الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنت ومالك لأبيك

أنت ومالك لأبيك
16 سبتمبر 2009 01:43
أحدثكم اليوم حول البر بالآباء، ذلك أن بعض الأولاد عندما يتزوجون ينسون آباءهم ويطيعون زوجاتهم، حتى ولو كان في طاعتها عقوق أبيه أو أمه! ويقال إنَّ أحد الأبناء استجاب لمطلب زوجته في عزل أبيه عن مائدة الطعام لأنها تتقزز من ريقه وهو يطفطف، فوضع له الطعام في إناء في زاوية الغرفة، فكسر الأب الإناء فعنفه الولد! وصنع له إناء من خشب لئلا ينكسر!! فقال أحد الأولاد الصغار لأبيه: إنه إناء متين وجيد وسنحتفظ لك به، حتى إذا كبرت وضعنا لك فيه الطعام كما تفعل مع جدي!! فهزت هذه الكلمات الولد العاق وأفاق من غفوته فقام من فوره يقبل يد أبيه ويسأله الصفح، وأدرك أن زوجته وصلت به إلى مخالفة قول الله تعالى في سورة الإسراء: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(24)». وفي الآية قرن الحق سبحانه وتعالى بر الوالدين بعقيدة التوحيد، وقد أمر القرآن بحسن البر مع الوالدين ولو كانا مشركين؛ قال تعالى:«وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً» لقمان15. والآية واضحة في وجوب صحبتهما بالمعروف رغم شركهما بالله، وفي صحيح البخاري باب صلة الوالد المشرك عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّي وَهْىَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ «إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ» وَهْىي رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ « نَعَمْ صِلِي أُمَّك». فكيف تكون الصلة والبر عندما يكون الوالدان مسلمين ملتزمين؟! أخرج البيهقي عن جابر رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله، إن أبي أخذ مالي، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- فاذهب فأتني بأبيك. فنزل جبريل عليه السلام على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه. فلما جاء الشيخ قال له النبي -صلى الله عليه وسلم : ما بال ابنك يشكوك؟ تريد أخذ ماله؟ فقال الشيخ: سله يا رسول الله هل أنفقته إلا على عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إيه! دعنا من هذا. أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك! فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقيناً، لقد قلت في نفسي شعراً ما سمعته أذناي!! فقال صلى الله عليه وسلم قل وأنا أسمع.. فقال الشيخ: قلت في نفسي لولدي: غذوتــك مولـــــوداً وعلتـك يافعاً تعـل بما أجنـــــــي إليك وتنــهــــل إذا ليلة ضاقت بسقمك لم أبت لســــقمـك إلا ســــــــــاهراً أتملمـــل كأني أنا المطروق دونك بالذي طـرقــــــت به دوني فعينــــي تهمل تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن المـــــوت وقـــت مؤجـــــل فلما بلغت الســن والغايــــة التــــي إليها مدى ما كنـت فيــــك أؤمــــل جعلـــت جزائي غلظـــــة وفظاظـــة كأنــــــك أنــــت المنــــــعم المتفضــــل فليتــــــك إذ لم تـــــرع حـــق أبوتي فعـلت كما الجار المجاور يفعـــل قال جابر فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب الولد وقال: أنت ومالك لأبيك!! ومن البرِّ أن تدعو في كل صلاة «ربِّ اغفر لي ولوالدي ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً)»، فقد دعا نوح:«رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ» نوح: 28، ودعا إبراهيم فقال:«رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ «إبراهيم:41، ودعا سليمان:» وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ» النمل:19. د. محمد بسام الزين drbassam@eim.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©