السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بانكوك: لوم للمعارضة وغضب على الحكومة

بانكوك: لوم للمعارضة وغضب على الحكومة
23 مايو 2010 21:41
حل هدوء ثقيل الظل على العاصمة التايلاندية بانكوك يوم الخميس الماضي، بعد أن تمكن الجيش من وضع حد لأسابيع مستمرة من المظاهرات العنيفة. وبينما احترقت مبان رئيسية في العاصمة، عمد الجيش إلى تنظيف جيوب المقاومة، ويحاول المواطنون استئناف حياتهم اليومية العادية. وإلى ذلك طمأن المسؤولون الحكوميون المواطنين بالسيطرة الأمنية على الجزء الأكبر من العاصمة، رغم تبادل إطلاق النيران بين بعض مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية في وقت مبكر من صباح الجمعة. ولعلم السلطات بإمكانية اشتعال نيران المظاهرات في أي وقت، فقد أصدرت أمراً بتمديد فترة حظر التجوال لثلاثة أيام أخرى في العاصمة بانكوك و23 محافظة أخرى. هذا وقد تضررت سمعة تايلاند واقتصادها وهويتها كثيراً جراء معارك الشوارع التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية بين متظاهري القمصان الحمراء وقوات الجيش، مخلفة وراءها ما لا يقل عن 82 قتيلاً و1800 مصاب، منذ أن احتل المتظاهرون أجزاء من العاصمة في شهر مارس المنصرم. وتعليقاً على تلك الأحداث، قال "سوخمباند باريباترا"، حاكم بانكوك، في تصريح تلفزيوني له: "يسهل علينا كثيراً إصلاح الطرق العامة التي تضررت جراء المواجهات مع المتظاهرين. غير أنه يصعب التكهن بالمدة الزمنية التي يتطلبها جبر خواطر وعقول المواطنين المكلومين". وقبل يوم واحد من ذلك التصريح، وعقب إنذارات متكررة وجهها الجيش للمتظاهرين بالاستسلام، تمت إزالة الحواجز والمتاريس المحيطة بقلعة المتظاهرين التي تبلغ مساحتها نحو ميل مربع في منطقة تسوقية مكتظة، وتمكنت القوات الحكومية من سحق المتظاهرين. وما أن شاعت الأنباء عن استسلام قادة حركة القمصان الحمراء، حتى أشاع بعض المتظاهرين حالة عامة من الفوضى وأعمال العنف في مختلف أنحاء بانكوك، فهاجموا المحطة التلفزيونية الحكومية، وأشعلوا النيران في عدد من المباني التي ظل بعضها يحترق لمدة 24 ساعة لاحقاً. وفي يوم الخميس الماضي، استسلم ثلاثة آخرون من قادة القمصان الحمراء، ويتوقع لهم الانضمام إلى القادة السابقين الذين جرى اعتقالهم سلفاً ويتم التحفظ عليهم في أحد معسكرات الجيش بجنوبي بانكوك، حيث تجرى التحقيقات معهم. كما تمكنت قوات الجيش من إخلاء مئات المعتصمين من أحد المعابد البوذية قريباً من ساحة المظاهرات، كان قد لجأ إليه الكثيرون عندما احتدت المواجهات بين الجيش والمتظاهرين. ويعد ذلك المعبد آخر أكبر نقطة تجمع للمتظاهرين. "الديمقراطية لا يمكن بناؤها بالانتقام والغضب"، هكذا قال "فيرا موسيكابونج"، قائد حركة القمصان الحمراء في تصريح تلفزيوني له بث من سجنه. وحث موسيكابونج المتظاهرين على العودة السلمية إلى بيوتهم. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان قائد الحركة قد أدلى بذلك التصريح بمحض إرادته أم أنه كان يخضع للضغوط من قبل المسؤولين. وقد لوحظ تدافع كثير من المتظاهرين القادمين من الريف وأوساط الطبقة العاملة، نحو محطات الحافلات والقطارات المتجهة إلى مناطقهم. وكانت مطالب هؤلاء لعدة أسابيع من المظاهرات العنيفة هي: حل البرلمان، وإجراء انتخابات عامة جديدة، والاستقالة الفورية لرئيس الوزراء "أبهيست فيجاجيفا" الذين يشككون في شرعيته. غير أن هذه المطالب جميعاً قد قمعت ولم تستجب لها الحكومة. وقد عبر بعضهم عن رضاه بمجرد لفت الأنظار للمطالب التي رفعوها. وفي رأي متظاهري القمصان الحمراء أن الانقلاب العسكري الذي وقع في عام 2006 وأطاح بحكومة رئيس الوزراء "تاكسين شيناواترا"، قد قوض الديمقراطية التايلاندية. وفي يوم الخميس الماضي، بدت ساحة متظاهري القمصان الحمراء مهجورة إلى حد كبير، بعد أن تناثرت فيها كراسي البلاستيك والقاذورات، مع العلم أنها الساحة التي شهدت كثيراً من الخطب النارية وصدحت فيها أغاني الحرية والديمقراطية. ومع بدء عودة العاصمة إلى أوضاعها الطبيعية، فقد أعرب البعض عن مشاعر مزدوجة. من بين هؤلاء هاتاي شيواستوساكول، مدير وكالة "مستر تاي" للسفر والسياحة في بانكوك، الذي عبر عن سعادته بإمكانية بدء البلاد إعادة بناء سمعة قطاعها السياحي المنكوب، قائلاً إن تلك العملية سوف تستغرق وقتاً دون شك. لكنه انتقد بشدة الوحشية التي سحق بها الجيش المتظاهرين. فهناك مواطنون محليون لا يحلمون بأكثر من إجراء انتخابات جديدة، والتوصل إلى شكل جديد من أشكال الحكم. لكن وبسبب الوحشية التي تصدى بها الجيش للمتظاهرين، فهناك أعداد أكبر من الغاضبين على الحكومة، ومن بينهم شخصي. وإثر إحكام الحكومة قبضتها على الوضع الأمني، هناك من المحللين والمراقبين من يتساءل عما إذا كانت قد أحسنت حفظ توازنات الوضع السياسي. ويذكر أن حكومة "أبهيست" كثيراً ما شجبت معارضيها والمتظاهرين ضدها، واصفة إياهم بالإرهابيين، وهي التهمة التي ينفيها بقوة قادة المظاهرات. ولعل أقوى تأكيد لهذا الرفض، لافتة سياسية كبيرة علقت فوق المسرح الرئيسي لعدة أسابيع كتبت عليها عبارة "متظاهرون سلميون وليسوا إرهابيين". ويتوقع المحللون أن تخسر الحكومة أصوات الكثير من الناخبين في الانتخابات المقبلة، فيما لو واصلت تجاهلها للمطالب العادلة التي رفعها المتظاهرون، بما فيها: وضع حد للتمييز بين المواطنين، وانعدام المساواة أمام القانون والهيئات القضائية، ورفع القيود المفروضة على الفرص الاقتصادية والتعليمية لمواطني مناطق ومحافظات بعينها، هي المحافظات الريفية الفقيرة في البلاد. لكن هناك بالطبع من ألقى باللائمة على حركة القمصان الحمراء التي حولت العاصمة بانكوك إلى رهينة بيدها، وألحقت ضرراً بالغاً بصورة تايلاند العالمية، إضافة إلى تورطها في أعمال العنف. ماي-توان تران ومارك ماجنير تايلاند ونيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©