الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عادة تبادل الأكل في رمضان منفعة متبادلة

عادة تبادل الأكل في رمضان منفعة متبادلة
16 سبتمبر 2009 01:36
عادة تبادل الأكل بين الجيران في رمضان من العادات القديمة المتوارثة عند أبناء الخليج عامة، فالبعض يتعاطى مع المسألة بوصفها واجباً من واجبات رمضان، والبعض يخجل من رد الأطباق خالية، وآخرون قد يتباهون بما صنعوا من طعام، وثمة من يجدها كصدقة وإحسان على الفقراء والمساكين، من خلال وضع الأطباق في المساجد. صورة إنسانية تعبر عن التواصل والتراحم والألفة والمحبة بين الجيران تظهر قبل غروب الشمس وقبل آذان المغرب، فالأطفال وخدم المنازل نراهم في سباق محموم، حول من يوصل الأطباق لجاره أولاً، مثل هذا المنظر لا نشاهده إلا في الأمسيات الرمضانية فقط. منفعة متبادلة إنَّ لرمضان عادات لا تتغير بالرغم من اختلاف الظروف، تطرح ريم محمود رأيها في هذه العادة قائلة: «نعتبر عملية تبادل الأكل في رمضان جزءاً أساسياً من سلوكيات الشهر الفضيل، وخاصة أنَّ من يجاورنا هو أخي، وبالتالي فإنَّ المنفعة متبادلة، منذ سنوات طويلة اعتدت أنا وزوجة أخي على هذه العادة، حتى أصبحت سائدة بيننا في الأيام العادية، وخرجت عن نطاق رمضان، ذلك أنَّ الناس ليسوا بحاجة للطعام، بقدر احتياجهم للاهتمام ، فهذا الصحن يعكس المودة والاحترام المتبادل بين الجيران، ولقد تعمدت أن يعتاد أبنائي منذ طفولتهم أن يرسلوا الأطباق لخالهم، حتى يترسخ هذا في سلوكهم، ويحافظوا على هذه العادة عندما يكبرون، خاصة أنَّ الطبق الذي نرسله لا يكلفناً شيئاً». نفس طيب تربت جنان الزهراوي، ربة بيت، على عادة تبادل الصحون منذ الصغر، إذ كانت ترى والدتها تفعل ذلك، وهي تشرح الأمر بقولها: «رمضان هو شهر الكرم والمودة، وقد عودتنا الوالدة، رحمها الله، على هذه العادة منذ الصغر، ونشأت على ذلك، حتى بعد أن تزوجت وأنجبت الأبناء الذين ساروا على نفس النهج، ففي كل رمضان أطلب من أبنائي توزيع الأكل على الجيران قبل آذان المغرب». تتذكر جنان تلك الأيام الرمضانية قائلة: «عند توزيع تلك الأطباق لا بد أن تخرج بمظهر لائق، لأنَّها تعكس ما يجسده أصحاب المنزل من نظافة وترتيب، ونفس طيب في الطبخ، حيث لكل ربة بيت طرق خاصة بها لإعداد هذه الأطباق وتحضيرها، ولابد أن تشتمل على موالح وحلويات، ذلك أنَّ كلَّ بيت يشتهر بطبق مميز، يُعرف به، ويستلذه الجيران والأصدقاء». مودة ورحمة تبادل الأطباق عادة من عادات رمضان، بدونها لا يكون لعصريات هذا الشهر الفضيل طعم، هذا ما تقوله زهراء البياتي التي تقارب الأمر بالقول: «اعتادت أغلبية السيدات على يوم محدد لصنع «الهريس» الطبق الرمضاني المشهور، والذي يتطلب جهداً ووقتاً، لكن في هذه الأيام أصبحت النساء يقمن بزيادة بعض الأصناف الشعبية مثل الساقو واللقيمات، والثريد والبرياني، وغيرها من أصناف شعبية ليتم توزيعها على الجيران والأقارب والأصدقاء، وتعد هذه الأكلات من أشهر الأطباق التي توزع، لكن في الوقت الحالي تعددت الأصناف، وأصبحت السيدات والفتيات يتفنن في صنعها ليتذوقها الجيران والأصدقاء». في سياق تفسيرها للظاهرة تقول زهراء: «قد تكون الأسباب التي كانت تدعو قديماً لتبادل الأطباق هي المودة والرحمة والتواصل، كما أمرنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، أما في أيامنا الحاضرة، فقد اختلفت أنواع المأكولات، وكل يوم يظهر ما هو جديد، لذا نرى كل ربة بيت تبادل جاراتها بما صنعته، وقد تعلمته من كتاب، أو شاهدته في الفضائيات، وهي تحب أن تريهم مدى إتقانها لذلك الصنف». علامات الصحون تعرب أم شيماء عن محبتها لهذه الأيام قائلة: «كانت النساء في الماضي يقمن بعمل علامة معينة أسفل الصحون، وبلون معين من الأصباغ لمعرفتها، ومن ثم إرجاعها بعد أن تملأ بصنف أو أكلات، لأنَّه كان يُعتبر من المعيب جداً إرجاع هذه الصحون خالية». تضيف أم شيماء :»لسنا نحن فقط من نتبادل الأطباق، بل أنَّ جيراننا من المقيمين في الدولة يتلقون أطباقنا، وهم يرسلون لنا بالمثل ما أعدون من طعام، يتذوقون الأكلات الشعبية الإماراتية، ونحن نتذوق كذلك الأصناف الشامية والمصرية، إنَّ هذه العادة وإن اختلف نمطها، إلا إنها تبقى مشتركة بين البلدان والأقطار العربية على اختلافها. مواقف طريفة ثمة العديد من المواقف الطريفة التي تتعرض لها بعض السيدات أثناء تبادل الصحون، تتذكر أم هاني قائلة:هنالك موقف يتكرر كثيراً حيث تقوم سيدة بإرسال بعض الأكلات في مغلفات بلاستيكية، أو رقائق ألمنيوم إلى إحدى الجارات، لتقوم هذه الجارة بإرساله إلى جارة أخرى لترتاح من هم وواجب عليها، ومن ثم تتولى الأخيرة إرساله إلى الجارة الأولى التي صنعته، والتي لا يخفى عليها شكله وطعمه كيف لا وهي التي صنعته، أي قد يصادف أن ترجع الصحون إلى نفس البيت الذي خرجت منه». أيضا من أهم المواقف التي لم تنسها أم هاني ما حدث مع إبنها الذي كان يصوم للسنة الأولى، وتروي الحادثة قائلة: «حمل إبني الأطباق وجلس خارج فناء المنزل، وأكل من كل طبق ما يشتهي من شدة الجوع، ومن ثمَّ أرجع الأغطية وذهب للجيران يوصل الأطباق المأكولة، فما كان من جارتي إلا أن اتصلت بي بعد الفطور، وهي تضحك بشدة قائلة «مشكورة على الصحون المأكول منها، فطفلك أكلها وبالعافية عليه». مشاعر مغترب بدوره يعلق شادي طاهر، وهو وافد يقيم بمفرده، على الأمر قائلاً: «إنَّ هذه العادة ممتعة حقاً، فالجيران والأقارب لا يقصّرون في تزويدي بمختلف الأطباق، وإن لم أكن معزوماً في ذلك اليوم فهم يرسلون لي من شتى الأصناف حتى أشعر أنني أقيم بين أهلي». لكن شادي يجد الأمر محرجا في بعض الأحيان، والسبب كما يقول: «يجب أن أرد لهم جزءاً مما يقدمونه، حتى أشعرهم بإمتناني، لذلك أحضر دائماً الحلوى وأرسلها لهم، فتبادل الأطباق شعور جميل. ويكفي وجود من يطرق بابك قبل الإفطار ليشعرك بأن هنالك من يهتم بك، فالغربة تملأ الإنسان بمشاعر رهيبة، والبعد عن الأهل أصعب من الصيام، والصائم المغترب يحن لأطباق والدته، خاصة اذا كان من سكان القرى، فالعادات والأصناف تختلف لدينا، فبساطتها وطعمها لا تجده في أي مكان آخر، ولكنني وجدت في جيراني المحيطين بي الأهل والراحة والسعادة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©