الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرهاب··· البعبع

16 يوليو 2008 01:57
لقد كرر السناتور والمرشح الرئاسي الجمهوري ''جون ماكين'' كثيراً القول: إن التطرف الإسلامي يمثل المهدد الأمني الأشد خطراً الذي نواجهه اليوم، لكن وقبل أن نسارع بقبول هذا الاعتقاد، يتعين علينا التثبت من طبيعة الخطر الذي نواجهه بالفعل، وفيما لو تحققنا منه، فسوف نكتشف لأي مدى سمحنا لهذا الخطر بأن يسمم حياتنا ويستنزف مواردنا دون مبرر، ذلك أن ''الحرب الدولية على الإرهاب'' التي أعلنتها إدارة بوش، أدت لاستدعاء كل الوجوه الإرهابية المختبئة في الكهوف ووراء الأشجار، ودعت بلادنا إلى حشد كامل ترسانتها الحربية، بينما ساومنا في أهم القيم والقوانين التي جعلت منا أمة ذات شأن ووزن· وانهمكت الإدارة حتى أذنيها في مكافحة من تعتقد أنهم إرهابيون يمثلون خطراً جدياً ووشيكاً علينا، وبالنتيجة أزهقت أرواح الآلاف من جنودنا، بقدر ما أزهقت أرواح عشرات الآلاف من الأجانب· وبصفتي عميلاً سابقاً بوكالة سي آي إيه، فقد أمضيت 23 عاماً من العمل السري المعني بمكافحة المخاطر الأمنية التي تتهدد بلادنا· وبحكم تلك السنوات الطويلة من العمل الاستخباراتي، فقد كنت طرفاً في إعداد الكثير من التقارير والوثائق التي تقيّم تلك المخاطر، بل كرست عدداً من السنين لمحاولة فهم طبيعة ومدى خطر التطرف الإسلامي على أمن أميركا· وبالطبع، فإن علينا أن نرفع من شأن أولئك الذين يضحون بأرواحهم فداء لنا ولأميركا إلى مصاف الأبطال، وضمن هذا الواجب، ينبغي علينا جميعاً أن ''نقدم دعمنا للجنود المقاتلين''، غير أن الخطوة الأولى التي ينبغي للقائد العسكري أن يخطوها: فهم العدو الذي يقاتله، وهذا ما يدعوني إلى حث القائد الأعلى للجيش القادم، على أن يبني استراتيجيته الخاصة بمكافحة خطر التطرف الإسلامي على الحقائق التالية؛ أولاها: لا يمثل أسامة بن لادن وأتباعه سوى أشباح لشخصيات ضئيلة، ضخمناها نحن وجعلنا منها هذا ''البعبع'' المرعب، بفعل ترويجنا للخوف منها، وعلى رغم صحة القول إن تنظيم القاعدة يظل التنظيم الجهادي الوحيد القادر على توجيه ضربة إرهابية لأميركا في عقر دارها، وإنه يدبر مخططاته هذه من معقل قياداته في منطقة وزيرستان الباكستانية، إلا أنه يظل صحيحاً بالقدر نفسه أن للتنظيم عناصر قليلة جداً قادرة على التخطيط والتنظيم وقيادة العمليات الإرهابية، وبذات القدر تظل ضئيلة احتمالات شنه هجوماً كيماوياً أو بيولوجياً أو نووياً علينا· وعلى المدى المتوسط، فإن أقصى ما يستطيع التنظيم شنه علينا من هجمات، لن يتعدى استخدامه للمتفجرات التقليدية· ثانياً: هناك من التنظيمات والجماعات الإقليمية التي تربط نفسها على نحو أو آخر بتنظيم القاعدة، ولها من القدرة ما يدفعها لاستهداف المصالح الأميركية خارجياً، أو المجتمعات التي تنشط فيها، إلا أنه لن يكون في وسع أي منها استلام السلطة في البلدان التي تنشط فيها، رغم قدرتها على إزهاق أرواح عدد من أفراد تلك المجتمعات، عن طريق الهجمات المتفرقة التي تشنها عليها· ثالثاً: سيستمر تواجد عدد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية في المجتمعات الغربية، التي تنهج نهج تنظيم القاعدة وأساليبه في شن العمليات، على غرار الهجمات التي شنت على العاصمتين البريطانية والإسبانية، إلا أن نشاطها يظل قاصراً على تلك الحدود، ولن يكون في وسعها شن هجمات ذات طابع دولي· رابعاً: لم يكن 11 سبتمبر ضربة البداية لخطر التطرف الإسلامي، فقد ظلت المجتمعات الإسلامية على اضطراباتها ومشكلاتها التي أسهمت في تفريخ مجموعات شتى من القتلة والإرهابيين على مر العقود والسنين، وعلى رغم الجهود المقدرة التي نبذلها نحن وحلفاؤنا في مكافحة هذه المجموعات، إلا أنه لن يكون في وسعنا تحييدها جميعاً، ووضع حد للخطر الذي تمثله· وعليه فإني أختتم تعليقي هذا بالسؤال: لماذا تبدو هذه الآراء مناقضة جداً لتلك التي تحملها إدارة بوش، المبادرة إلى شن الحرب على الإرهاب الدولي؟ والإجابة هي أن الإدارة لم تسمع من المعلومات الاستخباراتية إلا ما أرادت سماعه، وبذلك فهي تحور المعلومات وتمارس ضغوطاً متواصلة على العمل الاستخباراتي المحايد، بما ينسجم وخدمة تصوراتها المسبقة عن الوضع الأمني لبلادنا، والواجب علينا أن نكف عن إيهام أنفسنا بخطر إرهابي جدي محدق بأمن بلادنا وسلامتها· جلين· إل· كارلي محلل سابق في الـ سي آي إيه ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©