الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق... وخطر الانجراف نحو الديكتاتورية

26 مارس 2012
كان حلفاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وخصومه متعادلين في نقده هذا الأسبوع حيث وصفوه صراحة بأنه سياسي"مستبد"، فشل في المحافظة على الوعود التي قطعها على نفسه. وقد تمكن المالكي الموجود في السلطة منذ عام 2006 من بناء مصداقيته، من خلال إظهار قوته كزعيم، بيد أنه كثيراً ما ووجه باتهامات بأنه يقبض في يده على صلاحيات أكبر من اللازم مكنته من السيطرة على قوات الأمن، والقضاء، ومؤسسات الدولة، وهي اتهامات تزايدت بشكل ملحوظ منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق في ديسمبر الماضي. لكن وعلى الرغم من حالة الانشقاق المتزايد داخل حكومته الهشة، فإن وضع المالكي يبدو قوياً حيث يقوم بتهميش خصومه، ويسعى من أجل تفريق الكتل السياسية، بما يمكنه من تجنب التحديات التي يمثلها أعداؤه، وتمكنه من بناء ما يصفه النقاد بـ"نظام أبعد ما يكون عن ذلك النظام الديمقراطي"، الذي كان الأميركيون يأملون في إقامته في العراق. خلال هذا الأسبوع هدد بعض أعضاء كتلة "العراقية" التي يقودها خصمه السياسي الرئيسي"أياد علاوي" بالانسحاب من البرلمان، بسبب شعورهم بالإحباط -كما قالوا- جراء التأجيلات المتتالية لمؤتمر المصالحة السياسية. ويوم الاثنين الماضي، تظاهر أتباع رجال الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر المتحالف مع المالكي، في مدينة البصرة مطالبين بتحسين الخدمات، وحاملين نعشاً مكتوباً عليه كلمة "ديمقراطية". وفي خطاب عنيف يوم الثلاثاء الماضي بدا "مسعود بارزاني" رئيس إقليم كردستان شبه المستقل وكأنه يتحدى رئيس الوزراء العراقي مباشرة، حينما قال إن اتفاقية تقاسم السلطة عام 2010 بين الكتل السياسية العراقية الرئيسية قد باتت "غير موجودة وعديمة المعنى تماماً الآن"، لأن "المالكي" لم يحترمها. وقال "برزاني" في معرض تعبيره عن المخاوف القائمة منذ وقت طويل بشأن سيطرة الموالين للمالكي على أجهزة الأمن:"هناك محاولة لتكوين جيش يبلغ عديده مليون جندي يكون ولاؤه لشخص واحد فقط". ويقول مسؤولون ومحللون إن هناك مبررات لبعض الاتهامات ضد المالكي، من هؤلاء"صباح السعدي" عضو البرلمان المستقل، الذي ترأس في السابق "لجنة مقاومة الفساد" الذي قال مؤخراً:" نعتقد أن الدولة متجهة نحو ديكتاتورية جديدة، ليس من خلال القبضة الحديدية، أو القتال، وإنما من خلال الإجراءات القانونية". ورأى"السعدي" أن الأشخاص المحيطين بالمالكي هم الذين زينوا له اختلاق تهم فساد ضد أعدائه، وأن المالكي قد ضغط على المحكمة الاتحادية العليا كي تجعله قادراً على إحكام قبضته على لجنة مقاومة الفساد. وخلال العام الماضي اتهم أعضاء كتلة "العراقية" المالكي بإساءة استغلال النظام القضائي، وهو اتهام عزز منه التهم الأخيرة التي وجهها المالكي لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالتورط في أعمال الإرهاب، وهو ما أنكره الأخير الذي فر إلى إقليم كردستان العراقي. وتلك التهم وجهت لـ"الهاشمي" عقب مقابلة تلفزيونية مع نائب رئيس الوزراء صالح المطلك اتهم فيها المالكي بالديكتاتورية، وهو ما دفع المالكي إلى مطالبة البرلمان بنزع الثقة عن المطلك ومحاصرة داره بالدبابات، مما دفعه للمغادرة إلى الأردن حيث لا يزال موجوداً حتى الآن. وقد تفاقم التوتر بين " الكتلة العراقية" و"دولة القانون" عندما اتهم الهاشمي الحكومة بعد ذلك بتعذيب أحد حراسه في السجن حتى الموت، وهو ما نفاه "هادي الأسدي"عضو كتلة المالكي بقوله إن الحارس مات بسبب مضاعفات مرض الكلى، وأن المالكي ليس حاكماً مستبداً كما يتهمه خصومه، بل يتخذ كافة قراراته بالتشاور مع البرلمان، وإنه فيما يتعلق بموضوع الهاشمي، فإن القضاء العراقي هو الذي أصر على إصدار أمر القبض عليه على الرغم من عدم رغبة المالكي في ذلك. من جهة أخرى قام حزب "الصدر" السياسي الذي دعم المالكي كرئيس وزراء في ديسمبر 2010 بالانقلاب عليه أيضاً، حيث تجمع عشرات الألوف من أنصار الزعيم الشيعي في شوارع مدينة البصرة يوم الاثنين الماضين مطالبين بتخصيص قدر أكبر من الموارد للمحافظات. ويشار إلى أن أعضاء "كتلة الصدر" في البرلمان، يوجهون انتقادات عنيفة لرئيس الوزراء بل إن الصدر نفسه أدلى بتصريح مؤخراً أشار خلاله بشكل غير مباشر إلى مشكلة الديكتاتورية في العراق. وعلى الرغم من غضب خصوم المالكي وانتقاداتهم، نجح المالكي في المحافظة على قوة مركزه، وهو ما يرجع جزئياً إلى عجز خصومه، عن توحيد صفوفهم في مواجهته. حول هذه النقطة، يرى "جوست هيلترمان" من "مجموعة الأزمات الدولية" أنه بعد أن قام المالكي بحملته العسكرية الناجحة ضد الميليشيات في البصرة عام 2008، التي عززت من موقفه السياسي لحد كبير، ظل منافسوه يحاولون منذ ذلك الحين التوحد سوياً للعمل ضده، ولكنهم، كما يقول" فشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً وهو ما يرجع جزئياً إلى وجود اختلافات جوهرية فيما بينهم أبرزها الاختلاف بين الأكراد وبين "الكتلة العراقية". وهذا الخلاف يرجع إلى أن معظم أفراد "العراقية" ينحدرون من مدن ومناطق في شمال العراق متنازع عليها بين حكومة كردستان الإقليمية والحكومة المركزية في بغداد، وهو ما يؤدي لمشكلات حادة وصدامات تقع من آن لآخر. ويرى "هيلترمان" أن حالة انسداد الأفق السياسي السائدة حالياً في العراق، قد تستمر في الوقت الراهن ما لم يتمكن منافسو المالكي من التوحد سوياً وشن هجوم منسق لمواجهة سلطته. وبخلاف ذلك سيستمر المالكي في السلطة حتى الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها عام 2014 وهي انتخابات يمكن له أن يخوضها من أجل الاستمرار في منصب رئيس الوزراء لولاية ثالثة، إذ ليس هناك في الدستور العراقي الحالي ما يحول دون ذلك. أليس فوردهام - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©