الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آمال الحل في دارفور

23 مايو 2010 21:50
انتهى شهر العسل وتراجع ضوء الأمل الذي داعب كثيرين بقرب التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع بين حكومة الخرطوم وفصيل التمرد الأكبر في دارفور والمعروف باسم جماعة "العدل والمساواة"، بما يفتح الطريق نحو إخماد النار المشتعلة في دارفور. فقد توصل الطرفان قبل بضعة أسابيع إلى إطار عام للتصالح يرتكز أولا على إيقاف تبادل النيران. لكن عند التطبيق كان الفشل. فالحكومة تتهم "العدل والمساواة" بأنها لم تلتزم بإيقاف النيران وعمدت إلى توسيع مناطق نفوذها. وتدعي الجماعة عكس ذلك وتقول إن القوات الحكومية هي التي بدأت بالعدوان. وكانت آخر المعارك بين الطرفين في منطقة "جبل مون"، حيث أعلنت الحكومة أنها انتصرت على الحركة وقتلت العشرات من رجالها. لكن الحركة تنفي وتقول إن ضحايا نيران الحكومة كانوا من المدنيين الذين لا ذنب لهم. وقبل هذه المعركة كانت الحركة قد أعلنت تجميد مفاوضاتها في العاصمة القطرية الدوحة متهمة الحكومة بعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه، بل بعدم الرغبة في الوصول إلي اتفاق سلام عادل. وعلى خلفية هذا التأزم والادعاء من جانب الحركة بأن الوسطاء في الدوحة ليسوا على حيدة واستقلال تامين... ذهب زعيم الجماعة، الدكتور خليل إبراهيم، إلى القاهرة أملا في أن تكون وساطتها أنجح وأعدل حسب تقديره. وهنا تفجرت أزمة جديدة طابعها دبلوماسي، وأسبابها أن الخرطوم ترى أن استقبال القاهرة لإبراهيم في هذه المرحلة يمثل خروجاً عن العرف ولا يساعد حكومة السودان في محاولاتها إثناء خليل وجماعته عن مواصلة تمرده العدائي ضد الحكومة المركزية. واتخذ غضب الخرطوم شكلا أكثر حدة بتقديمها طلباً لمنظمة الانتربول الدولي باعتقال خليل لمحاكمته بتهمـة الهجـوم المسلح على مديـنة أم درمان. وهو أمر حدث قبل عامين وصدرت أحكام ضد المأسورين من الجماعة، بالإعدام والسجن، ثم صدر عفو من رئيس الجمهورية بإلغاء كثير من تلك الأحكام بمناسبة الوصول إلى اتفاق الإطار الأولي المشار إليه آنفاً. إن مطالبة الانتربول باعتقال خليل وهو في القاهرة ضيفاً على حكومتها كان من شأنه أن يؤدي إلى ما يشبه الأزمة بين الخرطوم والقاهرة، لكن مصر رأت أن تهدئ العاصفة وتمنع تأثيرها على علاقات البلدين، مؤكدة أن هدفها من استضافـة خليل هو محاولـة إقناعـه بمواصلة المفاوضات مع الحكومة. وقالت القاهرة رداً على بعض التعليقات الإعلامية إنها لم تفكر قط في أن تنتزع المبادرة من الجانب القطري في الشأن السوداني لتتولى هي الأمر. وبالطبع لا أحد يتوقع أن يقدم الانتربول على اعتقال الزعيم المتمرد، سواء في القاهرة أو خارجها. أولا لأن التهمة المثارة ضده حكم فيها القضاء السوداني وعفا رئيس الجمهورية عن من عفا عنهم من المقبوض عليهم فيها، ولم يستجد بعد ذلك ما يوجب القبض على زعيم الجماعة، وهو يمارس عملا سياسياً في معارضة نظام الحكم القائم في بلاده. وبعد كل هذه التطورات فإن الوسطاء في العاصمة القطرية ما زالوا يأملون في أن يعيدوا الحكومة والحركة إلى طاولة التفاوض مرة أخرى. وأعرب بعضهم عن أنه لم يفقد الأمل في عودة الطرفين للحوار وتطوير الإطار الأولي للاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار. وفي الدوحة كذلك أجرى وفد من الحكومة مفاوضات مع فصيل مسلح آخر يحمل اسم "التحرير والعدالة"، لكنه على كل حال أقل شأناً من حركة "العدل والمساواة"، وليس عنده ما لديها من نفوذ في دارفور؛ مدنياً وعسكرياً. إن الأمل في إنهاء محنة دارفور قد تراجع كثيراً. وفي ذات الوقت بدأت ملامح أزمات أخرى سيفجرها احتمال انفصال الجنوب في أوائل يناير المقبل. ولا يملك أي مراقب أمين إلا أن يحمل جميع الأطراف، الداخلية والخارجية، المسؤولية في كل ما أدى إلى الحال القائم والذي ينذر بمستقبل مأزوم للسودان. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©