنية، فيما أبدى كيري مخاوفه من انهيار الديمقراطية في العراق. في حين رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تدخل الخارجية الأميركية في الشأن العراقي، داعيا “جميع العراقيين إلى الحوار بعيدا عن أي تدخل خارجي”.
جاء ذلك خلال لقاء بين كيري الذي وصل بغداد أمس الأول في زيارة مفاجئة، والنجيفي بالعاصمة العراقية. وقالت المصادر التي رفضت ذكر أسمائها أن كيري اقترح على النجيفي إجراء انتخابات نيابية مبكرة في العراق في محاولة لحل الخلافات السياسية القائمة بين الكتل الحاكمة.
وأضافت أن النجيفي اشترط تشكيل حكومة تكنوقراط يرأسها شخص مستقل، قبيل الانتقال للانتخابات النيابية المبكرة وتشكيل حكومة جديدة.
وذكرت أن كيري كان منزعجا من تطورات الأوضاع في العراق. ونقلت المصادر عن كيري قوله إن مجريات الأوضاع متجهة نحو هدم كل ما قامت به واشنطن من أجل بناء الديمقراطية في العراق، داعيا الأطراف كافة إلى التعاون من أجل إتمام الشراكة الوطنية وتجاوز الأزمات.
كما نصح كيري النجيفي القيادي في القائمة العراقية التي يتزعمها أياد علاوي بعدم انسحاب معارضي رئيس الحكومة نوري المالكي من العملية السياسية أو الانتخابات المقبلة، لأن هذا الأمر سيضر بطائفة السنة في العراق.
واستشهد الوزير الأميركي في هذا الصدد بما حدث في الانتخابات النيابية الأولى في يناير من عام 2005 عندما امتنعوا عن المشاركة، مما أدى إلى ضعفهم في التكوين السياسي العراقي وفسح المجال لغيرهم من الطوائف. كما أكد التزام الولايات المتحدة تجاه العراق في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وحسب مصادر سياسية مطلعة فإن كيري أعرب للنجيفي عن قلق واشنطن إزاء الاحتجاجات في محافظات العراق الغربية والشمالية التي تتواصل منذ عدة أشهر، وضرورة التحقق من مطالب المتظاهرين لتطويق الأزمة التي من الممكن أن تشعل حربا طائفية.
وذكر بيان صدر عن مكتب النجيفي إثر لقاء الأخير كيري، أن رئيس مجلس النواب العراقي أكد لوزير الخارجية الأميركي أن “قرار تأجيل الانتخابات في نينوى والأنبار يعد خرقا قانونيا يتنافى مع الدستور ومبادئ التجربة الديمقراطية في العراق، معتبرا أن أسباب التأجيل لم تكن مقنعة تماما”.
وأوضح النجيفي “أن الظروف الأمنية التي صاحبت الانتخابات الماضية والتي سبقتها كانت أسوأ بكثير مما هي عليه الآن، مشيرا إلى أن الأوضاع الأمنية في بغداد متردية لكن قرار التأجيل طال نينوى والأنبار فقط، لذلك نحن نرى أن القرار سياسي بامتياز”.
من ناحيته دعا مقتدى الصدر في بيان صحفي أمس “الجميع إلى الحوار بعيدا عن أي تدخل خارجي مطلقا وإعادة اللحمة الوطنية ومحاولة الجلوس على طاولة حوار مع الجميع”.
وأضاف أن “المرجعية الدينية والشركاء بالعملية السياسية وجهات شعبية والأمم المتحدة، رفضت تأجيل انتخابات مجالس المحافظات في الموصل والأنبار، ولا داعي لتدخل وزارة الخارجية الأميركية بالشأن العراقي المستقل”
ويشهد العراق أزمة سياسية عميقة منذ أشهر تصاعدت أخيرا على وقع التظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت في ست محافظات ومدن ذات غالبية سنية.
وقاطع وزراء القائمة العراقية منذ 8 يناير الماضي جلسات مجلس الوزراء، احتجاجا على عدم استجابة الحكومة لمطالب المحتجين والمعتصمين منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
كما علق وزراء التيار الصدري في 19 مارس الجاري مشاركتهم في جلسات الحكومة، وكذلك فعل وزراء التحالف الكردستاني، ولم يبق سوى 11 وزيرا من أصل 32 في حكومة المالكي بعد مقاطعة هذه الكتل لجلساتها.
ويهدد هذا الأمر بإسقاط الحكومة من خلال تشكيل هذه الكتل جبهة في مجلس النواب العراقي لمواجهة ما وصفوه بتفرد المالكي.
لكن الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق أعلن امس أن جلسة المجلس التي ستعقد اليوم الثلاثاء، ستخصص لمناقشة مطالب المتظاهرين، مشيرا إلى أن المجلس سيناقش بعض مشاريع القوانين التي أنجزتها اللجنة الخماسية. وكان نائب رئيس الوزراء صالح المطلك ربط عودة وزراء العراقية لاجتماع مجلس الوزراء بتخصيص الجلسة لمناقشة وإقرار مطالب المتظاهرين.
وكان المتحدث باسم متظاهري الأنبار سعيد اللافي أعلن أمس الأول تشكيل وفد للتفاوض مع الحكومة بشأن مطالب المتظاهرين، متمنيا أن تكون هذه الخطوة فاتحة خير لإنهاء الأزمة.
من ناحيته طالب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم ضرورة مراجعة الحكومة حول إجراء الانتخابات المحلية في كل المحافظات دون استثناء في موعدها الذي يصادف 20 أبريل المقبل.
وذكر بيان صدر عن مكتب الحكيم أن الأخير أكد خلال استقباله السفير التركي في العراق يونس ديمرر، على تلبية مطالب كافة أبناء الشعب العراقي وفق القانون والدستور.
ويعاود مجلس النواب عقد جلساته اليوم وسط أنباء عن مقاطعة نواب التحالف الكردستاني والقائمة العراقية.
وحسب النائبة عن القائمة العراقية وحدة الجميلي فإن “موقف العراقية ثابت في تعليق حضورها جلسات البرلمان لحين إدراج القوانين التي تلبي مطالب المتظاهرين والشعب العراقي”.
وكذلك جدد التحالف الكردستاني قراره بالمقاطعة، فيما أعلن التيار الصدري أنه يعتزم بدعم من القائمة العراقية استجواب المالكي في البرلمان بصفته القائد العام للقوات المسلحة حول التفجيرات الأخيرة التي شهدتها بغداد وعدد من المحافظات الأسبوع الماضي وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى، مما يزيد المشهد السياسي تعقيدا بحسب مراقبين.
عدد اليوم
