السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أربعة شعارات في أربع لغات

أربعة شعارات في أربع لغات
3 يناير 2008 00:26
ظهر الشعار التاريخي الأول في إنجلترا تحت عنوان ''التأريخ من الأسفل''، يهتم بالتأريخ للعوام، ويبحث في نصوص كتبت من وجهة نظر الناس العاديين، وكان هذا الشعار مطوراً لحقل التاريخ المعاصر، محدثاً ثورة حاسمة في الكتابة التأريخية، لقد جاء هذا الاتجاه ليقاوم التأريخ النخبوي الذي أهمل الجماهير العادية، وسجل وعي الطبقات السائدة وثقافتهم فحسب· وقد كان هذا الشعار محفزاً لظهور التأريخ الشفاهي الذي يعطي الفرصة للناس العاديين مثل الطبقات العاملة والفلاحين والمرأة ليصفوا خبرتهم عن العمليات التاريخية بكلماتهم الخاصة· وكانت النتيجة تنوع اللغة التأريخية لأنها تحمل خبرة الفلاحين والطبقات المهمّشة والنساء· أما الشعار الثاني فهو بالإيطالية ''الميكروستوريا'' فيمكن ترجمته بالميكرو تأريخ، أي الاهتمام بتاريخ الجماعة الصغيرة جداً أو حتى المكان الصغير، مثل القرية والشارع والعائلة والفرد، أو فحص الوجوه في الزحمة، بحيث تسمح لهذه الوجوه المنسية والمغيبة والضائعة بأن تدخل التأريخ الاجتماعي· وقد وضع هذا التأريخ على الخريطة كارلو جينزبورج وعمانويل لي روي في السبعينات· لقد شكلا مدرسة تأريخية على الرغم من أن المؤرخين التقليديين أدانوهما بتهمة معاداة الأشياء الأثرية، وقد حاول جيفاني ليفي سنة ،1991 أن يدافع عن هذا النوع من التأريخ قائلاً إن القوانين الاجتماعية والسياسية غالباً ما تخفق عند ممارستها، ولذلك فإن الأفراد يصنعون مسافات لأنفسهم في التصدعات بين المؤسسات· أما النزعة الثالثة فقد ظهرت بالألمانية تحت شعار ءٌٌُّفهَّهمَّكوىكوُّم، وتعني التأريخ للحياة اليومية، ومن أهم مؤسسيها ألفريد سكوتش وارفينج كوفمان وهنري ليفبيفر وميشيل دي كرتيه، وهي تسعى إلى أن تدخل الحياة اليومية والخبرة الإنسانية في التأريخ الاجتماعي، وقد رأى أيضاً المؤرخون النخبيون بأن هذا النوع من التأريخ تافه ويهمل السياسة، لكن أصحابه يرون بأن التوافه هذه قد تكون علامات على التغييرات المهمة التي لا نبصرها بشكل مباشر· أما الشعار الأخير أو النزعة الأخيرة فهي فرنسية ويطلق عليها ''تاريخ التخيّلات''، وهي لا تهتم بأفكار الفلاسفة والمنظرين الكبار، وإنما تحاول التأريخ للرؤى اليومية وعادات التفكير والفرضيات غير المعبّر عنها في التلفظات أو المسكوت عنها، وهذه العناصر تشكل التاريخ الثقافي بالنسبة لهؤلاء· ظهرت هذه المقاربة في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين· والمؤرخون الذين ينتمون إلى هذه النزعة يظهرون اهتماماً متزايداً بالتمثيلات الذهنية والمرئية والأدبية، تلك التي يطلق عليها في الدراسات الثقافية التشييد والإنتاج الاجتماعي وابتداع التقاليد، أي أن هؤلاء المؤرخين لا يرون الجماعات والمجتمعات بوصفها مشيّدة عن طريق بنى موضوعية وجامدة، وإنما يرونها بوصفها مجتمعات متخيلة· وبإجمال فإنني أرى في هذه الأشكال التأريخية ذاتية معبرة عن الوجود، فلماذا تهمل هذه الأشكال التأريخية، ونستعرض المنظور التاريخي للوجود المحلي بخطاب استرجاعي، وبلغة غير جذّابة في سرد غير مشوّق، وعلى الرغم من أن التاريخ يتغير، والجغرافيا تتغيّر، إلا أن تاريخنا المحلي يحتاج إلى استخدام واحد من هذه الشعارات· ali@althakerah.net
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©