بدرية الحوسني تحترف جمع التراث غير المادي

تحمل بدرية عبيد الحوسني دبلوماً تخصصياً مهنياً في التراث بإمتياز، رغم إنها تحمل بكالوريوس علوم تخصص جيولوجيا من جامعة الإمارات، وهي أيضاً عضو لجنة جرد التراث غير المادي في دولة الإمارات، وعضو جمعية التراث العمراني، وتفخر بدأبها للحصول على الكثير من الدورات التدريبية والشهادات، لأنها لم ترغب في هدر الوقت بإنتظار الحصول على وظيفة، فاستثمرت سبع سنوات من عمرها في التعلم وفي تطوير مهاراتها. كانت بدرية قد تزوجت بعد حصولها على الثانوية العامة، ولكن والدتها كانت تحثها على التعليم وإشترطت على زوج بدرية أن يهيئ لها كل السبل لإنهاء تعليمها، ولذلك كانت بدرية زوجة وربة بيت وأماً حين كانت تكمل تعليمها، وحين توظفت في متحف الفجيرة كانت أول وظيفة تحصل عليها هي جامع تراث. وضعت بدرية خارطة للعمل، ولكنَّها كانت تشعر في كل نهاية أن عليها أن تعيد العمل بطريقة مختلفة، لأن جمع التراث غير المادي مسألة خطيرة تتعلق بنقل المعلومة بأمانة، حيث أن تلك المعلومة سوف توثق وتنتقل عبر التاريخ لأجيال كثيرة تتعاقب، ولذلك كانت تقول إنها كثيرا ما خرجت من رحلاتها البحثية بدون أي معلومة، لأنها كانت تشعر أن هناك شيئاً خاطئاً، ومن أجل ذلك لم تفت الفرصة حين سمعت عن دبلوم جمع التراث، الذي نظمته وزارة الثقافة وخدمة المجتمع، فكانت من ضمن ما يزيد عن مائة وعشرين متقدماً، وقد تم اختيار ثلاثين شخصاً فقط، واستمرت الدراسة مدة أربعة أشهر كانت تقطع من أجلها بدرية الطريق من الفجيرة إلى دبي يومياً دون أن تتغيب يوماً واحداً. أصبح التراث قضية عشق وشغف وخوف من أن يندثر قبل جمعه من صدور المصادر، ومن ذاكرتهم ووثائقهم، وهي تقول إن التراث علم الشعوب، وان تم التعمق في معنى التراث ضمن المعاجم في اللغة العربية سنجد أنه مشتق من الإرث والورث. ومن التراث الذي تعمل على جمعه الأدب الشعبي من شعر وأمثال وحكايات، والأداء الشعبي من فنون العيالة والنهامة بالنسبة للبحر، وطريقة النهمة بدءا من صوت النهام وحركته، إلى جانب العادات والتقاليد وهي تلك التي تمثل المعتقدات التي تدور حول الحسد والعين وأثر البخور ورش الملح كمثال، أو آداب الزواج والختان. إن التراث الاماراتي كما تقول بدرية يتضمن كلمة فلكلور وعندما تسمع الكلمة تتداعى صور الفنون الشعبية، وهذا التراث يحمل في طياته الكثير من المعاني التي تجسد أصالة الشعب الإماراتي وحبه للطبيعة واقتباسه منها الصبر والعطاء، وشدة ارتباطه بأرضها المعطاء، وسيبقى التراث علوماً تنتقل من جيل إلى جيل، مع احتفاظه بالحقائق الصحيحة دون أن يفسدها من لا يملك أمانة القلم. تؤمن بدرية أن التراث الثقافي غير المادي طبقا للتعريف الوارد في الاتفاقية بشأن صون التراث الثقافي التي أعتمدها المؤتمر العام لليونسكو 2003 هو تلك الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وكل ما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية. عملت الحوسني ضمن الأيام التراثية التي تنظمها إدارة التراث بالشارقة، وأيضا ضمن القوافل الثقافية للتوعية بأهمية التراث غير المادي، وعملت للجنة جرد التراث التابعة لليونسكو، مع الباحث والخبير عبدالعزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية، والذي ساهم في توجيه بدرية بشكل صحيح وشجعها على العمل وأيضا عرفت من خلاله أن من أهم المهام البحث عن الشخص الثقة الذي يقدم المعلومة الصحيحة، وأيضا أحمد خليفة الشامسي المدير السابق لمتحف الفجيرة وفاطمة المغني الباحثة والجامعة للتراث والتي كانت تعمل بمبادرات شخصية منها، حتى أصبحت مصدر اهتمام بين الجهات التعليمية والتربوية. أيضا من أهم ما يجب أن يتوفر في جامع التراث أن تكون لديه معلومات تستند على أسس صحيحة، ومن خلال كل المراحل التي مرت بها خلال عملها، وجدت بدرية أن الرؤية الواضحة يمكن من خلالها وضع خطط ناجحة للمستقبل، وهي تعد حاليا لإعداد خطة تعرض على المسؤولين تكون عبارة عن جدول للأعمال التي ستتم خلال المرحلة القادمة، كما تحضر لتقديم دورات للأطفال حول كل مايتعلق بالتراث خلال العام 2011، وستشارك في مؤتمر التراث العمراني في المملكة العربية السعودية في الفترة القريبة القادمة.