السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدرن و «الإيدز» كل منهما يعجل سرعة ظهور أعراض الآخر

الدرن و «الإيدز» كل منهما يعجل سرعة ظهور أعراض الآخر
26 مارس 2013 20:12
احتفل العالم قبل بضعة أيام باليوم العالمي لمكافحة الدرن الذي صادف يوم 24 مارس الجاري. فمنذ اكتشاف علاج الدرن في أربعينيات القرن الماضي، بعد أن كان لسنوات عديدة السبب الأول للوفاة، ويتسبب في وفاة ما بين 2 و3 ملايين شخص سنوياً على المستوى العالمي، وبدأ في الانحسار التدريجي عالمياً لتقدم الوعي الصحي، والجهود التي بذلت لمحاصرته ومكافحته، ودعم برامج التوعية والعلاج، لكنه عاد للظهور بقوة مرة أخرى في منتصف الثمانينيات لعوامل عدة، في مقدمتها انتشار مرض نقص المناعة المكتسب «الإيدز»، والتلوث البيئي، وارتفاع معدلات التدخين، وتوافد وانتقال العمالة من أماكن توطن المرض، من مختلف مناطق العالم، حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن حالات الدرن ازدادت بنسبة 13 % على مستوى العالم ما بين عامي 1993 و1996. خورشيد حرفوش (أبوظبي) - تقدر منظمة الصحة العالمية أنه سيكون هناك مليار حالة جديدة حاملة للمرض في عام 2020، وأن 200 مليون شخص سيصابون بالمرض وسبعين مليون حالة وفاة إذا لم يتم السيطرة على المرض عالمياً، حيث يعتبر السبب الأول للوفاة مقارنة بجميع الأمراض السارية والمعدية الأخرى، مثل الملاريا ومرض نقص المناعة المكتسب. ويعتبر مرض الدرن مرضاً معدياً ينتقل عن طريق الهواء والرذاذ، والمرضى المصابون بالدرن الرئوي هم الذين ينقلون المرض فقط، وإذا لم يعالج المصاب بمرض الدرن، فإنه ينقل المرض إلى حوالي 10 إلى 15 شخصاً سنوياً، وهذا يعني أن واحداً بالمائة من سكان العالم معرضون لبكتيريا الدرن كل عام، أو بمعنى آخر، هناك شخص واحد معرض للإصابة بالدرن في كل ثانية. وبصفة عامة، يعد ثلث سكان العالم حاملين لبكتيريا الدرن، وأن 5 إلى 10% من حاملي البكتيريا يصابون بالمرض خلال حياتهم ويصبحون ناقلين له، حيث إن هناك علاقة وثيقة بين مرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» والدرن، لأن كل واحد منهما يسارع في تقدم وسرعة ظهور أعراض الآخر، والتقارير العالمية لمنظمة الصحة العالمية تشير إلى أن مرض «الإيدز» يتسبب في 15% من حالات الدرن، حيث إن مرض «الإيدز» يضعف ويدمر الجهاز المناعي في الجسم، ما يؤدي إلى سرعة انتشار الدرن، حيث احتمال التحول من حامل بكتيريا الدرن إلى مصاب بمرض «الإيدز». جهود عالمية تسعى منظمة الصحة العالمية إلى تخفيض معدل انتشار ووفيات الدرن بحلول عام 2015 إلى 50%، مقارنة بعام 1990، وتهدف كذلك إلى اكتشاف 70% من الحالات المعدية سنوياً، ورفع معدل الشفاء إلى 85% للحالات التي تم اكتشافها بالفعل. وتشير تقارير وزارة الصحة الإماراتية إلى أن الإمارات تعتبر من الدول ذات معدل الإصابة المنخفض للدرن، حيث يبلغ معدل الإصابة بالدرن للمواطنين 8 / 100 ألف من السكان. وقد تبنت الوزارة سياسات عدة للمحافظة على خفض معدلات حدوث المرض، ومنها استمرار وتعزيز تطبيق برنامج تطعيم الـ «بي سي جي»، لجميع المواليد الجدد، وتعد الإمارات أول دولة في إقليم شرق المتوسط تقوم بإعداد وتنفيذ الترصد الوبائي الإلكتروني للأمراض المعدية بشكل عام والدرن بشكل خاص، وتوفير العلاج قصير الأمد. فما هي حقيقة المرض؟ وكيف يمكن مكافحته والحد من انتشاره، والوقاية منه؟ وماهي الآفاق العلاجية لهذا الوباء؟ يوضح الدكتور جودت السري، استشاري الأمراض الصرية، أن الدرن أو ما يعرف بـ «السل الرئوي»، أنه مرض قديم تسببه بكتيريا تعرف بـ «ميكوبكتيريا الدرن»، ومن الممكن جداً أن ينتقل من مريض إلى آخر عن طريق رذاذ الهواء أو عن طريق تناول الأكل الملوث بشكل مباشر، وهذه البكتيريا يمكن أن تهاجم أي جزء من أجزاء الجسم، لكنها في أغلب الحالات تصيب الرئتين، وقد يصيب حتى العظام والعمود الفقري، وهذا النوع من الدرن لا ينتقل إلى إنسان آخر إلا عن طريق جرح مفتوح، أو عن طريق الإفرازات الناتجة عن الالتهاب داخل العظم، ومن ثم تظهر أعراضها على الجلد الخارجي، لذا يراعى عزل المصاب حتى لا تنتقل العدوى، وعادة ما نجد أن 50% من مرضى الدرن الرئوي «السل» يموتون خلال خمس سنوات إذا تركوا دون علاج، ويلاحظ أن معظم الباقين يعيشون في حالة صحية سيئة. خطورة العدوى يضيف الدكتور السري: «من الأهمية أن ندرك أن السل مرض شديد العدوى، وهو ينتقل أساساً عندما يطرد مريض في طور نشاط المرض الرذاذ المليء بالبكتيريا من رئتيه عن طريق السعال، فيستنشقه الآخرون، وهو محمل بالعدوى، حيث تستقر البكتيريا في رئة الشخص السليم وتبدأ في التكاثر والانتشار في الرئة، وعلى الرغم من أنه يسهل التقاط البكتيريا المسببة للسل، إلا أن العدوى لدى أغلب الناس تكون عدوى رئوية قصيرة المدى، لأن جهاز المناعة يستطيع احتواءها مع الدعم العلاجي، لكن قد يحدث التهاب رئوي خطير يسمى «السل الابتدائي المطرد» عند كثير من الناس بعد مدة قصيرة من العدوى المبدئية، وقد تنتشر هذه العدوى في الغدد الليمفاوية، ومن ثم إلى الدم، وتنتقل إلى جميع أنحاء الجسم. ويلاحظ أيضاً أن البكتيريا تعيش ساكنة في الرئتين لسنوات عدة، لأن الجهاز المناعي يمكنه احتواؤها، لكنه لا يقضي عليها تماماً، لكن 5 إلى 10% من الناس تنشط البكتيريا لديهم من جديد وتسبب الالتهاب الرئوي، وفي بعض الأحيان تنتشر إلى أماكن أخرى من الجسم، ويسمى هذا بـ «السل الثانوي» أو السل النشط من جديد، وهذا الدرن الثانوي أكثر شيوعاً من الدرن الابتدائي، ويحدث عادة لدى من ضعف جهاز مناعتهم لعامل السن أو لعوامل أخرى، مثل المصابين بفيروس «الإيدز»، وهناك أناس حساسون للتدرن، منهم من يعيشون في أماكن مزدحمة، مثل الملاجئ والسجون، أو الذين يحتكون احتكاكاً مباشراً بالمصابين بالدرن. كذلك يتعرَّض للخطر أولئك الذين يعانون سوء تغذية مزمناً، ومنهم المشردون، مدمنو الكحوليات، ومن تعرض جهازهم المناعي للإجهاد مثل الذين يعالجون بالكورتيزون، وبعض المسنين الذين يمثلون نسبة 25% من أولئك المصابين بالدرن». الأعراض والعلاج أما عن الأعراض، يقول الدكتور السري: «عادة ما يلاحظ أن المريض يشكو من السعال المزعج المسبب للضيق، وهو أهم أعراض الدرن، والتعب والإرهاق والهزال، وفقدان الوزن بلا مبرر، وفقدان الشهية، والحمى المستمرة ذات الدرجة الدنيا، والعرق الشديد أثناء الليل، وألم الصدر، وخروج الإفرازات «البلغم» الذي به دم، والتشخيص يحدد ما إذا كان الشخص أصيب بعدوى ميكروب الدرن أم لا، وهناك اختبارات أخرى تستعمل لمعرفة ما إذا كنت مصاباً بعدوى نشطة أم لا، وعادة ما تجرى اختبارات جلدية، وأشعة على الصدر، وفحص لعينات من «البلغم» لمعرفة ما إذا كانت تحتوي على بكتيريا السل أم لا، كما يتم اختبارات الدرن الجلدية لتحديد ما إذا كان قد سبق للمريض الإصابة بالعدوى أم لا، كما تجرى أشعة «إكس» على الصدر، حتى تكشف عن الندبات بالرئة والعقد الليمفاوية بالصدر». ويرى الدكتور السري أنه يمكن علاج أغلب حالات الدرن وتماثلها للشفاء بتناول العلاج الفعال من المضادات الحيوية والعقاقير الأخرى المناسبة حسب الحالة، لكن قد يلاحظ أن بعض المرضى يوقف تعاطي الأدوية فجأة أو تناولها دون اعتناء، وهذا يتسبب في مشكلات خطيرة، منها تكرار العدوى وحدوث الانتكاسات، ويعطي فرصة لظهور بكتيريا مقاومة للعقاقير، فمن الأهمية للغاية انتظام البرنامج العلاجي. أهمية التوعية يشير الدكتور السري إلى أهمية التوعية الصحية، ونشر الثقافة والوعي الصحي بين فئات المجتمع كافة، خاصة التجمعات السكانية والعمالية، والحد من أسباب انتقال المرض، والتأكيد على العيش والعمل في بيئة صحية آمنة، والتهوية الجيدة للمنازل وأماكن العمل، وضرورة التعرض للشمس، مع التغذية الصحية السليمة، وممارسة الرياضة، وتجنب مخالطة المرضى، واتباع الطرق السليمة عند العطس أو السعال، وتجنب التدخين والمشروبات الكحولية، ونشر الوعي الصحي بين طلاب المدارس للاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة المسكن والوقاية من الإصابة بالعدوى، والتطعيم الإجباري للأطفال بعد الولادة. اقتران وثيق يقترن الدرن بمرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، ويذكر أن مرض الدرن هو السبب الرئيسي للوفاة عند مرضى الإيدز، حيث يتسبب تقريباً في وفاة ثلث المصابين بمرض «الإيدز» على مستوى العالم؛ ووفاة 40% من المصابين بمرض «الإيدز» في آسيا وأفريقيا، وفي أفريقيا يعتبر مرض «الإيدز» السبب الرئيسي لزيادة انتشار مرض الدرن في السنوات العشر الماضية. وفي ظل غياب الأرقام والإحصاءات الدقيقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن المرض، فإن الأمم المتحدة تقدر عدد المصابين بفيروس «الإيدز» بين 350 ألفاً و570 ألفاً، وبحسب برنامج الأمم المتحدة لمرض نقص المناعة المكتسب «إيدز»، هناك حوالي نصف مليون شخص مصاب بهذا الفيروس في الدول العربية التي تعتبر المنطقة الأسرع انتشاراً للوباء مع أوروبا الشرقية، ويعتبر العالم العربي ثاني أعلى نسبة إصابة في العالم بالمرض، وهؤلاء بدورهم معرضون بالتأكيد للإصابة بالدرن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©