الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما و ماكين فك الارتباط دون شروط

أوباما و ماكين فك الارتباط دون شروط
16 يوليو 2008 01:56
دأب ''باراك أوباما'' في الآونة الأخيرة على التأرجح بين متطلبين اثنين فيما يتعلق بالسياسة الأميركية في العراق، فمن جهة يحتاج إلى إعادة تعديل خطته للانسحاب التي بلورها قبل 18 شهراً لتتأقلم مع التغيرات الميدانية خلال السنة الأخيرة حتى يؤمن التفويض الشعبي لتطبيق سياسة معقولة لو أصبح رئيساً، ولكن من جهة أخرى يحتاج ''أوباما'' إلى الحفاظ على قاعدته المناهضة للحرب وعدم تبديد ذلك الاختلاف الواضح بين استراتيجيته الخاصة وتلك التي يتبناها ''جون ماكين''، فمع حلول الشهر الجاري واحتدام التنافس في الانتخابات العامة بدأ ''أوباما'' يدرك أنه من الصعب عليه الخروج من معضلته وتطوير موقفه الدقيق كي لا يظهر على أنه انقلب على آرائه السابقة ويضيع بالتالي قاعدته الانتخابية· وعندما أشار تلميحاً فقط إلى أنه ''سيعدل قليلا'' من سياسته بالاعتماد على ''معلومات إضافية'' من ''القادة العسكريين في الميدان''، جاء رد الفعل عنيفاً إلى درجة اضطر معها إلى عقد ندوة صحفية في اليوم ذاته الذي ألمح فيه إلى إمكانية التعديل، لينفي أي خطة للتخلي عن سحب القوات الأميركية من العراق خلال 16 شهراً من توليه منصب الرئاسة· فما الحل إذا؟ الطريق السهل أمام ''أوباما'' الآن للخروج من معضلة العراق بأقل الخسائر هو التمسك بالجدول الزمني للانسحاب الذي حدده في حملته الانتخابية، لكن مع تغيير ذكي في التبريرات -وقد شرع بالفعل في ذلك-، ففيما كان يصر في السابق على أن إخراج قوات بلاده ضروري لتجنيبها الانخراط في ''حرب طائفية'' في العراق، بدأ يقول اليوم إن الانسحاب ضروري لأنه ينسجم مع ''الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار''، وأعتقد أنه يمكن الجزم اليوم-بما يكفي على الأقل لمرور الحملة الانتخابية بسلام- أن بقاء القوات المسلحة لن يكون ضروريا لحفظ الاستقرار أواسط العام ،2010 لكن هناك ما هو أفضل بالنسبة للمرشح ''أوباما'' دون الحاجة إلى التلاعب في الخطاب والمفردات، بأن يلتزم بالصراحة حول الوضع في العراق ويشير دون مواربة إلى رهانات الحرب، لكن في نفس الوقت الحفاظ على مسافة بعيدة من مواقف ''ماكين'' التقليدية، والأكثر من ذلك أن هذا الحل هو نفسه الذي اجترحه مساعدو ''باراك'' ومستشاروه في شؤون الدفاع· فكما أوضحت ذلك ''ميتشال فلورنوي''، و''كولين كال''، و''شون بريملي'' من مركز ''الأمـــن الأميركي الجديد'' ستركز الاستراتيجية الجديدة على الاختلافــــات الجوهريـــة بين المرشحين الرئاسييـــن التي لا ترتبط بانسحاب القوات الأميركية من العراق بقدر ما تتعلق بالدور الذي يتعين على الولايات المتحدة النهوض به بعد خمـــس إلى عشر سنـــوات مـــن الآن· وفي هذا السياق تشير ''فلورنوي''، المسؤولة البارزة في البنتاجون خلال إدارة الرئيس ''كلينتون'' إلى أن الاختلافات بين ''أوباما'' و''ماكين'' على المدى القصير هي وهمية في الأساس، إذ في كل الأحوال سيرث الرئيس المقبل للولايات المتحدة نفس عدد القوات في العراق التي تتراوح بين 130 و140 ألف جندي، الأرجح أن كلا المرشحين إذا ما أصبحا رئيسين سيقومان بتقليص ذلك العدد إلى 100 ألف بحلول عام ،2009 لأن ''ماكين'' سيحتاج إلى إرسال تعزيزات إضافية إلى أفغانستان، حيث الوضع الأمني آخذ في التدهور· و''أوباما'' الذي يدعو إلى سحب عدد أكبر من القوات سيجد الأمر صعباً للغاية، لا سيما إذا أراد سحب أكثر من خمسة ألوية خلال سنته الأولى، وهو ما توضحه ''فلورنوي'' بقولها ''هناك قيود على وتيرة السرعة التي يمكن بها سحب القوات الأميركية دون السقوط في الفوضى''، لكن ذلك لا يعني أن سياسة ''أوباما'' في العراق ستكون نسخة طبق الأصل من تلك التي يعتمدها ''ماكين'' بحلول العام ،2009 فقد لاحظنا كيف بدأ ''نوري المالكي'' ومسؤولون بارزون في حكومته يتحدثون عن التفاوض حول جدول زمني للانسحاب بسقف لا يتعدى ،2011 أو ،2012 وهو ما يتجاوز النقطة التي حددها ''أوباما'' للانسحاب، لكنه يقف قبل سقف ''ماكين'' المحدد في ،2013 وهنا تتوقع ''فلورنوي'' رد المرشح ''ماكين'' الذي من المرجح أن يطلب من العراقيين ''إقناعنا بضرورة مغادرة العراق''، فيما سيلتف ''أوباما'' من الناحية المقابلة ليطلب من العراقيين: ''أقنعونـــا بالحاجـــة إلـــى البقـــــاء أطـــول''· والواقع أن ما تركز عليه الفكرة التي أتى بها فريق ''أوباما'' هي ضرورة الانفتاح على العراقيين، بحيث يتحول الحديث عن الانسحاب من العراق إلى مسألة متفاوض عليها مع الحكومة العراقية، وليس أمراً يُملى عليهم من واشنطن· ومن هذا المنظور يصبح أي تمديد لمهمة القوات الأميركية في العراق مشروطا بتحقيق تقدم سياسي مثل إقرار ''المالكي'' لمصالحة حقيقية مع القادة السنة· ويُطلق الخبراء من الجانب ''الديمقراطي'' على هذه المقاربة اسم ''الانخراط المشروط'' في مقابل ''الانخراط غير المشروط'' الذي يدافع عنه ''ماكين''، أو ''فك الارتباط بدون شروط'' الذي أصر عليه ''أوباما'' في البداية· وبالطبع يتطلب إشراك العراقيين في مناقشة مسألة الانسحاب وطرحها معهم على طاولة التفاوض تغيراً ملموساً في موقف ''أوباما''، لكن الأهم من ذلك هو ضرورة فتح النقاش حول طبيعة الدور الأميركي في العراق بعد انتهاء الحرب· وفي المقابل لن يقبل ''أوباما''، حتى في حال تعديل سياسته، الاحتفاظ بوجود طويل للقوات الأميركية في العراق على أساس أن أي قاعدة طويلة الأمد ستكون أضرارها أكثر من منافعها، وهي نقطة الاختلاف الجوهرية التي إن استغلها ''أوباما'' ستكفيه حرج التوافق مع ''ماكين'' ليحافظ على قاعدته الانتخابية المناوئة للحرب· جاكسون ديل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©