الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جوع وبعارين وضجر

جوع وبعارين وضجر
23 مايو 2010 21:09
(1) قال باحثون بريطانيون إنهم عزلوا هرموناً مسؤولاً عن الجوع يرفع بشكل مثير من استهلاك الإنسان للغذاء، مما يزيد من احتمالات التوصل لأساليب علاج جديدة للبدانة والسمنة، حسبما أفاد العلماء إياهم، الذين يأملون بالسيطرة على الجوع من خلال أساليب علاجية باستهداف هرمون الجوع (جريلين) بأدوية معينة. لم يكتفوا بأن يجعلونا مثل الدجاج.. كائنات تأكل وتتبرز وتموت، بل يريدون أن يحولونا إلى كائنات تموت جوعاً وهي راضية مرضية، تموت جوعاً وهي تتجشأ شبعاً وتخمة. يقول دون كيشوت - في رواية سرفانتس العظيمة - لمساعده سانشو بانزا: لقد ولدت يا سانشو لكي أحيا حتى وأنا أموت، أما أنت فقد ولدت لتأكل حتى تموت. مجرد حبات صغيرة من الدواء وسينتهي كل شيء ونعيش في هدوء وأمان وشبع واطمئنان حتى يجيئنا هادم اللذات ومفرق الجماعات. فعلا، نحن مجرد كائنات بماض تليد ومستقبل هش، وعقول من (قش). (2) تملأ الأسواق العربية والمعارض كتب تدعي قدرتها على إحداث تغير إيجابي جوهري في حياتك فور قراءتها، وتحولك إلى شخص آخر. ناجح واجتماعي وذكي وقائد وعبقري وواثق.. وخلافه. لاحظوا معي أسماء بعض هذه الكتب: فن وأسرار اتخاذ القرار، قوة الثقة بالنفس، سحر القيادة، البرمجة اللغوية، المفاتيح العشرة للقيادة، سيطر على حياتك، العادات السبع، قدرات غير محدودة، قوه الحب والتسامح...... دع القلق وابدأ الحياة، قوة العقل الباطن.... ما رأيكم أن نأخذ هذه الكتب ونبثها في الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى حتى ننجب شعباً جديداً طازجاً وناجحاً وقوياً وواثقاً وخلافه.. واذا نجحت الأمور، نعمم الفكرة على جميع الشعوب العربية، ثم نخوض المعركة الفاصلة مع إسرائيل وقد تسلحنا بالثقة والتفكير العلمي السديد والقدرة على القيادة واتخاذ القرار. شايفين ما أسهلها!!؟؟ (3) إنقاذ الناس من الضجر هي أكبر تجارة في العصر، من المخدرات إلى الكحول إلى التلفزيونات المنوعة إلى الإنترنت والساونا، مصارعة الثيران الوسائل الميكانيكية الكيميائية لرفع سوية الفحولة، صرعات الحلاقة والوشم.. حتى الكتابات الساخرة هي جزء من تجارة عالمية رائجة لإيهام الناس بالقدرة على إنقاذهم من وحش الضجر مقابل اقتناص قسم كبير من مدخولاتهم. الحروب . هي محاولة وهمية لإنقاذ الناس من مغبة الضجر أيضا. كانت الحرب الأولى والحرب العالمية الثانية ، أما الثالثة، فقد شنتها الشركات العابرة للجنسيات على الجميع لمكافحة الضجر وتحريك التجارة العالمية بكافة المجالات ( أسلحة– أكفان– دموع تماسيح- أدوات تساعد على الانتحار- عملاء– قصائد حزينة- جنازات لائقة- مياتم- مظاهرات ضد الحرب- وخلافه). وهكذا تم تصنيع مجتمعات تعاني من جائحة الضجر ونحن منها: - مجتمع يقتل نفسه على سبيل الضجر. - يطلق النار والألعاب النارية على سبيل الضجر. - يقترف حوادث السير لمكافحة الضجر. - يقترف جرائم على سبيل الضجر - ينتحر على سبيل الضجر - يتسلى على سبيل الضجر لن أكمل الحديث، فقد ضجرت!! (4) أوائل الخمسينات ذهب أحد أقاربي للدراسة في إحدى المدارس الأهلية الخاصة بالأديرة في فلسطين، كان غلاما كبيرا لكنه كان في الصف الأول الابتدائي. ?مقابل حرف(ج) العربي وضعوا صورة جمل وقالوا له إن يلفظ الحرف ثم يلفظ كلمة (جمل) لكن قريبي العبقري كان يلفظ حرف (الجيم) ويقول بعدها كلمة (بعير) وقد فشلت جميع محاولات المعلمين في إجباره على أن يقول (جمل) فالذي في الصورة هو بعير (بكسر الباء) وليس جملا، كما يدعون!! ? ? بصراحة..ينبغي أن نحافظ على البعارين فهي تسكن الصحارى التي نصنعها، وتصبر على الجوع مثلنا ...وتحقد مثلنا!! ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©