الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفريقيا··· وأسعار الوقود

أفريقيا··· وأسعار الوقود
16 يوليو 2008 01:55
في الولايات المتحدة حيث يقدَّر متوسط دخل الأسرة بـ48 ألف دولار، يعد جالون بنزين بـ4 دولارت أمرا مؤلما، أما في نيجيريا، التي يعيش معظم سكانها الـ140 مليونا بأقل من دولارين في اليوم بالرغم من مكانة بلادهم كثامن أكبر مُصدر للنفط في العالم، فإن 5,50 دولار لجالون الديزل أمر صعب وقاس جدا· يدير ''دانييل إيدوكو'' محلا تجاريا صغيرا في أبوجا -عاصمة نيجيريا- ولأن الإمدادات الكهربائية في البلاد تعرف العديد من الانقطاعات والمشاكل، فإنه يعتمد على مولد كهربائي يشتغل بالديزل من أجل تشغيل الحواسيب وأجهزة النسخ والفاكس، غير أن سعر الديزل ارتفع بـ110 في المائة خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما حول مشروعه التجاري الصغير الذي كـــان مزدهــرا في وقـــت من الأوقات من مصدر للكسب إلى مصدر للمتاعب، وفي هذا السياق قال ''إيدوكو'': ''إنني أوظف ستـــة أشخـــاص وأدفــــع إيجــــار هــذا المحل والرواتب وصيانة الأجهزة··· فكم عليّ أن أكسب حتى أسترد ما استثمرته؟''! ومعلوم أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم كان وراء موجات غضب اجتاحت أفريقيا خلال الأشهر الأخيرة، حيث أثار ذلك احتجاجات وأعمال شغب امتدت من زامبيا إلى السنغال، ومن تنزانيا إلى النيجر، واليوم جاء ارتفاع أسعار الوقود ليزيد من الغضب والاحتقان، فيوم الجمعة خاض سائقو الشاحنات الصهاريج التي تنقل الديزل في نيجيريا، التي تعد أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان، إضرابا عن العمل احتجاجا على ارتفاع أسعار الديزل وسوء حالة الطرق في خطوة قد تصيب الاقتصاد بالشلل· والواقع أن أسعار الوقود في أفريقيا تعد موضوعا أقل عاطفية مقارنة بأسعار المواد الغذائية إذ يستحوذ الطعام على 50 في المائة أو أكثر من ميزانية الأسر، ولأن معظم الناس لا يتوفرون على سيارات، فإن سعر الغازولين لا يصبح ذا أهمية كبيرة إلا بعلاقته بسعر الرحلة عبر الحافلة أو سيارة الأجرة، والحال أن أسعار هذه الأخيرة تعرف ارتفاعا أيضا، ففي ناميبيا هذا الأسبوع زاد سائقو الحافلات وسيارات الأجرة أسعار الرحلات بـ10 في المائة بعد سادس زيادة في أسعار الوقود في البلاد هذا العام، وفي السنغال، أصبح سعر الرحلة على متن حافلة صغيرة، والتي كانت تكلف من قبل 50 سنتا، ضعــف هذا المبلــغ· وعلاوة على ذلك، فإن أسعار الوقود تلتهم أجزاء كبيرة من أرباح الشركات في أفريقيا ؟حيث يَعول شخص واحد أحيانا عشرة أشخاص أو أكثر- وهو ما يزيد من معاناة بعض من أشد الفئات فاقة وعوزا في العالم، فقد ارتفعت الأسعار بشكل سريع إلى درجة أنها باتت تهدد بتقويض الطفرة الاقتصادية الفتية التي بدأت تعرفها القارة، والناتجة في المقام الأول عن ارتفاع أسعار الموارد الطبيعية التي تصدرها العديد من بلدان القارة، وفي هـــذا الإطــــار قــــال ''بينيديكت كريستنسـن'' -مدير قسم أفريقيا بصندوق النقد الدولي بالوكالة- للصحافيين: إن صدمات الأسعار أدت إلى ارتفاع كلفة الواردات في أفريقيا، وهو ما يضعف النمو· في السنغال، حيث توليد الطاقة يعتمد بشكل رئيسي على الديزل، تكافح شركة الكهرباء التابعة للدولة من أجل تأمين إمدادات كهربائية متواصلة إلى مناطق عدة من البلاد، ويقول ''عمر'' -خياط يقتسم محلا كبيرا مع عشرات الحرفيين في دكار-: إن الكهرباء تنقطع عادة لمدة نصف يوم، وهو ما يؤثر كثيرا على دخله، ويضيف: ''من الصعب جدا العمل بهذه الطريقة، لدي أشخاص في البلدة يعتمدون عليّ؛ ولذلك، فإنني أحاول التعاطي مع الأمر''· أما البلدان التي تحدد أسعار الوقود على الصعيد الوطني، فقد اضطرت أمام النفقات الضخمة للواردات إلى رفع الأسعار، حيث قامت بوروندي مؤخرا، وهي دولة صغيرة وفقيرة عانت من الحرب الأهلية والمذابح الجماعية، بزيادة أسعار الوقود بـ8 في المائة، وفي ساحل العاج -الذي كان يعد قوة اقتصادية إقليمية في وقت من الأوقات والذي يسعى اليوم للتخلص من آثار الحرب الأهلية- ارتفعت أسعار الوقود هذا الأسبوع إلى أكثر من 7 دولارات للجالون· أما في نيجيريا، حيث بدد الفساد وسوء الحكم 400 مليار دولار من أربـــاح النفط على مدى الأربعين سنـــة الماضية حسب بعض التقديرات، فإن الجازولين الرخيص حق من حقوق المواطنة، غير أن مصافي نيجيريا المهترئة والمتقادمة لا تستطيع إنتاج ما يكفي من الغازولين لتغطية حاجيات السوق الداخلية، ونتيجة لذلك، تستورد البلاد نحو 4 مليارات دولار في العام من المنتجات البترولية، والواقع أن الإعانات الحكومية ساهمت في الحفاظ على سعر الغازولين العادي في نحو دولارين للجالون، إلا أن سعر الديزل، الذي يعد ضروريا للشركات ووسائل النقل الثقيلة، ارتفع بسرعة كبيرة، وفي هذا السياق يقول ''دنيس مبانغ'' -صيدلي بمستشفى عسكري في لاجوس-: ''إن كلفة الديزل مرتفعة جدا إلى درجة أننا لم نعد نستطيع استعمال المولدات''، مضيفا ''الرجل العادي يعاني، فالثروة موجودة، والنفط موجود، ولكن الناس تعاني''· في ليبيريا، التي تعد واحدة من أفقر بلدان العالم بعد 14 عاما من الحرب الأهلية، تلتهم أسعار الوقود والطعام المرتفعة كل احتياطات العملة الأجنبية في البلاد تقريبا، أما في غانا، التي تتوفر على واحـــد من أفضل اقتصاديات منطقة غرب أفريقيا، فإن ارتفاع أسعار النفط يكلف البلاد، حسب صندوق النقد الدولي 8,1 في المائة من الناتج الداخل الخام· ليديا بولجرين- السنغال ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©